تفقدت الدكتورة سلوى الراعى، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية بمحافظة كفر الشيخ، اليوم الخميس، مسجد العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام والشهير بمسجد «أبو غنام» الأثرى بمدينة بيلا، المُسجل ضمن الآثار الإسلامية بالقرار الوزارى رقم 551 لسنة 2001م، بهدف الاطمئنان على أحوال المبنى الإنشائية.
وحرصت «الراعى»، على زيارة مسجد «أبو غنام»، للوقوف على حالة المسجد الأثرى، والتعرف على كل ما يحتاجه من أعمال صيانة وترميم، وذلك عقب مرور أيام قليلة على قرار مديرية أوقاف كفر الشيخ بغلق المسجد، على خلفية تسرب مياه الأمطار من السقف الخشبى للمسجد.
وأكدت «الراعى»، إن مسجد «أبو غنام» يُعد من المساجد الأثرية الهامة فى محافظة كفر الشيخ، وأن المسجد تأثر على مدى تاريخه بعوامل بيئية ومُناخية عديدة أثرت على سلامته الإنشائية، فتآكلت جدرانه من الداخل والخارج بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة، وتعرضت أجزاء من السقف للانهيار، فضلاً عن حالة الإهمال الشديد التى تعرض لها المسجد فى أعقاب ثورة 25 يناير عام 2011م، مما أدى إلى تهالك أجزاء عديدة منه.
وأشارت «الراعى»، إلى قيام لجنة فنية من وزارة السياحة والآثار بمُعاينة المسجد مُنذ فترة، وأوصت بسُرعة ترميمه وبالفعل تم عمل مُقايسة هندسية وتقديمها للأوقاف فى نهاية شهر يناير من عام 2021م الماضى، وتم المُوافقة عليها من قبل وزارة الأوقاف، مشيرةً إلى أنه قد تم إدراج المسجد فى خطة 2021 – 2022م، وجارى طرح المُناقصة عن طريق وزارة الأوقاف، ومن ثم بدء عملية الترميم، للمحافظة على هذا الأثر الفريد من نوعه، وحماية أرواح المُصلين الذين يترددون على المسجد يومياً لأداء الصلوات الخمس.
جدير بالذكر، أن مديرية الأوقاف بمحافظة كفر الشيخ، كانت قد قرّرت يوم الخميس المُوافق 6 يناير، غلق مسجد العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام والشهير بمسجد «أبو غنام» الأثرى بمدينة بيلا، بناءً على تقرير الإدارة الهندسية، وذلك بعد تسرب مياه الأمطار من سقف المسجد خلال موجة الطقس السيئ الأخيرة، وخطورة وضع المسجد خلال الفترة الحالية.
وجاء قرار غلق مسجد «أبو غنام» حفاظاً على سلامة وصحة رواده من أهالى مدينة بيلا، ولدرء الخطر عنهم، ولحين بدء ترميمه بالتعاون بين وزارتى الأوقاف والسياحة والآثار.
ويرجع تاريخ إنشاء مسجد العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام، أحد الأولياء الصالحين الذى عُرف عنه التقوى والصلاح وله كرامات عظيمة، إلى عام 700 هجرية، وبالتحديد فى العصر المملوكى الشركسى، ليكون تُحفة معمارية، بعد أن تُوفى رضى الله عنه عام 632 هجرية عن عُمر يُناهز 67 عاماً، ودُفن بمقامه المشهور بمسجد «أبو غنام»، بمدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ.
ولم يكُن المسجد فى البداية هكذا، بل كان على شكل خلوة بجوار القبر، ثم تحولت إلى زاوية للمُريدين ومُحبى القطب الصوفى العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام، ثم بُني المسجد والقُبة والمأذنة والمقصورة النحاسية حول الضريح وذلك فى عهد الخديوى إسماعيل، وذلك بعدما أمرت «خوشيار هانم»، والدة «إسماعيل»، بتجديد المسجد، ضمن عدد من مساجد الأولياء على مُستوى الجمهورية، حتى أصبح أكبر مساجد مدينة بيلا، وأشهرها، نظراً لجماله المعمارى، واتساع مساحة المسجد والمنطقة المُحيطة به.
المسجد الذى تم تسجيله كأحد الآثار الإسلامية عام 2001م تبلغ مساحته الكُلية ما يُقارب الـ2000م2، وهو عبارة عن ثلاثة أروقة، أما أعمدته فهى مصنوعة من الرُخام المُندمج مع البازلت، والجدران مبنية بطوب الآجر والقصرملى، والسقف عبارة عن ألواح خشبية مُغطاة بالبلاط، وله قبة مُزخرفة من الداخل بزخارف زيتية.
أما خلوة العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام والموجودة داخل المسجد فهى مُستطيلة الشكل، يتوسطها عمود مُثبت بطريقة الدفن فى أرضية المسجد، وداخل المسجد نجد أيضاً ضريح «أبو غنام»، والذى يُقام له مُولد سنوى فى شهر أغسطس من كل عام، يشهده الآلاف من شتى أنحاء الجمهورية وبعض الدول العربية والإسلامية، ويقع فى مساحة مُربعة تحوطه مقصورة وله قُبة نحاسية مُدون عليها أبيات من الشعر.
كما يضم المسجد عدد من التحف النادرة، ومنها «المنبر الكبير» الذى صُنع عام 1321 هجرية، ومرّ على تاريخ صُنعه أكثر من 123 عاماً، بالإضافة إلى «دكة المُبلغ» التى صُنعت أيضاً مُنذ ما يقرب من 111 عاماً، فضلاً عن «دكة المُقرئ» التى تخطت الـ100 عام، بجانب لوحتين رُخاميتين تخطتا الـ100 عام.
ومرّ على تاريخ إنشاء مسجد «أبو غنام»، أكثر من 743 عاماً، وكان يُعتبر تُحفة معمارية وفنية رائعة فى تاريخ البناء والعمارة، إلى أن طالته يد الإهمال مُنذ سنوات عديدة، وأصبح فى طى النسيان، وبات مُهدداً بالانهيار فى أى وقت.
جدير بالذكر، أن العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام يُعد أحد أولياء الله الصالحين، وهو من آل بيت رسول الله، وينتهى نسبه إلى الإمام الحسين بن الإمام على والسيدة فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.