اكدت دراسة حديثة اعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية ان تجربة المطور الصناعى التى حققت نجاحا كبيرا فى مصر لاعتمادها على نموذج أعمال يختلف عما هو مطبق من خلال الجهات الحكومية ذات العلاقة، تواجه حاليا عددا من التحديات تتمثل فى تعدد جهات الولاية على الأرضى الصناعية وغياب مخطط استراتيجي قومي للأراضى، وغياب فلسفة طرح الأراضي للمطور،و عدم وضوح الإطار القانوني الذى يعمل من خلاله المطور، وغياب المرجعية التييتم على أساسها تعديل قواعد الطرح، وازدواجية الدور الذى تقوم به جهات الولاية.
ونظم المركز اليوم ندوة موسعة لمناقشة الدراسة بحضور رئيس هيئة التنمية الصناعيةووليد عباس نائب وزير الاسكان وعددا من المطورين الصناعيين
اكدت الدراسة على أن زيادة الاستثمار والتصدير هما طوق النجاة لخروج مصر من الأزمة الحالية بشكل مستدام والمطور الصناعي هو الوسيلة الأسرع والأكثر كفاءةاقتصاديا للمساهمة في الهدفين، ولكن هناك خلل فى العلاقة بين الحكومة وطرفىالمنظومة “المطور والمستثمر” مما يحد من الاستثمار الصناعى.
وقالت الدراسة أن تعظيم الاستفادة من المطور الصناعى يتطلب العمل على أربعة محاورتتمثل فى حل المشاكل الإجرائية التى يعانى منها المطور، وضمان عدم مزاحمة الحكومةللمطور الصناعي واقتصار دخولها بشكل تنفيذي في المناطق التي يصعب على المطورالعمل فيها، ورؤية واضحة للحكومة عن أهمية دور المطور الصناعي وتسهيل حصولهعلى الأراضي لتحقيق زيادات سريعة في الاستثمار، وتوفير المعلومات عن مجالاتالاستثمار لمساعدة المطور في الترويج، وأكدت على أن الحل الجذرى للمشكلة يتمثل فىتغيير نظرة الحكومة للمطور الصناعى من منافس إلى شريك يساعدها على تحقيقمستهدف جذب الاستثمار الصناعى وتحقيق التنمية الصناعية
.
وفى تعقيبه على الدراسة قال :محمد قاسم رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية العالمية للتجارة، وأحد رواد التطويرالصناعى، أن الدراسة تعرضت للعديد من مشاكل المطور الصناعى والتى استعرضخلفيتها التاريخية منذ بدايتها، لافتا إلى أنه بالنظر للوضع العام فلدينا عجز ضخم فىالأراضى والمرافق من احتياجاتنا من الاستثمار الصناعى، مشيرا إلى عدم نجاح مشروعإنشاء المدينة النسيجية فى صعيد مصر منذ عهد عدد من الوزراء السابقين وحتى الآننتيجة عدم قيام الحكومة بتوصيل المياه على رأس الأرض، ولفت إلى وجود تغيرات كبيرةوسريعة فى سلاسل الإمداد العالمية، ومصر لديها فرصة ذهبية فى جذب استثماراتجديدة وهناك حاجة لسياسات مالية ونقدية واقتصادية مواتية لذلك.
من جانبه أشاد الدكتور وليد عباس معاون وزير الإسكان لشئون هيئة المجتمعاتالعمرانية الجديدة – ممثلا لوزير الإسكان – بدراسة المركز التى أظهرت كافة تحدياتالتجربة بشكل علمى، وشدد على أن الحكومة تثمن دور المطور الصناعى لأنه سيتحملكثير من العبء عن كاهل الحكومة، لافتا إلى أنه يجرى العمل بالتعاون مع هيئة التنميةالصناعية ووزارة التنمية المحلية على تطوير المنظومة، حيث تم بالفعل وضع قواعدواضحة لتخصيص الأراضى للمطور الصناعى تم اعتمادها بالفعل، ويجرى النقاش معممثلين عن المطورين الصناعيين لتحديد السعر المناسب للأرض، وتم بالفعل تخصيصنحو 9 آلاف فدان فى 4 مدن هى كتوبر الجديدة وأسوان والفيوم والعلمين، ولكن بالنسبةللعقود فتستغرق وقتا للوصول إلى عقد يحفظ حقوق كافة الأطراف “المطور والمستثمروالحكومة“.
من جانبه اشاد المهندس محمد عبد الكريم رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعيةبالدراسة، معربا عن اهتمامه الشديد بالاستفادة من نتائجها لتكون الأساس الذى يتمالتشاور من خلاله مع المطورين لتذليل كافة العقبات التى تواجه عملهم والوصول إلىأفضل صيغة للعقود، مؤكدا أن إدارة المجمعات الصناعية والترويج لها وبيعها هو دورأصيل للمطور الصناعى وليس الحكومة، فهو الأقدر على الترفيق، وهو توجه الهيئةالحالى بالفعل.
