اعلن اسماعيل محمد منسق عام المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالمنيا بان المنظمة بالاشتراك مع بيت العائلة بجنوب المنيا عقدا ندوة بعنوان المواطنة ودعم مؤسسات الدولة بالمعهد الثانوي الازهري للبنين بمركز ومدينة أبو قرقاص بمتابعة وحضور أحمد نوح أمين عام فرع المنظمة بالمنيا والشيخ محمد صابر حبيب عضو المنظمة ، رئيس بيت العائلة بجنوب المنيا طلعت عبدالمقصود عضو المنظمة، الشيخ فتحي عبدالوهاب مسؤول العضوية ببيت العائلة والشيخ سعد شحاته مدير إدارة أبو قرقاص التعليمية الأزهرية والشيخ خاطر محمد عضو المنظمة، وعضو الوعظ بالمنيا والشيخ أحمد سيد وعظ أبو قرقاص و عبدالعزيز اسماعيل الاخصائي الاجتماعي بالمعهد.
وقال إن المواطنة تعني حب الإنسان لوطنه ودفاعه عنه وهي مفاعلة بين الإنسان المواطن وبين الوطن الذي يعيش فيه وينتمي إليه، وهي تقتضي أن يكون انتماء المواطن وولائه وحبه لوطنه الذي ينتمي إليه، ويدافع عنه.
وحب الإنسان لوطنه هو حب غريزي يولد مع الإنسان ذي الفطرة السليمة، وقد قيل في مأثور الحكم:” حب الأوطان من الإيمان” وقيل: “إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل فٱنظر حنينه إلي وطنه”.
وقد جاءت الشرائع السماوية لتأكد هذا المعني النبيل للمواطنة ، وتحث علي حب الأوطان والتمسك بها والدفاع عنها، بل أوجبت الجهاد الدفاعي عن الوطن، وٱعتبرت من يقتل في سبيل الذود عن وطنه وبلده شهيدا.
وأكد القرآن الكريم علي حب الإنسان لوطنه مبينا أن الإخراج من الديار معادل ومساو للقتل الذي يخرج الإنسان من عداد الأحياء، قال تعالي : ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) النساء ٦٦.
ومن المواثيق التي أخذها الله علي بني إسرائيل، ما يؤكد المعني وهو أن الإخراج من الديار، والحرمان من الوطن هو معادل لسفك الدماء والإخراج من الحياة _ قالي تعالي:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة [٨٤_ ٨٥]
وعلَّمَنا رسولنا الكريم صلي الله عليه و على آله وصحبه وسلم حب الإنسان لوطنه عند هجرته إلى يثرب التي أضاءت وأشرقت بمقدمه، معلنا محبته لمكة المكرمة؛ عن عبدالله بن عدي بن حمراء رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على الحذورة، فقال: ” والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلي الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت” .
وهذه العلاقة بين الإنسان ووطنه المتمثلة في انتمائه إليه، وحبه له، ودفاعه شعور وجد في كل العصور، وبين كل الشعوب، ففي ثقافات الشعوب والمجتمعات وآدابها مساحة واسعة، عبرت من خلالها تلك الشعوب والمجتمعات عن حبها وعشقها لبلدانها وأوطانها، وعن تعلقهم بالأرض التي نشأوا وتربوا فيها، وكثير من الأعمال الأدبية البارزة تمجد إخلاص الناس لبلادهم، واستعدادهم للموت دفاعا عن حريتها وكرامتها.
والمواطنة تعني المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق وتنطبق علي جميع المواطنين الذين يعيشون في وطن واحد دون تفاوت بينهم، وتستدعي المساواة بينهم في الحقوق المنبثقة من الانتماء الوطني بٱعتبارها مصدرا لها تندمج فيها الحقوق الإنسانية، وتقع موردا لتطبيق تلك الآيات التي أقرت عدم التفاوت بين فرد وآخر داخل الشعب الواحد والوطن الواحد .
وقد ضرب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا للشراكة الكاملة والعقد القائم بين أفراد الشعب الواحد، بجماعة واحدة علي سفينة واحدة ذات طابقين، فكان الذين في أسفلها إذا ٱستقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقال بعضهم:” لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا” وقد عقب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله:” فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا من معهم جميعا” .
وبعد وصوله صلي الله عليه وسلم المدينة وضع دستورا يحدد فيه علاقة المسلمين ببعضهم البعض ، وعلاقة المسلمين بغير المسلمين، عرف هذا الدستور بوثيقة المدينة حتي بلغت آفاق المساواة في حقوق المواطنة إلي الحد الذي نص فيه عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلي النصاري علي مساعدة الدولة الإسلامية لهم عند الحاجة في بناء دور عبادتهم وترميمها.
