تقدمه:حنان عبدالقادر
المساجد هى بيوت الله فى الأرض..دائما عمرانه بذكره..يتجه إليها المواطنون يوميا فى الصلوات الخمس لإقامة الصلاة تعبدا وتقربا إلى الله عز وجل،وفى شهر رمضان الفضيل تزدان لإستقبال المواطنين لاداء الصلاة يتوجهون إليها ما أن ينطلق صوت الأذان، والذهاب إلى المسجد فى رمضان له فرحة وبهجة مميزة وبعض المساجد خاصة الشهيرة تنظم يوميا ندوات احتفالا بالشهر الكريم وتعليم الناس وتوعيتهم بصحيح الدين،المساء يوميا وعلى مدار الشهر الكريم تلقى الضوء على بيت من بيوت الله المنتشرة فى جميع أنحاء
المحروسة واليوم نلقى الضوء على ضريح الأمام الشافعي
الإمام الشافعي…عالم قريش الذي ملأ الأرض علماً
فلكل أمة من أمم الأرض علماء في شتى المجالات الدينية والدنيوية؛ يكونون محل تقدير واحترام لدورهم في بناء مجتمعاتهم دينيا وفكريا وثقافيا .. والأمة الإسلامية مثل باقي الأمم لها علماء مسلمون أرسوا دعائم العلوم الدينية والدنيوية، وكانوا منارات هداية ليس للعرب والمسلمين فقط بل للعالم أجمع، وساهموا في بناء الحضارة الإسلامية التي علمت العالم أجمع وقت كان ظلام الجهل يخيم على أوروبا في القرون الوسطى. وسنتناول اليوم واحداً من هؤلاء العلماء الذين ساهموا في يقظة المجتمعات الإسلامية وتقوية الإيمان بالله في مشارق الأرض ومغاربها، أنه الإمام الشافعي.
الشافعي: أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، فهو عربي قرشي هاشمي مطلبي، يلتقي مع الرسول صل الله عليه وسلم في جده عبد مناف. وهو صاحب ثالث المذاهب الإسلامية “المذهب الشافعي” في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء، قال فيه الإمام أحمد بن حنبل: ” كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس”
مولده ونشأته:
ولد بغزة عام 150ه، وتوفي والده وهو صغير، فانتقلت به أمه إلى مكة، وقد شب الشافعي فقيراً ضيق العيش، وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية وهو صغير، وتعلم النحو والأدب، كما نبغ في الفقه على حداثة سنه وأذُن له في الإفتاء، ولكن همة الشافعي لم تقنع بما وصل إليه، إذ بلغته أخبار إمام المدينة “مالك” رضي الله عنه، فهاجر للمدينة وطلب العلم من الإمام “مالك” بعد أن درس وحفظ كتاب “موطأ مالك”، وظل ملازماً لــلإمام ينهل من علمه حتى توفي مالك عام 179ه، فهاجر إلى اليمن ثم بغداد عام 184ه، وبدأ بدراسة المذهب الحنفي، ثم عاد الشافعي إلى مكة مرة أخرى، ومكث فيها حوالي تسع سنوات علٌم الناس خلالها المذهب الحنفي في الحرم المكي، ثم هاجر بغداد مرة أخرى وبعدها توجه لمصر عام 199ه، وكان يلقي دروسه في جامع عمرو بن العاص وعلم الناس مذهب الشافعي، إلى أن وافته المنية عام 204ه.
لم يمنع شرف نسب الإمام الشافعي عن العمل والسعي في طلب الرزق ليأكل من كد يمينه وعرق جبينه، وكان شغوفاً بالسفر والترحال، وقد استمد الشافعي ثقافته من عدة روافد منها شيوخه وأساتذته وقراءاته ورحلاته إلى اليمن والكوفة والبصرة ومكة وبغداد.
دروس الشافعي: كانت الدروس التي يلقيها الشافعي على تلاميذه كثيرة ومتعددة، فإذا صلى الفجر جاءه أهل القرآن، وإذا طلعت الشمس جاء أهل الحديث، وإذا ارتفعت الشمس جاءت حلقة المذاكرة والنظر، وعند ارتفاع الضحى جاء أهل العربية والعَروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار.
كتبه: الرسالة، جماع العلم، الأم، خلاف مالك، الإملاء الصغير، الأمالي الكبرى، مختصر المزني، مختصر البويطي، وغيرها.
أخلاق وصفات الشافعي:
كان الشافعي عارفاً بسنة الرسول صل الله عليه وسلم، محيطاً بقوانينها، عارفاً بآداب النظر والجدل، قوياً فيه، فصيح الكلام، قادراً على قهر الخصوم بالحجة الظاهرة، خصباً مثمراً، طاف البلاد وناظر الفقهاء، واستمع للعلماء، كما تميز بورعه وكثرة عبادته، فكان يختم القرآن يومياً، أما في شهر رمضان فكان يزيد على ذلك، وقد قال عنه الربيع بن سليمان المرادي المصري: (كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين مرة، كل ذلك في صلاة).
