تجرد عاطل من كافة المشاعر الانسانية، وأنهى حياة ابنة خالته الطفلة التي لم تتجاوز السابعة من عمرها، بعدما تحول إلى ذئب بشري أصابه الهوس، لا يهمه سوى إرضاء رغباته ونزواته حتى وإن كانت على حساب أقرب الناس إليه.
الواقعة المؤسفة شهدها مركز قوص بمحافظة قنا، وكات البداية مع بلاغ تلقاه مدير الأمن بتغيب الطفلة ” ريتاج.ح.ا.ع ” – 10 سنوات – مقيمة قرية المخزن بدائرة مركز قوص، في ظروف غامضة .
قرر مدير الأمن تشكيل فريق بحث لكشف ظروف وملابسات الواقعة، وفي اتجاه مواز كثف أهالي القرية جهودهم للعثور على الطفلة، فالبعض يراقب الطرقات، والبعض يبحث في المستشفيات والأسواق وأماكن التجمعات في كافة أنحاء المحافظة.
الساعات تمضي سريعًا، وقلب الأب والأم يشتعل حزنًا على تغيب فلذة كبدهم، بينما يحاول المقربون وأهل القرية مواساتهما وبث روح الطمأنينة في نفوسهما، لكن الأبوين لا يهدأ لهما بالًا قبل أن تقر أعينهما برؤية ” ريتاج “
وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي، وبينما كان أحد أهالي القرية يراقب حركة المياه وهي تروي زراعات القصب خاصته، فوجئ بما لا يتوقعه أحد من أهالي القرية التي تعيش في أمن وأمان، حيث فوجئ بجثة الطفلة ملقاة داخل الزراعات، في مشهد مؤسف لم يراه أهالي القرية من قبل إلا في الأفلام والمسلسلات.
أخرج الرجل هاتفه المحمول من بين طيات ملابسه، وبادر بالإتصال بعدد من أهالي القرية الذين سارعوا إلى الموقع وتجمع معهم عدد غير قليل من المواطنين، الذين أبلغوا الشرطة والتي انتقلت بدورها إلى محل البلاغ .
مباحث مركز شرطة قوص، أخطرت بدورها نيابة المركز التي انتقلت إلى مسرح الجريمة وقامت بمعاينة الجثة، ثم أمرت بنقلها إلى مشرحة مستشفى قوص المركزي وأمرت بانتداب الطبيب الشرعي لتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة وملابسات الواقعة، وطلبت تحريات المباحث حولها مع ضبط وإحضار مرتكبها.
بدأت المباحث في الاستماع لأقوال أسرة الطفلة المجني عليها، وكذلك الجيران في محاولة لفك طلاسم الواقعة ، إلى أن كشفت التحريات مفاجأة للجميع حول مرتكب الواقعة، حيث تبين قيام المدعو “هيثم.ع.إ.ج” 26 عامًا مقيم ذات الناحية – نجل خالة المجنى عليها – بإزهاق روحها، ثم خرج يبكي معهم ويبحث عنها ليخفي الشبهات عنه.
تمكنت قوة أمنية من ضبط المتهم، بعدما بينت التحريات ارتكابه الواقعة، بعد فشله في اغتصاب الطفلة، حيث قام بخنقها بعد أن قاومته وارتفع صوتها بالبكاء في محاولة للاستغاثة من هذا الذئب البشري الذي تجرد من كافة المشاعر الإنسانية.
وانتهت النيابة العامة في تحقيقاتها إلى إحالة المذكور إلى محكمة جنايات قنا، وبعد تداول القضية، تم تحديد جلسة النطق بالحكم، وفي الجلسة المحددة حضر بدأت وقائع الجلسة بقيام حاجب المحكمة بالنداء على المتهم فأجاب بـ “نعم”، ثم قام أمين سر المحكمة بتلاوة أمر الإحالة قائلا: إنه في يوم 24 / 8 / 2021 بدائرة مركز قوص – محافظة قنا، قام المتهم بقتل الطفلة “ريتاج.ح” عمدًا مع سبق الاصرار والترصد بأن اصطحبها واهمًا إياها بالتوجه لإحضار ” كولمن مياه” فانصاعت لطلبه وبالوصول لمكان خالي من المارة قام بملامستها هاتكًا عرضها، وعند مقاومتها له قام بطرحها أرضًا فاصطدمت بحجر واطبق على جسدها مستخدمًا قطعة قماش فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالتحقيقات.