حتي في المسائل المالية والاقتصادية مثل الخراج والضرائب، نص عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للنصاري على أنه : ” لا يجار عليهم ولا يحملون إلا قدر طاقتهم وقوتهم علي عمل الأرض وعماراتها وإقبال ثمرتها، ولا يكلفون شططا، ولا يتجاوز بهم أصحاب الخراج من نظرائهم.
وكل حقوق المساواة في المواطنة “لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين” كذلك نص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للنصاري علي الحرية الدينية، فجاء فيه: ” ولا يجبر أحد ممن كان علي ملة النصرانية كرها علي الإسلام”
( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ) العنكبوت ٤٦؛ ويخفض لهم جناح الرحمة، ويكف عنهم أذي المكروه حيث كانوا، وأين كانوا من البلاد”.
وإذا كانت المواطنة وحقوقها قد عرفها الغرب علي أنقاض الدين، بعد انتصار العلمانية على الكنيسة الغربية، ولذلك جاءت مواطنة علمانية؛ فإن الإسلام هو الذي أنشأ المواطنة، وشريعته هي التي قررت علي حقوقها، وضمنت حماية هذه الحقوق، حتي لا تكون ” منحة ” يسمح بها حاكم، ويمنعها آخر.
اضاف ان للمواطنة الحقة أّسُسًا لا بد من تحققها من أجل أن تؤتي ثمارها المرجوة والتي منها والتمسك بأخلاق الإسلام، والابتعاد عن مساوئها، ورعاية حقوق الإنسان وأدائها، بدءا من حق الوالدين والأرحام، وانتهاء بحقوق الجيران والأصحاب، والاستخدام الأمثل للحقوق والمرافق العامة، والسعي الجاد من كل مواطن لتأمين الآخرين على أموالهم وأنفسهم.
الوفاء بالعهد واحترام المواثيق وهو أمر حث عليه القرآن، وأبان أنه مقدم علي النصرة في الدين، قال تعالي: { وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } الأنفال(72).
العدل بين المواطنين هو أساس الأسس والركن الركين، قال تعالي :{ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } المائدة (2)، وقوله أيضا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } المائدة (8).
حبك للوطن الذي أنت فيه، وللقوم الذي أنت منهم، لا شك أن حب الله ورسوله والولاء لهما من أعظم مقتضيات الإيمان، لكن هذا لا يعني لزوما نفي الحب عن غيرهما، وقد رأينا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما خرج من مكة مهاجرا بعد أن أصبحت مكة تأبي الإسلام وتضهد أهله نظر إليها سيدنا رسول الله مودعا والحنين إليها يملك عليه أقطار نفسه: ” أما والله لأخرج منك،، وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي وأكرمه علي الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت “.
متطلبات المواطنة الصالحة تعريف المواطن بأهمية موقع وطنه ومكانته وإمكاناته وتاريخه، والشخصية المميزة له، وسياسته الخارجية التي تحظي باحترام المجتمع الدولي، وخصائص المجتمع الذي يعيش فيه ومميزاته، ومنها: الاعتدال والتوازن والوسطية والتراحم والتواد والتعاون على البر والتقوى؛ ليكون محل ٱفتخاره واعتزازه.
غرس حب الوطن في نفوس المواطنين وتنميته ليزدادوا اعتزازا به، وحفظا علي رفعة شأنه، وتحمسا للدفاع عن كرامته وترابه، مع تمنية الاعتزاز بالانتماء إلي الأمة العربية والإسلامية والاقتناع بأهمية الارتباط بالعالم الخارجي.
ترسيخ القيم الإسلامية والاجتماعية الحميدة لدي المواطنين، كالتعاون والصدق والأمانة والصبر.
بيان مفهوم الوطنية من منظور إسلامي، وبيان معني الكرامة الوطنية، وما تفرضه على المواطن.
تعريف المواطن بحقوقه وواجباته في ظل تعاليم الإسلام.
حث المواطنين على العمل على سد نوافذ البغضاء والخصومة والفرقة بين أفراد المجتمع.
تحذير المواطن من بعض المفاهيم الخاطئة التي شاعت وٱنتشرت في بعض المجتمعات الإسلامية، والتي تستخدم في معاداة الإسلام، وتدريبه على التميز بين الحقائق والإشاعات، والتحقق من صحة المعلومات.
تعريف المواطن بوظيفة الأجهزة الحكومية، وما يجب عليه نحو دعم هذه الأجهزة ومساعدتها، وتبصيره بما قامت وتقوم به الدولة من واجبات في مختلف المجالات لرفع شأن الوطن والمواطن .