»»
بقلم ✍️ د.كمال فهمى
” أستاذ التحاليل الطبية بكلية الطب جامعة الزقازيق”
جاءنى شاب فى مقتبل العمر يعمل فى أحد الفنادق فى إحدى المدن السياحية .. جاء لإجراء تحاليل طبية لم يحددها له طبيب ولكنه هو من حدد لى ما هى التحاليل التى يريدها .. قال لى أريد إجراء كل التحاليل للأمراض المعدية التى تنتقل عن طريق العلاقة الزوجية!.
ومن خلال خبرتى فى مثل هذه الحالات توقعت أنه غير متزوج وانه قد تعرض لعلاقات غير شرعية من خلال مكان عمله بالفندق بالمدينة الساحلية .. كان يشعر بالقلق الشديد لدرجة التواصل مع المعمل تليفونيا مرات عديدة كل ساعة ليعرف نتائج التحاليل.
وقد أظهرت النتائج إصابته بمرض الإيدز .. هدأت من روعه وفزعه واخبرته أن علاج الايدز الآن أكثر نجاحا من السابق .. طلب منى أن أوجهه إلى مكان للعلاج ومتابعة حالته بالقاهرة وليس بالزقازيق ليحافظ على سرية مرضه بين أهله وجيرانه وأصدقائه فحددت له أحد الاماكن الحكومية المختصة فى القاهرة..
وحضر مسرعا لاستلام تقارير التحاليل وحرص بعد إستلام التقارير على مقابلتى وقال لى .. من فضلك يا دكتور فيه ناس عارفة إنى جاى لحضرتك اعمل التحاليل دى .. انا مش حاقدر اقولهم النتيجة .. وارجو ان لو حضروا للسؤال عن النتائج لا تخبرهم بها وأرجو أن توصى كل العاملين معك بذلك .. فقلت له .. هذا حقك وواجب علينا .. عدم افشاء سر المريض للآخرين!.
وبالفعل صدقت توقعاته ولم يمض وقت طويل حتى وجدت زوارا يطلبون مقابلتى لمعرفة نتائج التحاليل الخاصة به ورفضت الإجابة وقلت لهم لا يجوز أن يعلم النتائج إلا صاحب التحاليل نفسه وإلا كنت مخالف لميثاق آداب مهنة الطب .. ألحوا كثيرا ومارسوا ضغوطا كبيرة ولكننى صمدت لكل محاولاتهم وانصرفوا بعد أن يأسوا !.
ولكن بعد انصرافهم فكرت كثيرا .. ماذا لو كان هؤلاء الزوار الراغبين فى معرفة النتائج الخاصة به أهل فتاة يتقدم لخطبتها للزواج وهو ليس ذا ضمير حى يمنعه من الارتباط إلا بعد تاكده من الشفاء التام.
أرى أن هذه قضية مهمة وخطيرة تستوجب وضع استثناءات معينة يجوز فيها .. بل يكون واجبا فيها .. إفشاء سر المريض على خلاف رغبته!.