» المؤلفان :الاتصال في منظمات الأعمال لا يقتصر على إرسال المعلومات من طرف لآخر، بل هو عملية اجتماعية تبادلية تتضمن تقاسم الفهم والإدراك بين طرفي الاتصال والتأثير في سلوك الأفراد بقصد تحقيق الأهداف
»» من أهم قدرات ومهارات الاتصال :
• تبادل الأفكار، أو المشاعر، أو الآراء مع الآخرين.
• الاستماع، والتفاعل أثناء المحادثات.
• التحدث، والمراقبة، والتعاطف.
• إعطاء، وتلقي الملاحظات البناءة، والتحدث العام.
صدر حديثا كتاب جديد للدكتور سيد جاب الله أستاذ علم الاجتماع كلية الآداب جامعة طنطا ،والدكتور هاني جرجس أستاذ ورئيس قسم الاجتماع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة الأفروآسيوية.
وفي مقدمة الكتاب كتب المؤلفان:
يعد الاتصال نشاطا أساسيا في حياة الإنسان، لأن معظم ما نقوم به في حياتنا اليومية، إنما هو مظاهر متنوعة لعملية الاتصال، سواء كنا نقوم بذلك بطريقة مقصودة أو غير مقصودة، ثم إن معالم الشخصية الإنسانية تتحدد من خلال ممارساتها الاتصالية، ذلك أن عملية الاتصال بين الإنسان وأخيه الإنسان تكشف عن طبيعة هذه الشخصية وخصائصها، الأمر الذي ينعكس على معرفة الإنسان وشعوره، ومن ثم على آرائه واتجاهاته ومعتقداته، لأن هذا الاتصال لابد وأن يترك أثره في نفوس الآخرين سلبا أو إيجابا.
وتابعا: فنحن نعيش في عالم يعتمد بشكل أساسي على الاتصال، سواء الاتصال بواسطة التكنولوجيا الحديثة المتطورة، أو الاتصال التقليدي بين الأفراد داخل المجتمع وداخل بيئات العمل، حيث يحتاج كل فرد إلى أن يتصل ويتواصل مع زميله في العمل، ومع مديره، ورئيسه في أي بيئة عمل يكون فيها، أيضا في العائلة الواحدة يحتاج الأب أن يتواصل مع أبنائه وأن تتواصل الأم مع أبنائها، وكذلك يتواصل الأبناء مع الوالدين ومع أصدقائهم؛ فالاتصال هو الطريقة التي يتم من خلالها تبادل ونقل المعلومات بين الأشخاص، ويستخدمونه للتعبير عن احتياجاتهم الحياتية وعن انفعالاتهم وعواطفهم، وكذلك من أجل السيطرة على الآخرين والتأثير عليهم، باستخدام عدة وسائل مثل: الكلام، ولغة الإشارة، والكتابة.
ورغم تعدد التعريفات التي تتناول مفهوم الاتصال والتواصل من قبل الباحثين والمتخصصين في علوم الاجتماع والإعلام والاتصال، إلا أنها تتفق في معظمها على أهميته ودوره في الحياة الإنسانية، باعتباره متطلب أساسي للحياة البشرية ،فالإنسان بطبعه اجتماعي، ينأى عن العزلة، وعملية الاتصال هي حلقة الوصل بين الفرد وأقرانه في المجتمع، وبين المجتمعات وبعضها البعض، ويمكن القول إنه لولا الاتصال ما كان للحضارة الإنسانية أن ترقى للمستويات التي نعرفها اليوم من تقدم ورقي.
وقد أصبح نجاح الفرد والمؤسسة مرهون بالقدرة على الاتصال الفعال؛ وبالتالي استحوذت تنمية مهارات الاتصال على اهتمام كبير على المستويين الأكاديمي والتدريبي، بهدف تحسين وتطوير آليات الاتصال مع الآخرين، وجعلها أكثر تأثيرا من ناحية الوضوح في الرسالة، والهدف منها، ومراعاة ملاءمتها للواقع، وتمتعها بالمرونة الكافية بحيث تحقق الأثر والنتيجة المرجوة، فمهما كانت الطريقة المتبعة في نقل الرسالة من المصدر إلى المستلم فإن الرسالة ذاتها يجب أن تحقق غرضا أساسيا واحدا وهو نقل المعنى الذي يريده المرسل إلى المستلم بوضوح تام حتى يتمكن المستقبل من فهم الرسالة والاستجابة لها.
