مع إقتراب مناسك الحج نتذكر تاريخ مقام سيدنا ابراهيم ،، فعن رواية ، سعيد بن جبيز عن إبن عباس ، أن نبي الله إبراهيم عليه السلام جاء لولده إسماعيل و قال له إن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتًا وعند ذلك رفع سيدنا ابراهيم عليه السلام بداية من القواعد فجعل إسماعيل يأتي له بالحجارة و إبراهيم يبنيها ،، و عندما إرتفع البناء جاء سيدنا إسماعيل بهذا الحجر الكريم فوضعه ليقف عليه سيدنا ابراهيم اثناء البناء ،، فقام ابراهيم علي الحجر وجعل منه مقام يساعده في بناء البيت و اسماعيل يناوله لبنات البيت الحرام ليتمم البناء وعندما انهى بناء بيت الله الحرام و قف علي الحجر و قام عليه بالأذان و النداء للحج ،،
وحجر المقام لسيدنا إبراهيم عليه السلام حجر مربع الشكل و طوله نصف متر تقريبًا وظاهر به اثار أقدام سيدنا إبراهيم و لونه بين البياض و السواد و مائل للصفار ،، استمر الحجر الكريم ملاصق للكعبة المشرفة حتي عهد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم و يوم الفتح أخره عن موضعه عندما نزلت الآية الكريمة ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) وهذا حتي لا يعيق المصليين ،،
و في عهد سيدنا عمر بن الخطاب وقع سيل جارف شديد وسمي وقتها بسيل ، أم نهشل ، و جرف الحجر من مكانه و ذهب بعيدًا عن مكانه الذي حدده رسول الله ،، فجاء أمير المؤمنيين من المدينة المنورة فزعًا ووقتها كانت المدينة رئس الخلافة الاسلامية وقدم الى مكة المكرمة وخطب في الناس قائلًا أناشدكم أيكم يعرف موقع المقام فقال رجل أنا يا أمير المؤمنين فلقد أعددت لهذا الأمر وقست المسافة بين الحجر و الكعبة المشرفة واللتي تحدد موضع المقام كما وضعه رسول الله ،، فأرسل عمر بن الخطاب في طلب الحبل اللذي استخدمه وتأكد من صدقه ووضع الحجر في موقعه حتى يومنا هذا ،،
كان المقام في بداية الأمر مكشوفا للرؤية و أراد القرامطة سرقته كما أرادوا سرقة الحجر الاسعد المثبت بالكعبة المشرفة إلا أن بعض سدنة البيت الحرام أخفوه عنهم ،، وبدأ التفكير في حمايته فبني حوله مبني له قبتان إحداها من الخشب و الأخرى من من الحديد ثم تطور الأمر لبناء مقصورة و في جميع العصور المتعاقبة اهتم الامراء و الملوك بترميم المبني و تزينه بالذهب و تحليته كما عملوا علي تقوية الحجر و تغليفه بالفضه ،
وفي عهد الملك سعود بن عبدالعزيز عام ١٩٥٤ كانت هناك فكرة مطروحة لنقل المقام من مكانه و الرجوع به الي الوراء حتى يفسحوا المكان للمعتمرين و الحجيج و حتى لا يعيق حركتهم أثناء الطواف بالكعبة المشرفة ،، و حددوا يومًا لهذا القرار ،، وفي هذا الوقت كان فضيلة الشيخ الشعراوي يعمل أستاذًا بكلية الشريعة في مكة المكرمة و سمع بهذا القرار و إعتبر هذا الأمر مخالفًا للشريعة الاسلامية فبدأ بالتحرك و اتصل ببعض العلماء السعوديين و المصريين في البعثة و لكنهم أبلغوه ان الموضوع قد انتهى و ان المبنى الجديد بالفعل أقيم في الموضع الجديد و في انتظار نقل المقام اليه في احتفاء اسلامي بالحدث ،، فقام فضيلة الشيخ الشعراوي بإرسال برقية من خمس صفحات الي الملك، سعود بن عبدالعزيز، عرض فيها المسألة من الناحية الفقهية و التاريخية و قال ( ان الذين احتجوا بفعل الرسول جانبهم الصواب ،،لانه رسول و مشرع من عند الله ، وليست هذه حجة لكي نستند اليها في نقل المقام من المكان الذي وضعه فيه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ) ولأن للرسول ما ليس لغيره و له ان يعمل الجديد غير المسبوق دون غيره ،، و استدل في كلامه على حادثة السيل الذي وقع في عهد سيدنا عمر بن الخطاب و انه حرص على ان لا يغير موقع المقام بل و حرص علي ان يحدده بدقة مستعينا باحد الصحابة وقتها ،،
و بعد ان وصلت البرقية الي الملك سعود جمع العلماء و طلب منهم دراسة البرقية فوافقوا و أصدر الملك قرار بعدم نقل المقام من مكانه ،، و أمر بدراسة مقترحات الشيخ الشعراوي حيث اقترح وقتها ان يوضع الحجر في قبة صغيرة من الزجاج المقوي غير قابل للكسر بديلا عن المبني الكبير حول المقام ،،
وفي عهد الملك ، فيصل بن عبدالعزيز ، رحمه الله أمر بإبقاء المقام علي ان يجعل علي المقام صندوق بلوري سميك و يتيح للمعتمريين رؤية المقام داخل الصندوق الزجاجي و أحيط بحاجز حديدي و له قاعدة من الرخام وفي عهد الملك ، فهد بن عبدالعزيز ، جدد الغطاء الزجاجي وصنع من الزجاج محاط بالنحاس و الذهب
ولمقام سيدنا ابراهيم فضائل عديدة فهو من يواقيت الجنة وقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ( الركن و المقام ياقوتتان من الجنة )و في سورة آل عمران ( فيه آيات بينات مقام ابراهيم ) ٣٦ –