اشارت دراسة اعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حول صناعة السكر إلى أن زراعة المحاصيل السكرية فى مصر تعانى من تحديات مشتركة، منها تفتت الحيازات الزراعية وعدم القدرة على الاستفادة من التكنولوجيات الحديثة فى الزراعة والحصاد والرى، وانخفاض جودة البذور والسلالات المستخدمة، وارتفاع تكاليف الزراعة خاصة بعد التعويم ورفع دعم الطاقة، وعدم سلاسة عملية توريد محصولى القصب والبنجر وتأخر مستحقات المزارعين، وارتفاع الهدر لضعف كفاءة اللوجستيات المرتبطة بنقل وتخزين المحاصيل السكرية، وعدم تناسب الخدمات المقدمة من التعاونيات والإرشاد الزراعى لاحتياجات المزارعين خاصة الصغار.
اكدت الدراسة أن هناك توجه واضح للدولة نحو التوسع فى المساحات المزروعة من البنجر وهو ما وصفته بالتوجه السليم لما يتمتع به البنجر من مزايا متعددة مقارنة بالقصب، منها قصر مدة زراعته، وارتفاع محتواه السكرى، وانخفاض تكاليف زراعته، وانخفاض نسبى فى استهلاك المياه، وآلية تسعير محفزة على الجودة. الا انها اوضحت أن التوسع فى زراعة البنجر يتضمن بعض التحديات التى تتطلب سياسات جادة للتعامل معها، منها عدم توافر البذور محليا وانخفاض متوسط إنتاجية الفدان خاصة فى الأراضى القديمة، وانخفاض جودته مع ارتفاع درجة الحرارة وبالتالى لا يمكن إحلاله بشكل كامل بالقصب.
.
بحسب الدراسة فان شركات قطاع الأعمال العام من تانى من ارتفاع تكلفة انتاج السكر سواء من قصب السكر او البنجر لعدة أسباب، منها ارتفاع سعر توريد المحاصيل السكرية وارتفاع التكلفة الثابتة، وتقادم الآلات وتكنولوجيا التصنيع الحديثة والصيانة النمطية، وعدم الاستفادة من إجمالى الطاقة التشغيلية حيث يوجد 23.2% طاقة عاطلة فى شركات السكر الحكومية، بالإضافة إلى نقص الفنيين والمهندسين نتيجة وقف التعيينات الحكومية، وضعف الخبرة الفنية فى إدارة الشركات
ورصدت الدراسة ضعف القدرات التسويقية للشركات الحكومية المنتجة للسكر، وانخفاض عدد شركات الجملة ونصف الجملة فى مجال التوزيع والتجارة، مما يفتح المجال للاحتكار، بجانب ضعف الرقابة على تجار التجزئة
.
ولحل مشاكل صناعة السكر اكدت الدراسة أن نقطة البداية تتمثل فى إدارة صناعة السكر والصناعات التكاملية من منظور سلسلة القيمة، بمعنى التكامل بين كافة المراحل وعدم التعامل مع كل مرحلة بشكل منفصل، واعتبار التصنيع قاطرة التغيير على مستوى سلسلة القيمة فى كافة مراحلها وخاصة المنتجات مرتفعة القيمة المضافة، داعية إلى رفع كفاءة سلسلة القيمة للسكر، والموازنة السليمة بين الاعتبارات الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية، وتعظيم العائد الاقتصادى، والوصول إلى سلسلة قيمة أكثر استدامة. واشارت الى ضرورة وضع إطار استراتيجيى شامل وواضح للمنظومة، وتنفيذ إصلاح مؤسسى سليم، ورفع الكفاءة الفنية، واستغلال الفرص الاستثمارية.
من جانبه أكد الدكتور سعد نصار أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة ومحافظ الفيوم الأسبق، أنه لا يمكن الاستغناء عن أى محصول على حساب الآخر فكلاهما له أهميته، مشيرا إلى أنه ليس من المقرر التوسع فى المساحات المزروعة من قصب السكر المقدرة بنحو 325 ألف فدان حاليا، ولكن الهدف هو التوسع الرأسى برفع كفاءة إنتاجية الفدان من متوسط 40 طن/ فدان، إلى 50 – 60 طن/ فدان،.
وأشار- خلال الندوة التى نظمها المركز لمناقشة نتائج الدراسة – إلى إمكانية زيادة مساحة زراعة البنجر من 600 ألف فدان حاليا إلى مليون فدان، من خلال الأراضى الجديدة والهامشية، بالإضافة إلى التوسع الأفقى من خلال تحسين الإنتاجية .
وطالب نصار بضرورة إعادة النظر فى سياسات تسعير المحاصيل وسياسات تسعير السكر، حيث تحقق المصانع التكاملية خسائر وهو ما يتطلب إعادة نظر كاملة فى سلاسل القيمة لأنها لا تحقق الربحية الكاملة، داعيا إلى أهمية إعلان أسعار المحاصيل الزراعية قبل بدء موسم الزراعة وليس بعده.
من جانبه أوضح إسلام سالم الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة القناة للسكر، أنه من النقاط الأساسية فى الاستثمار بصناعة السكر والتوسع فى الزراعة، هو وجود اتجاه واضح لدى الدولة وإن كان على المدى القصير، فى تحديد نوع الدعم للمواطن نقدى أم عينى، وعدم التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الضغط، فى تسعير السكر، طالما توفرت المنافسة العادلة، مع وجود جهاز قوى لحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية يقوم بدوره.
وأشار سالم إلى أنه ليس من المنطقى الحديث عن التوسع فى مساحات زراعة البنجر لتصل إلى 2 – 3 مليون فدان، دون وجود بورصة سلعية تتضمن مستقبلية لأنها الآلية المتعارف عليها عالميا والتى تضمن وجود رؤية لدى جميع الأطراف سواء المصنع أوالمنتج أو المستهلك.
وأكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية ، أنه لا يوجد داعى للجدل بشأن الاعتماد على بنجر السكر أم قصب السكر لتصنيع السكر فى مصر، فاقتصاديا الأمر محسوم لصالح البنجر لما يتمتع به من مزايا مع ضرورة تبنى سياسات للتعامل مع تحديات التوسع فى زراعته،
اشارت الى ان الاحتفاظ بالمساحات المنزرعة بقصب السكر ضرورة استراتيجية واجتماعية ويمكن أن يتحول إلى فرصة اقتصادية حقيقية من خلال الاستغلال الكامل لكافة الصناعات التكاملية خاصة صناعة الورق، التى ترتبط بتصنيع قصب السكر على غرار ما تقوم به الدول الأخرى، مما يحدث تأثيرات مضاعفا على الاقتصاد القومى وزيادة الدخول وخلق فرص العمل، وتحديدا فى الصعيد بالإضافة لتقليل الواردات.
ودعت عبد اللطيف إلى عدم تدخل الدولة فى عملية تسعير المنتجات لأنه يخل بسلسلة القيمة، مطالبة بضرورة التوسع فى سياسة إعلان تسعير المحاصيل قبل موسم الزراعة على غرار ما نفذته الحكومة بالنسبة لتسعير القمح قبل زراعة الموسم الجديد، وهو ما يحقق وضوح الرؤية.