حالة غير مفهومة من اللامبالاة يعيشها قطاع كبير من المصريين فيما يتعلق بالتعامل مع فيروس كورونا, رغم الإصابات والوفيات التي تتزايد بصورة مطردة خلال الأيام الأخيرة، ونظرة سريعة على مواقع التواصل تؤكد ذلك، فمعظم المنشورات “البوستات” تدور بين الدعاء بالشفاء لمصاب أو بالرحمة والمغفرة لمتوف رحل عن دنيانا متأثراً بالفيروس اللعين.
الإشكالية أو المأساة أن هذه الحالة وتلك المنشورات ــ مع كثرتها ــ لاتحقق الردع والعبرة المطلوبة وكأن كل شخص يتصور في داخله أن الخطر بعيد عنه وعن أسرته، وهو ماينعكس على التهاون الذي نراه في الإلتزام بالإجراءات الإحترازية المتمثلة في إرتداء الكمامة والحرص في التعامل مع الزحام سواء بوسائل المواصلات أو المولات التجارية وغيرها من أماكن التجمعات.
الدولة من جانبها ممثلة في “المجموعة الطبية” شددت في إجتماعها الأخير برئاسة د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء على إتخاذ عدد من الإجراءات الصارمة للحد من الإصابات، بالتزامن مع تأكيد خبراء الصحة على أننا أصبحنا في ذروة الموجة الرابعة، حيث توعدت المخالفين بتطبيق الغرامات المقررة بكل حزم مع منعهم من دخول المصالح الحكومية.
وفي بيانها الأخير أعلنت اللجنة أن معدل الوفيات بين من لم يتلقوا اللقاح يصل الى أربع وعشرين ضعفاً لاقرانهم الذين حصلوا على اللقاح، وهو تصريح ذو مغزى لأصحاب العقول في ظل إنتشار “فتاوى الفتايين” عن أن الجميع يتساوى لمجرد أن هناك حالات بين “المطعمين” أصيبت بالفيروس!!
***
بما أن خبراء الصحة والطب ــ على المستويين المحلي والدولي ــ اتفقوا وبشرونا بأن فيروس كورونا سيستمر معنا لسنوات قادمة لايعلم عددها إلا الله وحده، فلابد أن نجد صيغة للتفاهم والتعايش مع هذا الفيروس اللعين، حتى لاتستمر حالة القلق تلازمنا طوال العمر، ومن ثم ضرورة تغيير العديد من سلوكياتنا ــ مؤقتاً ــ حتى يأذن المولى عز وجل برفع هذا البلاء.
أولاً: ضرورة الإعتياد على الإهتمام بالنظافة الشخصية وغسيل اليدين باستمرار بالمياه والصابون مع استخدام الكحول كلما أتيحت الفرصة.
ثانياً: التخلي عن العادات الموروثة والمتمثلة في السلام بالأيدي والأحضان والإستعاضة عن ذلك بالسلام على الطريقة اليابانية، والمتمثلة في الإشارة باليدين من بعيد.
ثالثاً: الحرص الشديد عند التعامل مع التجمعات حتى لو كان الأمر صعباً في البداية فسنعتاد عليه بمرور الوقت.
رابعاً: التوسع في عملية السداد الإلكتروني للفواتير وكذلك إنهاء الإجراء والمعاملات والخدمات بنفس الطريقة، وهذا يستدعي من الجهات الحكومية وحتى المؤسسات الخاصة تيسير الأمر حتى لايتتسبب الضغط على شبكة الإنترنت وسقوط الخدمة وتعطل مصالح الناس الى العودة للطوابير والزحام.
خامساً: التعامل مع مسألة تكدس الموظفين بالأماكن التي تشهد زحاماً ولاترتبط بالتعامل مع الجمهور بصورة مباشرة، بتطبيق نظام التبادل على أن يكون العمل باقي أيام الأسبوع “أونلاين” لتخليص الخدمات الإلكترونية التي يطلبها المواطنون.
الأمر نفسه يمكن تطبيقه على طلاب الجامعات وتلاميذ المدارس، طالما أن التعليم عن بعد يؤدي الغرض، ومن ثم نجمع بين الحسنيين الحضور وتلقي الدروس بصورة مباشرة وأيضاً التدريس الألكتروني.
سادساً: الحرص على تلقي اللقاحات في وقتها سواء الحالية أو المستجدة للتعامل مع تحورات الفيروس، وعدم الإستماع للدعاوي السلبية بالإمتناع عن تلقيها، فالمتضرر الوحيد لن يكون إلا أنت.
فترة “كورونا” سواء طالت أو قصرت ستكون اختباراً جدياً لما وصلنا اليه من بنية الكترونية وتدريب اجباري فرضه الفيروس اللعين، ولابديل أمامنا عن النجاح والتعايش مع الأمر.
***
خبراء الحميات والمناعة أكدوا أن إجازة نصف العام يمكن أن تكون فرصة ذهبية لمواجهة إرتفاع أعداد المصابين بـ “كورونا”، بشرط أن نحقق أقصى إستفادة بالحرص على ارتداء الكمامة والتباعد واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية ، فهل سنفعلها أم نتكدس في المولات والشواطيء وأماكن الترفيه وتكون النتيجة الحتمية زيادة أعداد الإصابات وليس محاصرتها والحد منها؟!
الموضوع يحتاج الى كياسة لتحمي نفسك وذويك حتى لاتندم في وقت لايفيد فيه الندم.. “والحافظ هو الله”.
أيمـــــن عبــــد الجــــواد
[email protected]