تقرير ✍️ د.خالد محسن
دعا الدكتور عباس شراقي الخبير الدولي وأستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بكلية الدراسات العليا الأفريقية بجامعة القاهرة لضرورة العمل الجاد بمنطلقات علمية علي استدامة المشروعات الزراعية الجديدة باعتبارها ضرورة عصرية ،وإيجاد آليات تضمن الحفاظ على مخزون المياه الجوفية واستبناط أصناف تتحمل ظروف ندرة المياه والتغيرات المناخية.
وثمن د. شراقي توجيهات الرئاسة أمس بإعداد دراسات متكاملة لانتقاء أفضل أنواع الزراعات والمحاصيل، والاستفادة القصوى من مصادر المياه ووضع أفضل سياسات لترشيد الاستهلاك، وتعظيم الاستفادة من المياه بالرى الحديث ومعالجة مياه الصرف والتحلية والصوب الزراعية، والاعتماد على الوسائل الزراعية المتناسبة مع طبيعة الأراضى والمناخ فى كل منطقة زراعية.
وأوضح د. شراقي لمنصة “المساء أون لاين” أن المساحات المنزرعة فى مصر حاليا تقترب الـ 11 مليون فدان ، وهو رقم قياسى غير مسبوق بعد تكملة المشروعات القومية الكبرى التى بدأت نهاية التسعينيات وهى توشكى وشرق العوينات وترعة السلام وتقدر مساحتها بحوالى 1.3 مليون فدان مع توفر احتياجاتها المائية من نهر النيل بنسبة 80%، والباقى على المياة الجوفية غير المتجددة فى شرق العوينات.
وتابع : فى السنوات الأخيرة بدأت مرحلة زراعية جديدة لزراعة 1.5 مليون فدان تعتمد على مياه النيل بنسبة 20% فى توشكى وسيناء، وعلى المياه الجوفية غير المتجددة بنسبة 80% فى مناطق عديدة بالصحراء الغربية مثل شرق العوينات والواحات الخارجة والداخلة والفرافرة والبحرية، والمغرة وغرب غرب المنيا وسيناء.
وحديثاً مشروع مستقبل مصر “الدلتا الجديدة” الذى يستهدف زراعة مليون فدان فى مرحلته الأولى معتمداً على معالجة مياه الصرف الزراعى من محطة الحمام التى يتم إنشاؤها حالياً مع استخدام جزء من المياه الجوفية.
وأضاف: إن الدولة تسعي جاهدة لسد الفجوة الغذائية عن طريق التوسع الزراعى الرأسى والأفقى، وتقليل استيراد المحاصيل الرئيسية مثل القمح وهذا شئ جيد، ولكن ليس بالضرورة أن نكتفى ذاتياً بكل احتياجاتنا الغذائية، ولكن الأهم هو أن يكون لدينا الدخل الكافى عن طريق تنمية الصادرات المصرية خاصة الصناعية، وتطوير الخريطة والصادرات الزراعية وتحويلها إلى منتجات زراعية مصنعة للاستفادة من القيمة المضافة حيث أن تصدير الخامات الزراعية يعد خسارة مائية كبيرة وعائدا محدودا خاصة وأن معظمها محاصيل رخيصة مثل الموالح والبطاطس وبنجر العلف ، فمعظم الدول تكز على السلع التي تستطيع إنتاجها بكفاءة عالية وعائد كبير، وتشتري من الدول الأخرى السلع الرخيصة التى تحتاجها على أساس مقارنة الميزة النسبية.
وبعد زيارته الأخيرة للواحات المصرية أعرب د.شراقي عن سعادته بجهود استصلاح وتعمير الصحاري المصري ،حيث تزينت بالدوائر الخضراء المبهجة، لكن بتكالبف مرتفعة.
وتابع : الزراعة أصبحت مكلفة والسؤال الأهم الآن كيف نضمن الاستدامة لتلك المشروعات؟ هذا يستوجب خبراء زراعيين واقتصاديين لتقييم هذه المشروعات بعيداً عن تأثير الشعارات القومية غير الواقعية، ووضع سياسات زراعية اقتصادية مستدامة فى ظل إمكاناتنا المائية وخطة الدولة الاستراتيجية حتى نحافظ على فرحتنا بهذه المشروعات.
وطالب د.شراقي بضرورة إجراءالدراسات والأبحاث اللازمة لتجنب استهلاك المخزون الجوفى غير المتجدد، ويجب الاستفادة من تجربة السعودية فى سبعينات القرن الماضى فى استنزاف مخزونها الجوفى بحوالى 300 مليار متر مكعب من مياه جوفية لانتاج القمح بتكلفة أربعة أضعاف السعر العالمى.