في نوفمبر 2021، أعلنت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي استضافة مصر لمؤتمر الأطراف في نسخته الـ27، في ذلك الوقت لم أكن أعلم حتى الفرق بين الطقس والمناخ. في نفس الشهر من العام الحالي، وضعت خطة لإنشاء قسم جديد بمؤسسة الدستور تحت اسم “أتموسفير” خاصا بقضايا تغير المناخ، وتتم معاملته كأحد الأقسام الأساسية،، فما الذي تغير خلال عام؟
في يناير من بدايات عام 2021 كان الطقس باردا بشكل غير متوقع، تمثلت غرابة ذلك في أن الطقس عامة في مصر لم يكن بمثل هذه البرودة من قبل، تذكرت مبتسما درسا في المرحلة الابتدائية يقول: طقس مصر “حار جاف صيفا.. معتدل ممطر شتاء”، وسألت نفسي.. ما الذي تغير؟
كان أول ما فعلته هو الذهاب لمحركات البحث، كتبت: لماذا أصبحت مصر أكثر برودة؟ كانت الإجابة واضحة: التغيرات المناخية. قرأت سريعا فلم أفهم، كان الأمر معقدا. بعدها قرأت تقريرا لجوجل يفيد بأنها رصدت أكثر من 1000% ارتفاعا في نسبة البحث عن مفاهيم متعلقة بالبيئة مثل تغير المناخ، وإعادة التدوير، وتسخين المياه بالطاقة الشمسية، كنت أحد هؤلاء الباحثين بكل تأكيد.
تزامنت علاقتي بالتغير المناخي مع علاقتي بالأفلام الوثائقية، تحولت من شخص لا يطيق الوثائقيات ويعتبرها مملة إلى شخص يضع قائمة للأفلام المتعلقة بحماية البيئة والمناخ، غرقت في بحر المناخ: الغازات الدفيئة، والانبعاثات، والاحترار العالمي، والوقود الأحفوري، ومتوسط الحرارة العالمية، والمساهمات المحددة وطنيا، والتخفيف، والتكيف، وغيرها.
كانت أحد أهم الأفلام التي شاهدتها “قبل الطوفان”، الذي يرصد تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل مباشر على الكوكب، تحمست للعمل منذ اللحظة التي قال فيها ليوناردو ديكابريو: “إذا كانت الأمم المتحدة تعرف حقا كيف أشعر (حيال اختياره سفيرا للسلام للحديث عن التغير المناخي)، وكم أنا متشائم بشأن مستقبلنا (…) أعتقد أنهم ربما اختاروا الرجل الخطأ”، كنت أشعر بنفس الشيء، تائه تماما.
ساعات وساعات أمام الأفلام الوثائقية، وعدة دورات تدريبية وجلسات نقاش، وروابط محفوظة بالمتصفح لعشرات الحوارات والتقارير المحلية والدولية عن قضايا المناخ ونتائج مؤتمرات الأطراف السابقة، واهتمام غير مسبوق بما اعتبرته شخصيا “أمرا يستحق أن يقضي فيه الإنسان عمره”، خلقت مني في النهاية شخصا يضع حماية البيئة نصب عينيه في أي قرار يتخذه.
من بين القيم التي تعلمتها هي قيمة “إعادة التدوير”، كانت الدرس الأول من فيلم وثائقي يدعى “The Minimalists”، دفعني لإعادة فلترة الأشياء من حولي، تخلصت من ملابس لم أعد بحاجة لها، توقفت عن تناول “مشروبات الكافيين”، أصبحت أمشي أكثر، وأفحص مدى توافق المنتجات مع البيئة قبل شرائها.
كان مثيرا لإعجابي ما رأيته في شوارعنا، لمست رغبة حقيقية للحكومة في التوافق مع المعايير العالمية وتنفيذ مساهماتها المحددة وطنيا، كانت تلك المبادرات ملموسة للمواطن العادي، حملة لزراعة 100 مليون شجرة، وأخرى للاعتماد على الدراجات لتقليل استخدام الوقود الأحفوري، و”مترو أخضر” يعمل بالطاقة الكهربائية، ومشاريع لحماية الشواطئ وسكان المناطق الساحلية، وغيرها الكثير.
ولأنني أرى أن المعرفة الفردية قد تكون كافية للتكيف مع آثار التغيرات المناخية، أطلقت مبادرة لتبني إنشاء قسم خاص بقضايا المناخ في المؤسسات الصحفية، جنبا إلى جنب مع أقسام الاقتصاد والفن والرياضة والسياسة وغيرها، لكن في النهاية فإن التخفيف من تلك الآثار لن يتم إلا من خلال المبادرات الدولية واسعة النطاق مثل COP27 وغيرها، لذا أتمنى النجاح للحفاظ على كوكبنا، ففي النهاية “لا نملك سوى أرض واحدة”.