»» بقلم ✍️ د.خلود محمود
( مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الادبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
الاستدامة ذلك المصطلح الذي صار يتردد كثيراً في حياتنا اليومية وملازماً لحديثنا الدائم عن المستقبل ولعل المصطلح نفسه يعبر عن ذاته ومعناه الذي يشير إلي بقاء الشئ ودوامه فهي التوازن والاستمرارية ، أي أننا نعني بها خلق مستقبل صالح للعيش لكل شخص على وجه الأرض مع عدم الإضرار بالبيئة أو أن ما نقوم به اليوم لا يستنفذ الموارد للأجيال القادمة مثلما حدث معنا كأجيال حالية..
فنحن نعاني تبعات أجيال سابقة كانت ثقافتها تقوم علي الاستهلاك المطلق مع عدم النظر الي حياة ومستقبل الأجيال القادمة خاصة فيما يتعلق بالموارد الطبيعية علي الكرة الأرضية وبالتالي جاءت الاستدامة لتدعم التوازن البيئي على المدى الطويل وتتعلق الاستدامة بتذكر أن الأرض تتكون من مصادر محدودة واتخاذ الخطوات للحفاظ عليها لا يعني الحفاظ على النباتات فحسب بل يشمل أيضا رفاهية المجتمع العالمي.
وتشير الاستدامة إلى كل ما لا نريد نفاذه ومثال ذلك الاستدامة البيئية والاستدامة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية والاستدامة في مجال الطاقة والاستدامة التكنولوجية ، فالمعنى الحقيقي والواضح للكلمة يرتبط بشكل وثيق بأسلوب حياتنا الحالي والمستقبلي، أي العمل منذ اليوم على الحفاظ على ما هو موجود حالياً والاستمرار في تطويره ضماناً لسعادة ورفاهية أجيال المستقبل.
وأنت تقرأ الأن سيدور في عقلك أن تلك مهمة حكومات ودول ،فما خاصتنا نحن كأفراد نعم هي كذلك ولكن أن دور الأسرة هو حجر الأساس في عملية الاستدامة ويجب التركيز عليه بشكل دائم ومستمر، فمن خلال خطوات بسيطة كتحليل أسلوب حياتنا اليومي وإيجاد فرص تغييره نحو الأفضل سنمهّد لعملية إدماج ثقافة الاستدامة على المستوى الأسري ما سيعزز من دور الأسرة المجتمعي ويجعلها قادرة على إدارة دفة الاستدامة بإحكام وشكل منهجي وخاصة مع توفر فرصة سانحة للاستعانة بأحدث الأساليب التقنية كالذكاء الاصطناعي وغيره ، وفي هذا الصدد أصدرت الأمم المتحدة مؤخرا أهداف التنمية المستدامة لتحقيق النجاح في مستقبل أفضل وأكثر استدامة وأنها تتصدى للتحديات العالمية للاستدامة وجاءت الأهداف السبعة عشر متمثلة في النمو الاقتصادي المستدام ، والقضاء على الفقر ، والقضاء على الجوع ، والتعليم الجيد ، والمياه النظيفة والصرف الصحي ، والطاقة النظيفة بأسعار معقولة ، والاستهلاك والإنتاج المسؤولين ، الحد من أوجه عدم المساواه ، بناء مدن ومجتمعات مستدامه ، الاهتمام بالحياه تحت المياه وفي البر والعمل المناخي ، ومن المؤمل أن يتم تحقيقها بحلول عام 2030 وفق خطه شامله تتجه بها الدولة نحو ذلك بثلاث ركائز أساسية وهي بيئية واجتماعية واقتصادية وتعرف أيضًا بشكل غير رسمي باسم الأرباح والكوكب والناس.
نعود لنتسآل وما خاصتي أنا كفرد من تطبيق فوائد الاستدامة سواء على المدى القصير أو الطويل وأجب هنا أنه لا يمكننا الحفاظ على النظم البيئية للأرض أو الاستمرار في العمل دونها وإذا لم يتم اتخاذ خيارات أكثر استدامة يتم فيها الحفاظ على الحد من العمليات الضارة دون تغيير فمن المحتمل أن ينفذ الوقود الأحفوري و تنقرض أعداد كبيرة من الأنواع الحيوانية ويتضرر الغلاف الجوي بشكل لا يمكن إصلاحه ويتلوث اكثر الهواء النظيف والظروف الجوية تصبح سامة ولن نجد نمو للموارد التي يمكن الاعتماد عليها ولن نجد المياه ولن يتم المحافظة حتي علي نظافتها أن وجدت ..
لذلك تعد التنمية المستدامة تحديا مجتمعيا وليس مجرد تحدٍ بيئي ولذلك يلزم إدخال تحسينات على التعليم والرعاية الصحية لتحقيق دخل أعلى وقرارات بيئية أفضل ويعتبر الاستهلاك والإنتاج المسؤولان ، وأهمية القيام بالمزيد بموارد أقل من الأمور المهمة لتبني اقتصاد دائري وتقليل الطلب وسيكون نزع الكربون عن صناعة الطاقة من خلال موارد الطاقة النظيفة والعمليات المتجددة ضروريًا لتوفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة للجميع.
يجب أن يكون هناك غذاء ومياه نظيفة للجميع مع حماية المحيط الحيوي والمحيطات الأمر الذي يتطلب أنظمة غذائية فعالة ومستدامة ، يمكن تحقيقها من خلال زيادة الإنتاجية الزراعية وتقليل استهلاك اللحوم.
وأيضا يجب أن نتجه للمدن الذكية ويتم تغيير أنماط الاستيطان لصالح السكان والبيئة ، وهو ما يمكن أن يتم من خلال البنية التحتية “الذكية” والاتصال بالإنترنت أضافة انه ستكون هناك حاجة إلى ثورة رقمية في العلوم والتكنولوجيا والابتكار لدعم التنمية المستدامة ، حيث من المأمول أن يستخدم العالم تطوير تكنولوجيا المعلومات لتسهيل الاستدامة .
كل هذه الأشياء لن تتم دون تعاون الفرد وفهمه لأبعاد ،وأهمية التنمية المستدامة والتي تعد فيها الاستدامة الاجتماعية بمثابة حجز الاساس لأن شعور الناس بأنهم جزء من عملية التنمية وإيمانهم بأنهم وذريتهم سيستفيدون منها ضروري للتصدي للتحديات الإنمائية الراهنة وتمثل المعادل الموضوعي على المستوى الاجتماعي للاستدامة البيئية والاقتصادية.