وأشار عبد الكريم إلى بدء التشاور مع المطورين حول “العقد الثلاثي المتوازن” بينالحكومة والمطور والمستثمر، ولكن تم انتظار الانتهاء من هذه الدراسة للاستفادة مننتائجها للوصول إلى أفضل صيغة ممكنة للعقد تتلافى المشكلات السابقة، مؤكدا فىالوقت نفسه أهمية وجود حل مؤسسى للعلاقة بين التنمية الصناعية وهيئة المجتمعاتالعمرانية لمنع حدوث تضارب بين جهات الحكومة، حيث يتم التحرك والتعاون بين الجهتينبشكل جيد حاليا استنادا إلى العلاقات الشخصية الجيدة وهذا لا يعد حلا جذرياللمشكلة.
وطالب عبد الكريم بإتاحة كافة بيانات الأراضى لجميع الجهات المعنية، مشيرا الىاجتماعات تمت بالفعل بين وزراء الصناعة والإسكان وهيئتي المجتمعات العمرانيةوالتنمية الصناعية للوصول إلى آلية لحل هذه المشكلة فى ظل وجود كافة معلوماتالأراضى لدى المجتمعات العمرانية، كما سيتم الحديث أيضا مع التنمية المحليةوالمحافظات للوصول إلى آلية للحل، لأن الأراضى هى عنصر مُمَكن للاستثمار فى مصر.
وشدد على عدم وجود أى تنافس بين الحكومة والمطور الصناعى، وأن المطور هو الحلالسحرى للاستثمار فى مصر،
وقال أن وجود تشريع منظم لعمل المطور الصناعى نقطة جيدة ولكن هناك حاجة لتعاقدجيد ووضوح الرؤية للقطاع والمطور الصناعى، مؤكدا أنه سيتم الاستفادة مما تم التوافقعليه خلال المناقشات بالندوة ليتم وضعه كأساس للرؤية بين الحكومة والمطور والمستثمر.
قال المهندس كريم سامي سعد رئيس مجلس إدرة شركة سامكريت القابضة للتطويرالصناعى، ان الدراسة أظهرت كافة التحديات التى يواجهه المطور الصناعى فى مصر،وقال أن الجيل الأول من المجتمعات الصناعية تأسس فى الثمانينات من القرن الماضى،وتأسس الجيل الثانى على يد المطور الصناعى منذ نحو 15 عاما، وهى تجربة ناجحةجدا مقارنة بالجيل الأول نجحت فى جذب استثمارات صناعية مميزة، فلم يقف دور المطورالصناعى على ترفيق الأراضى ولكن امتد لتطوير مفاهيم جديدة فى الصناعة حيث يقومالمطور بعمل سلاسل القيمة فى المنطقة التى يطورها، واهتم المطور بالتدريب والمدارسالصناعية. وأعلن سعد عن اتفاق شركتى سامكريت والسويدى على بدء توطين صناعةصوامع الغلال فى مصر بتكلف من وزير التموين أمس.
وطالب سعد بضرورة وجود رؤية للجيل الثالث من المناطق الصناعية فى ظل المنافسةالعالمية الشرسة، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال، والاهتمام بالتوجهنحو التصدير، وأعرب فى الوقت نفسه عن مخاوفه من فكرة العقد الثلاثي الذى تحدثعنها ممثلي الحكومى وما يمكن أن ينتج عنه من تدخل الحكومة فى التعاقد بين المطوروالمستثمر، ودعا إلى تفعيل مكاتب الاعتماد التى نص عليها القانون، وهو ما رد عليهرئيس هيئة التنمية الصناعية معلنا بدء العمل بالفعل لمكاتب الاعتماد التى تم اعتمادهاخلال أسبوع لتيسير الإجراءات.
وقال باسل شعيرة مدير عام مجموعة بولاريس ورئيس شعبة التطوير الصناعى باتحادالصناعات، أن الدراسة غطت بالفعل كافة ما يتعلق بالتطوير الصناعى، ومن الواضحوجود اتفاق بين الجميع على أهمية المطور الصناعى.
وطالب شعيرة بوجود استراتيجية واضحة لطرح الأراضى تمكن الشركات من عمل دراساتالجدوى، وعدم المساس بالمرونة فى العلاقة بين المطور والمستثمر فى ظل وضوح العقدبينهما.
وأكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز أن تجربة المطورالصناعى حققت نجاحا كبيرا بالفعل، وهناك اجتهاد حكومى جيد فى حل المشكلات التى تواجهه ولكن المشكلة الأكبر تتمثل فى عدم وجود إطار مؤسسى للمنظومة، وشددت علىأن القطاع الخاص جزء من عملية صنع القرار ولا يجب أن يكون مجرد متلقى، كما أنعنصر الوقت ليس فى صالحنا وهو ما يتطلب تحركا سريعا فى هذا الملف لما للمطورالصناعى من دور محور جذب الاستثمارات الصناعية، معلنة عن عزم المركز دراسة تجاربالدول الأخرى فى الجيل الثالث للمناطق الصناعية للاستفادة منها فى مصر.