وتقاس فعالية الاتصال شأنه شأن أي عملية بمدى تحقيق الأهداف من عملية الاتصال وما لم تتحقق تلك الأهداف يمكن القول ما تم بين الأطراف لا يمثل في حقيقته اتصال أو أنه اتصال ناقص أو غير كفء أو غير فعال وفي هذه الحالة يكون ما تم بين الأطراف إهدار للموارد دون تحقيق منافع.
كما أشار المؤلفان إلي أن نجاح عملية الاتصال تتطلب أن يكون مضمون الاتصال واضحا ومختصرا بمفردات تخدم الهدف منه.
كما يجب أن يكون مضمون الاتصال بسيطا وخاليا من التعقيدات، بالإضافة إلى اعتماد الوسيلة التي تخدم الهدف من هذا الاتصال، وتشير إلى المطلوب، وتكون في مستوى إدراك المستقبل حتى لا تفسر بصورة مغايرة لما يهدف إليه الاتصال. علما بأن عملية الاتصال يجب أن تكون ملائمة من حيث التوقيت والوسيلة والهدف منها.
ومع التقدم الذي نشهده على صعيد وسائل الاتصال والتواصل والثورة المعلوماتية، فقد تعددت وسائل الاتصال والتواصل بشكل كبير، وباتت أكثر سهولة من ذي قبل، ولكنها تتطلب مهارات نوعية لاستثمار هذه الوسائل باحترافية من أجل تحقيق الاتصال الفعال، فللاتصالات دور مهم في عصر المعلومات في الوقت الحاضر، حيث لولا الاتصالات لما استطاع الأفراد الحصول على المعلومات في الوقت المناسب، كما تلبي أنواعها كافة الاحتياجات اليومية المختلفة في جميع القطاعات المهنية والتعليمية والطبية وغيرها، يضاف إلى ذلك شبكة الإنترنت التي أصبحت جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لكافة الأفراد، كما وتعتبر الاتصالات عاملا تحفيزيا مهما في التعلم والتقدم في تطوير الحياة البشرية بشكل عام.
وفي هذا الصدد، من المهم الإشارة إلى أن الاتصال يعتبر أساسا ترتكز عليه كافة عناصر العملية الإدارية، ولو أحكم أداؤه، فإنه سيكون أداة فعالة للتأثير على سلوك الأفراد العاملين واكتساب ثقتهم وتجاوبهم مع الإدارة العليا ،ومن هنا جاء الاعتقاد الصحيح على أن كفاءة القائد الأعلى تعتمد بدرجة كبيرة على مهاراته وقدراته في الاتصال، فالاتصال في منظمات الأعمال لا يقتصر على إرسال المعلومات من طرف لآخر، بل هو عملية اجتماعية تبادلية تتضمن تقاسم الفهم والإدراك بين طرفي الاتصال والتأثير في سلوك الأفراد بقصد تحقيق أهداف المنظمة.
وإذا كانت مهارات الاتصال مهمة بالنسبة للأشخاص العاديين الذين يسعون إلى تحقيق أهدافهم، وأحلامهم، فإن لها أهمية أكبر وأهمية مضاعفة عندما يتسلم الإنسان منصبا قياديا فعالا، حيث تزداد المسؤوليات الملقاة على ظهره، فهو يحتاج مهارات الاتصال بشكل أكثر فعالية حتى يكون قادرا على إقناع الآخرين بأفكاره، وتطلعاته، وخططه، وحتى يكون قادرا أيضا من الحفاظ على عمله ضمن الحدود المطلوبة من الجودة والكفاءة.
غير أن هذه المهارة لا تقتصر على القدرة على التعبير عن نفسك بوضوح فحسب بل تشمل أيضا أن تكون مستمعا جيدا، فالاستماع جزء مهم من التواصل لأنه يسمح لك بفهم منظور الشخص الآخر، وعندما تتمكن من فهم تفكير الشخص الآخر يكون من السهل العثور على أرضية مشتركة وحل الخلافات.
وفي الواقع، يهتم كل الناس، وخاصة أولئك الذين يعملون في قطاعات معينة كالتعليم، والإعلام، والمال والأعمال بمهارات الاتصال، حيث تساعد هذه المهارات على إيصال خدماتهم للآخرين بشكل أكثر فاعلية، وربما جني الأرباح الكبيرة إذا ما استخدمت بأفضل الطرق والسبل، وتساعد أيضا مهارات الاتصال الأشخاص الذين يعملون في الحياة السياسية أو الحياة الاجتماعية على إيصال ما لديهم من أفكار للآخرين مما يؤدي إلى تفاعل الناس معهم بشكل كبير، وبالتالي إيصالهم إلى أفضل المراتب وأعلاها.
