الصراع بين أهل الأرض لا يتوقف لإستكشاف كافة أسرار الكون وتفسير الظواهر الطبيعية والفلكية ، في عالم يعج بالمتغيرات المتسارعة وأصبح أهم مؤشرات الرقي والتقدم العلمي، و من أهم مزايا هذا التنافس الأممي صقل أبحاث علوم الفضاء والمستقبل وإستراتيجيات الغرس الحضاري،واستمرار المساعي العلمية لحل طلاسم العديد من المعضلات الكونية وتفسير لكثير من الظواهر المحيرة، والمساهمة في حل مشكلات البيئة والتغيرات المناخية.
كما تتباري الدول المتقدمة في توظيف كافة تقنيات الأقمار الصناعية وأجهزة الإستشعار عن بعد والتقنيات الرادراية المتطورة ، لتقديم العديد من الخدمات العلمية والبحثية والتنموية علي دنيا الأرض، لكن الخطروالمقلق أن يتحول هذا الصراع المحموم لحروب فضائية بين الكبار، تأكل الأخضر واليابس ويصبح ورقة إستراتيجية في تشكيل النظام العالمي الجديد علي الأرض!
وفي سباق عالم الفضاء الرحب تسعي دول العالم شرقا وغربا لإماطة اللثام عن أسراره وخباياه ،بما يحوي من كواكب وعوالم أخري، كما يستهوي هذا العلم الشيق ،الكثير من الباحثين وعشاق المغامرة ،بل وخيالات مؤلفي الروايات،ويذهب البعض إلي أن هناك كائنات ومخلوقات أخري تعيش في المريخ،وفي كواكب أخري وهناك من يبحث بشغف عن سر الأطباق الفضائية التي تظهر وتختفي فجأة.
وتحاول الدول الكبري إثبات وجودها بصورة متواصلة ومستمرة وحجز مقعد دائم في دنيا التفوق الحضاري الإنساني.. ويبدو أن الصراع الأممي الإستراتيجي ، سينتقل تدريجيا من دنيا الأرض إلي عالم الفضاء الرح، ورغم تأجيل إطلاق المحطة الفضائية الصينية بعد كارثة الصاروخ الجامح الأخيرة، وخروجه عن السيطره إلا أن قناعاتي التي تدعمها شواهد الأحدث تؤكد أن الصين تواصل مساعيها للهيمنة ومناطحة الكبار فوق الأرض وفي الفضاء وفي استكشاف كوكب المريخ ، فبعدها هبط المسبار الصيني علي سطح كوكب المريخ، وبدأ في إرسال صور لصخور الكوكب الأحمر لتنضم الصين لدول الولايات المتحدة وروسيا والمحطة الفضائية الأوربية، والهند.
ومنذ عدة أسابيع أعلنت روسيا أحد أقطاب الدول الكبار أنها تعد لإطلاق مركبة فضائية جديد هدفها إنتاج عمل روائي طويل يضم عددا من الفنانين والمخرجين والمصورين.
واتخذ صراع وحرب الفضاء صورا أخري بما يسمي عسكرة الفضاء ،فهناك مخاوف متبادلة وتراشق بين روسيا والصين من ناحية والولايات المتحده وحلفائها من جانب آخر حول الأنشطة العسكرية الفضائيه ،وكان آخرها منذ يومين تفجيرات لقمرين صناعيين خارج الخدمة أجرتها روسيا مؤخرا وأدانتها أمريكا بشدة واعتبرتها تجربة عسكرية ورسالة مقصودة لمن يهمه الأمر ،وأكدت وكالة الفضاء الأمريكية، تناثر حطام التفجيرات الروسبة واعتبرها البعض ردا علي تدشين واشنطن لمنظومة جديدة لحروب الفضاء وإنشاء قوة عسكرية فضائية نوعية عام 2019،هدفها تنفيذ مهام أستخبارتية وإستراتيجية خاصة.
وعلي المستوي العربي التي أطلقت الإمارات العربية المتحدة العام الماضي يوليو 2020 مسبار “الأمل” في رحلة استكشافيه مدتها سنة مريخية (سنتين تقريبا من سنوات الأرض) ،ودخل المدار المستهدف في فبراير 2021.، لتنضم لأعضاء النادي الفضائي الدولي وتواصل نجاحات العلمية المشهودة ، رغم إخفاقاتها السياسية المتتابعة.
وتبقي أحلام وتطلعات دول المعمورة مرهونة برغبة الدول الكبري بثقلها الإقتصادي والسياسي، ومدي تعاونها لإنقاذ البشرية من تداعيات المشكلات والأزمات المتتالية ،والسيطرة علي الأوبئة الأممية وإقامة العدل وتحقيق الأمن والتنمية المستدامة لأهل الأرض.
وتتجد الآمال قبل أن تنطلق للمريخ وتنفذ من أقطار السموات بالأرض بسلطان الفكر والعلم والحضارة. . وكما يقول رب العزة في محكم كتابه يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض ، فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) ، وقد فسره البعض بسلطان بإرادة رب السماوات والأرض عزوجل وسلطان العلم.
إنه حقا صراع من نوع جديد ،حافل بالألغاز واللوغاريتمات والأسرار والتفوق العلمي والثووة التكنولوجية المبهرة، وتبقي الإشارات الكونية لعظمة خلق الله، فيكفي أن أن نعلم أن المسافة التي قطعها مسبار الصين حتي يهبط علي سطح كوكب للمريخ تزيد عن 130 مليون كيلو متر ، في أقرب نقطة بينما أقصي مسافة تصل إلي 400 مليون كيلو متر.. إنه عالم الفضاءالذي لا تتوالي قفزات علومه ،ولا تنقضي عجائبه ،وأمسي أهم روافد الحضارة والإبداع الإنساني.