تقدمه:حنان عبدالقادر
المساجد هى بيوت الله فى الأرض..دائما عمرانه بذكره..يتجه إليها المواطنون يوميا فى الصلوات الخمس لإقامة الصلاة تعبدا وتقربا إلى الله عز وجل،وفى شهر رمضان الفضيل تزدان لإستقبال المواطنين لاداء الصلاة يتوجهون إليها ما أن ينطلق صوت الأذان، والذهاب إلى المسجد فى رمضان له فرحة وبهجة مميزة وبعض المساجد خاصة الشهيرة تنظم يوميا ندوات احتفالا بالشهر الكريم وتعليم الناس وتوعيتهم بصحيح الدين،المساء يوميا وعلى مدار الشهر الكريم تلقى الضوء على بيت من بيوت الله المنتشرة فى جميع أنحاء
المحروسة واليوم نلقى الضوء على مسجد سليمان باشا أول جامع عثمانى أنشئ فى مصر، والذى يقع بجوار السور الشمالى لقلعة صلاح الدين، فى الجزء العسكرى من القلعة، ويعرف باسم جامع سارية الجبل
حلّ الجامع محل مسجد قديم كان قد أنشأه عام “535 هـ ــ1140 م” أبو منصور قسطه غلام المظفر بن أمير الجيوش الذى كان والياً على الإسكندرية فى العصر الفاطمة، عندما أصاب الخراب المسجد القديم، جدده سليمان باشا تجديداً كاملاً فأعاد بناء المسجد على الطراز العثمانى الذى أنشئت وفقاً له مساجد الآستانة مثل جامع السليمانية “بنى عام 965 هـ ــ 1558 م” فى اسطنبول.
ويتميز هذا الطراز بتغطية المساجد بالقباب وأنصاف القباب، وتزويدها بالمآذن القلمية، وتكسية الجدران الداخلية ببلاطات خزفية. وشيد الجامع أصلاً للجنود الإنكشارية، وهم طائفة من جيوش العثمانيين الذين دخلوا مصر عام 922 هـ ــ 1517 م مع السلطان سليم “حكم فى الفترة “918 – 926 هـ / 1512 – 1520 م” وسكنوا داخل الأسوار الشمالية للقلعة، بعد أن تهدم جزء كبير من مسجد الناصر محمد بن قلاوون ولم يعد صالحاً لإقامة الصلاة.
الواجهة الرئيسية للجامع هى واجهته الجنوبية الغربية، ويوجد فيها مدخل بارز يتقدمه سلم حجرى يؤدى إلى المدخل الخارجى المعقود بعقد مستدير. وتقع المئذنة على يسار الواجهة، وتتكون من قاعدة مربعة مشطوفة الأركان يعلوها بدن أسطوانى تحيط به شرفتان خشبيتان ترتكز كل منهما على ثلاثة صفوف من المقرنصات، وتنتهى المئذنة بقمة مخروطية مدببة على شكل قلم الرصاص. ويكسو القبة المركزية للجامع بلاطات خزفية خضراء.
ويتكون المسقط الأفقى لهذا الجامع من بيت للصلاة مغطى بقبة مركزية تحيط بها أنصاف قباب، ويتقدمه صحن مربع كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة غطت بقباب صغيرة منخفضة. ويتكون بيت الصلاة من إيوانين. الإيوان الأول هو إيوان القبلة “الجنوبى الشرقى” ويتصدره محراب واجهته ذات عقد مدبب، وزين بزخارف رخامية ملونة. ويحتوى الجزء العلوى من جدران هذا الإيوان على أربعة جامات دائرية الشكل تحتوى على كتابات تتضمن آيات قرآنية بالإضافة إلى اسم المنشئ واسم السلطان سليمان القانوني. أما الإيوان الثانى “الشمالى الغربى” فذو أرضية رخامية منخفضة عن أرضية إيوان القبلة، ويوجد فى الجهة الجنوبية الشرقية منه منبر رخامى مزخرف بزخارف هندسية ونباتية مورقة ومذهبة. ويوجد باب فى الجدار الشمالى الشرقى يؤدى إلى ملحقات الجامع الداخلية مثل دورات المياه والميضأة. أما الجدار الشمالى الغربى المقابل لجدار القبلة فيحتوى على أربع كوّات معقودة تحتوى واحدة منها على فتحة شباك، وتحتوى كوة أخرى على باب يؤدى إلى صحن الجامع الذى يتقدم بيت الصلاة من الناحية الغربية. وتعلو أمام هذا الجدار دكة المبلغ التى ترتكز على عشرة كوابيل خشبية.
وقد كسيت جدران الجامع بوزرات من الرخام الملون يعلوها شريط كتابى نقش باللون الأسود داخل الرخام الأبيض ويتضمن آيات قرآنية بالخط الكوفى المورق. وهذا الأسلوب من الزخرفة يقوم على حفر الزخارف فى الرخام ثم ملئها بعجينة خاصة من الطين الملون، وظهر هذا الأسلوب الزخرفى فى أواخر العصر المملوكي.
كما زينت القبة المركزية للجامع وكذلك أنصاف القباب المحيطة بها بزخارف نباتية وكتابية بخط الثلث الكبير. ويزين أرضية الجامع زخارف رخامية تتكون من وحدات هندسية. وتظهر زخارف الجامع استمرارية التقاليد المملوكية الزخرفية بالرغم من استخدام الطراز العثمانى فى عمارته.
العمل بمشروع ترميمه بدأ في عام 2018، واستغرق نحو 5 سنوات بتكلفة بلغت نحو 5 ملايين جنيه، موضحا أن جميع الأعمال تمت تحت إشراف قطاعي المشروعات والآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، والتي شملت أعمال الترميم المعماري والدقيق وإزالة التكلسات، والأتربة، والاتساخات وتقوية النقوش، وتقوية وعزل الأخشاب وعمل الصيانة اللازمة للرخام.
وشملت أعمال التدعيم الإنشائي والترميم المعماري والدقيق، معالجة واستكمال وتنظيف وعزل الواجهات الحجرية والمئذنة، والوحدات الزخرفية، والتكسيات الرخامية بجدران الجامع، بالإضافة إلى معالجة وتقوية طبقات الملاط بقباب الصحن المكشوف، ومعالجة الأحجار والقباب الأثرية بالضريح الملحق بالجامع، والوجهات الزخرفية، وكل العناصر الخشبية.
كما تم ترميم سقيفة الكُتاب المزخرفة والدكة أعلى السقيفة، وعمل طبقات العزل والحماية للطبق الخشبي المزخرف بالمواد المعروفة عالميا في أسس الترميم، فضلا عن أعمال تركيب البلاطات الخزفية لجميع قباب الجامع وعددها 23 قبة، والتي تم تدعيمها لحمايتها قبل التركيب البلاطات الخزفية، فضلا عن الانتهاء من أعمال تطوير شبكة الإضاءة الداخلية للجامع والكتاب.
وشملت الأعمال كذلك ترميم الضريح من الداخل والخارج وترميم الزخارف اللونية بالقباب الداخلية، وأيضا ترميم الواجهات وتنظيفها من الاتساخات المتراكمة على الأحجار، وترميم الرخام المتواجد بالصحن وبيت الصلاة والمنبر الرخامي الفريد من نوعه