لذلك فقد اهتمت الدراسات العلمية بتعريف التواصل / الاتصال، وتحديد المفاهيم الأساسية له كعلم، من ثم اهتم الخبراء بتدريب الأفراد والجماعات على مهارات التواصل كأحد أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها جميع الأشخاص، وعلى وجه الخصوص العاملين في المجال السياسي والشأن العام.
وعبر صفحات الكتاب شدد المؤلفان:
إذا كنت تريد أن تكون ناجحا في العمل فأنت بحاجة إلى إتقان فن التواصل، هذا يعني أن تكون قادرا على التواصل بشكل فعال مع عملائك وزملائك وشركاء الأعمال الآخرين.
وتتضمن هذه المهارات القدرة على كتابة رسائل إلكترونية واضحة وموجزة، وتقديم عروض تقديمية مقنعة، وبناء علاقات قوية مع الزملاء والعملاء، وهناك بعض الأشخاص هم متواصلون موهوبون بطبيعتهم، لكن يحتاج البعض الآخر إلى العمل بجهد أكبر لصقل مهاراتهم.
إن وجود مهارات اتصال قوية يساعد في جميع جوانب الحياة، بدءا من حياة الأشخاص المهنية وانتقالا إلى حياتهم الشخصية، ومرورا بكل ما يقع بينهما، فجميع المعاملات الحياتية ناتجة عن التواصل. فمهارات الاتصال هي القدرات التي تستخدم عند تقديم، وتلقي المعلومات بأشكالها المختلفة، مما يتيح للشخص فهم الآخرين، ويتيح لهم فهمه بطريقة صحيحة.
ويمكن أن يشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:
• تبادل الأفكار، أو المشاعر، أو الآراء مع الآخرين.
• الاستماع، والتفاعل أثناء المحادثات.
• التحدث، والمراقبة، والتعاطف.
• إعطاء، وتلقي الملاحظات البناءة، والتحدث العام.
• فهم الاختلافات في كيفية التواصل من خلال التفاعلات المباشرة، والمحادثات الهاتفية، والاتصالات الرقمية، مثل البريد الإلكتروني، والوسائط الاجتماعية.
فالتواصل إذن يجعلك جزءا من مجتمع أكبر، ويمكنك من التفاعل والتشارك مع الآخرين على اختلاف ثقافاتهم ومعارفهم.
إن نتيجة هذا التفاعل والتشارك مع الآخرين يزيد من مخزون معرفتك وثقافتك، حيث إنك كما تسعى لتوصيل وجهات نظرك وأفكارك، فإنك بنفس الوقت تستقبل ثقافات ووجهات نظر ومعرفة الآخرين. لذلك كلما كانت مهارة التواصل لديك فعالة، كلما زادت معرفتك. وعلى هذا يصبح تعلم وممارسة مهارات الاتصال ضرورة للنجاح بصرف النظر عن حجم العمل الذى نقوم به سواء كان شركة كبيرة أو مؤسسة صغيرة أو مدرسة أو منزل للأسرة ،فقد أشارت نتائج الأبحاث إلى أن نجاح الإنسان في عمله وفى حياته الشخصية مرهون بقدرته على الاتصال وأن 85% من نجاحه يرجع إلى مهارات وفنون الاتصال ،ومن هذا المنطلق تأتى أهمية دراسة عملية الاتصال ومهاراته.
إن اختيار موضوع التواصل للمعالجة فرضه الواقع، إذ إننا نلاحظ دوما أن مجتمعنا يفتقر إلى ممارسة فعل التواصل، وهذا بمثابة سبب لكل هذه الأزمات التي تلاحق بعض العلاقات الإنسانية والاجتماعية في مجتمعنا..وهكذا فالتركيز على ممارسة التواصل بمعناه الشامل بات ضرورة ملحة في ظل التطور والتقدم الذي يسعى إليه مجتمعنا، وإذا لم نتعلم هذا الفعل وهذا السلوك فإننا لن نبرح مكاننا رغم كل المظاهر التي تؤكد أننا نتقدم.
وقد حاول الكاتبان جاهدين تدعيم هذا الإصدار والموسوم علم الاجتماع الاتصال ببعض الدراسات الميدانية والتحليلية التي قام المؤلفان بإجرائها ،متنمين أن يحقق هذا العمل للغاية المنشودة منه ويكون خطوة في طريق الفهم والدراسة في هذا المجال.