ضريح الشافعي:
تميزت مقبرة الإمام الشافعي بوضع عمود حجري ضخم عند الرأس وآخر عند قدميه، وقد نقش على عمود الرأس النص التالي: هذه مقبرة الإمام محمد بن الإدريسي الشافعي المؤمن بالله”.
التابوت الخشبي الذي يعلو مقبرة الشافعي
وفي عام 574ه أمر صلاح الدين بعمل تابوت خشبي وضع على قبر الإمام الشافعي، ومزخرف بحشوات هندسية منقوشة نقشاً في غاية الروعة والإتقان وكتب عليه آيات قرآنية، واسم الشافعي ونسبه، وتاريخ الانتهاء من عمل التابوت عام 574ه، واسم الصانع، وذلك بالخطين الكوفي والنسج.
وفي عام 608ه توفت والدة الملك الكامل بن العادل ودفنت في تربة الشافعي، لذلك شيد الكامل قبة تغطي التربة، ووضع بجوار تابوت الشافعي تابوت أخر فوق مقبرة والدته، وهذا التابوت لا يقل أهمية عن تابوت الشافعي، فهو مزخرف بزخارف جميلة وكتابات نسخيه تضمنت أسم والدة الكامل، وتاريخ وفاتها عام 608م. وقد بقي جزء كبير من الضريح الذي بناه الكامل، أما القبة الخشبية الحالية وكذلك المقرنصات والزخرفة الرخامية فهي من التجديدات التي قام بها السلطان قايتباي عام 885ه.
يعتبر ضريح الإمام الشافعي أكبر أضرحة مصر المنفصلة على الإطلاق، إذ يبلغ مساحته أكثر من 15م2 من الداخل و20.5 م2 من الخارج، وبني النصف الأسفل من الجدران من الحجارة والباقي من الطوب، نصل إلى داخل الضريح من باب مفتوح بالجدار البحري، حٌلى مصراعاه بزخارف دقيقة محفورة في الخشب وكٌتب عليه أبيات من الشعر وتاريخ الإنشاء عام 608ه.
ويحتوي الجدار الجنوبي للضريح على 3 محاريب، وقد استحدث السلطان قايتباي محراباً رابعاً في الركن الشرقي من الجدار نفسه لتصويب إتجاه القبلة.
وفيما يتعلق بزخارف الجدران الداخليّة للضريح، فهي غنيّة ومتنوعة، تبدأ من أسفل ببلاطات من الرخام متعددة الألوان، يعلوها إفريز من الخشب يليه من أعلى شريط عليه أبيات من الشعر باللون الذهبي على أرضية سوداء، يعود إلى أعمال التجديد التي أجراها علي بك الكبير بالضريح سنة 1772 (1186هـ)، وتنتهي الزخارف من أعلى بإفريز من الخشب عليه كتابة بالخط الكوفي باللون الذهبي على أرضية حمراء، يرجع أيضاً إلى تجديدات علي بك الكبير.
يغطي الضريح قبة عظيمة تُعد من أروع القباب في مصر، حيث يوجد في زوايا مربع السقف” منطقة انتقال القبة” ثلاثة صفوف من المقرنصات، مصنوعة من الخشب والمزخرف بكتابات نسخية، وينحصر بين المقرنصات شبابيك من الجص المفرغ والمعشق بالزجاج الملون، وفيما يتعلق بالقبة فهي تتكون من طبقتين: طبقة داخلية من الخشب، وخارجية من الرصاص، والقبة الخشبية والمقرنصات من التجديدات التي قام بها السلطان قايتباي عام 885ه.
المقرنصات الخشبية في منطقة انتقال القبة
الضريح من الخارج:
يتكون من ثلاثة طوابق: الأول من الحجر، فتحت في كل واجهة من واجهاته الأربع نافذة، والثاني يرتد عن الطابق الأول بمقدار 70سم تقريباً، ويزخرف واجهاته صف من الحنيات على شكل محاريب محارية مشعه تشبه زخارف واجهة مدرسة الصالح نجم الدين أيوب وواجهة جامع الأقمر بشارع المعز، ويوجد بينها أشكال دوائر ومعينات مزخرفة يعلوها إفريز من أشكال هندسية يتوجه شرفات مسننة أوجهها مزخرفة، أما الثالث فهو القبة التي يعلوها قارب صغير من النحاس، وهو من أصل البناء، وقد اختلفت آراء العلماء في سبب وجوده. رأى البعض أنه أُعد لوضع الماء والحبوب للحمام، بينما رأى البعض الآخر أنه قد يكون رمزاً لعلم الإمام الشافعي، باعتباره بحراً للعلوم.
مؤخرا اصطحب الرئيس عبدالفتاح السيسي السيد رجب اردوغان الرئيس التركى لزيارة الضريح عند زيارته مؤخرا لمصر