وتضمن أمر الإحالة: إن تلك الجناية اقترنت بجناية أخرى تقدمتها وهى انه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان خطف بالتحايل أنثى ” الطفلة المتوفاة ” والتي لم تبلغ من العمر ثمانية عشر سنة ميلادية كاملة بأن قام باستدراجها رفقته للزراعات واهمًا إياها بالتوجه لإحضار بعض الأغراض وتمكن بذلك من اقصائها عن الأعين على النحو المبين بالتحقيقات. وقد اقترنت بالجنايتين سالفي الذكر جناية أخرى ثالثة وهى انه في ذات المكان والزمان هتك عرض المتوفاة إلى رحمة مولاها بالقوة بأن قام باحتضانها من الخلف دون رضاها حال كونها طفلة لم تبلغ من العمر ثمانية عشر سنة ميلادية كاملة.
وعقب تلاوة أمر الإحالة، سأل المستشار أحمد حسن غلاب رئيس المحكمة، المتهم: ” أنت فعلت ذلك ؟ ” فأجاب نافيًا، ثم ترافع محمد عبدالرسول رئيس النيابة شارحًا ظروف الدعوى وبشاعة الجريمة وما ارتكبه المتهم من جريمة شنعاء، بطلها ذئب بشرى اغتال طفلة بريئة بقيامه بقتلها لدفاعها عن شرفها، وأنهى مرافعته مطالبًا بالقصاص وتطبيق أقصى عقوبة على المتهم وتطبيق ما جاء بأمر الإحالة وهو الاعدام شنقًا .. ثم ترافع محامى المتهم مطالبًا بالبراءة.
وتضمنت قائمة أدلة الثبوت فيما شهد به الشاهد الأول الرائد محمد أحمد الملقب صلاح الدين محمد 33 سنة رئيس مباحث مركز شرطة قوص حيث شهد بأن تحرياته السرية توصلت إلى قيام المتهم بارتكاب تلك الواقعة وذلك بأن قام باستدراج الطفلة المتوفاة إلى رحمة الله مولاها، إلى زراعات القصب بالمنطقة المتاخمة لمساكن القرية وعقب وصولهما شرع في مواقعتها إلا أنها صاحت واستغاثت فقام بضربها وخنقها بقطعة من القماش محدثًا إصابتها الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها قاصدًا قتلها خشية افتضاح جريمته، وكذا أضاف انه نفاذًا لقرار النيابة العامة بضبط وإحضار المتهم تمكن من ضبطه وبمواجهته أقر بارتكاب الواقعة.
وشهد الشاهد الثاني المقدم محمود نور الدين محمود الهوارى 39 سنة رئيس فرع بجنوب قنا، بذات مضمون ما شهد به سابقة.
وتضمنت ملاحظات النيابة العامة، أن المتهم أقر تفصيليًا بارتكاب الواقعة بتحقيقات النيابة العامة وقام بإجراء معاينة تصويرية لكيفية ارتكابه لها، كما ثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليها حدوث الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق.
وبعد مداولة القضية أصدرت المحكمة برئاسة المستشار أحمد حسن غلاب رئيس المحكمة بعضوية المستشارين تامر الأمير وياسر عرفة الرئيسين بالمحكمة، بحضور محمد عبدالرسول رئيس النيابة وبأمانة سر أحمد جمال ومحمد عبدالوهاب ومحمد صلاح العدوى وجبريل محمد كبير حجاب المحكمة، حكمها بإجماع الآراء بإعدام المتهم شنقا، وذلك بعد موافقة فضيلة المفتي.