✍️ بقلم الأديب: أحمد رفاعي آدم
الناس أمام العلم صنفان: علماء وعامة، وإذا كان اقتحام المدنية الغربية بعلومها وتطورها وعاداتها وطبائعها يتطلبُ تسلحاً خاصاً وحمايةً كبيرةً وأفراداً بقدرات معينة كي لا يسقطوا ضحايا تلك المدنية المشوبة بكثير من الانحلال والتسيب الأخلاقي كان لِزاماً أن يصبح العلم غايةً تطلب بالغالي والنفيس.
أغلبنا -لا أقول جميعنا- يعلم أن صادرات الغرب تأتي إلينا وهي تحمل في طياتها أدوات مفسدة وعوامل خطرة على ضعاف العقول ومحدودي الآفاق ومحصوري الثقافة وقليلي المعارف الدينية؛ وبالإجمال هي خطرة على العامة الذين لم يتحصنوا بالعلم السوي والمعرفة الحقيقية. ومنذ ميلاد العولمة وانهيار الحدود بين دول العالم خاصةً مع ظهور الإنترنت أصبح شبابنا مستهدف باستمرار ومع انحطاط المستوى الأخلاقي للمحتويات الواردة ومع ضعف حظوظ الكثيرين من العلم باتوا أكثر عرضةً للإصابة بمفاسد المدنية الغربية الملوثة.
ولما كانت علاقتنا بالغرب في مجملها علاقة تقليد، علاقة تابع أدنى في الرتبة لمتبوع أعلى في الرتبة، صرنا نرى النقص في أنفسنا مهما بلغت بنا القوة والأدهى أننا بتنا نستكمل ذلك النقص باستدعائه منهم حتى بلغ بنا الأمر حد التسليم والانقياد الأعمى في كثير من الأحوال.
ولذلك تزداد المسئولية على كل من له دور في تربية النشء من آباء وأمهات ومعلمين ومربين، علينا أن نأخذ حِذرنا ونحتاط لأبنائنا من الأضرار التي قد تقع عليهم من ذلك الانفتاح على المدنية الغربية. وأبرز الأدوار التي يجب أن نؤديها هو دور القدوة الصالحة فأنفع النصح وأرفع القيم ما جاء عن طريق التقليد المُقنِع. كذلك من الضروري أن نهتم بالحوار والنقاش البناء الذي يسهم في النهاية في خلق شخصيات سوية بسمات اجتماعية وثقافية وأخلاقية قويمة. وأخيراً وليس آخراً علينا أن نهتم بمتابعة ما يستقي منه أبناؤنا وبناتنا معارفهم وعاداتهم وثقافاتهم ومبادئهم حتى نستطيع أن نتدخل في الوقت المناسب لنسمح بمرور الصالح النافع دون الطالح الضار.
وختاماً، إذا أردنا أن نلخص كل ما سبق في كلمة لكانت “الأمان”، الأمان الذي يحصن الأجيال من التقليد الأعمى والاقتباس المتخبط، الأمان الذي يمنع نسخ هوية الآخر بملوثاتها ويحفظ علينا ثقافتنا وعاداتنا وقيمنا راسخةً رسوخ الجبال، هذا الأمان لن يضمنه بعد الله إلا التحصن بالعلم، فهو طوق النجاة الحقيقي.