»»
نجا فريق الإسماعيلي الملقب ببرازيل مصر والعرب من مقصلة الهبوط من الدوري الممتاز لغياهب المجهول بالقسم الثاني، بعد معاناة كبيرة لا تليق به ،بتاريخه وبطولاته ومكانته في قلوب كل المصريين.
ولا يختلف اثنان من المنصفين على أن بقاء فريق الإسماعيلي فاكهة الكرة المصرية في الدوري يضفي عليه رونقا خاصا ،وهوية كروية ممتعة بالأداء الجميل والروح العالية ،واللوحات المبهرة التي يبدعها جماهيره وعشاقه في مختلف ملاعب المحروسة.
ولا يتخيل أحد دوري لكرة القدم في أرض الكنانة بدون الاسماعيلي ، ولاعبيه الذين توارثوا اللعب الجميل والإبداع الفني الكروي ،وجمل هذه الصورة المضيئة المشرقة وأضفي عليها بهاء،و جمالا خاصا جمهور الاسماعيلية الوفي من مختلف المحافظات ،وبطبيعة الحال من أبناء مدينة الإسماعيلية بلد السحروالجمال ،ووطن الدراويش الغالي .
ويكفيك بهجة واعتزازا،أن تسمع وتشاهد أهازيج جمهور الدراويش وأغانيهم التراثية علي أنغام “لسمسمية” ،وتفننهم وإبداعاتهم في ابتكار صور التشجيع والتأييد لفريق الدراويش في السراء والضراء، وظل صامدا في أحلك الظروف حتي تجاوز كل المحن.
“الاسماعيلي مش فريق بنشجعه ..الاسماعيلي تراث بنعشقه”..هكذا قال أحد مشجعي الدراويش..
إنها حكاية حب وانتماء
حكاية عهد وعطاء ..حكاية شعب الاسماعيلية الصامد في وجه كل المحن ..إنها حكاية المرابطين صناع الحياة الذي عايشوا ويلات الحروب والتهجير حتي تحقق الأمل والنصر والعزة لكل مصري.
وما يزال منبع البهجة للقلوب حين تستدعي الأذهان الذكريات الأولي إبان الزمن الجميل حين حصد الفريق أول بطولة إفريقية موسم 1969-1970، حيث احتشد ما يقرب من 120 ألف مصري في احتفالية مبهجة باستاد القاهرة الدولي الملقب باستاد “ناصر” يومها ليفوز الاسماعيلي علي فريق الانجلبير “مازيمبي”الآن ،ويتوج الدروايش بأغلي بطولة وبلقب بطل إفريقيا كأول نادي مصري وعربي، وبعدها توالت بطولات وإنجازات الأندية المصرية.
ولن ينسي أحد نجوم الكرة المصرية خريجي مدرسة الاسماعيلي الكروية قديما وفي وقتنا المعاصر ،والتي خرجت أجيالا ومواهب لمختلف الفرق القومية ،بل وأسهمت الانتقالات الاحترافية الناجحة في دعم صفوف قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك وتحقيق العديد من البطولات المحلية والدولية.
ولن ينسي المصريون حكاية دراويش الكرة المصرية بنادى الإسماعيلى العريق الذي تأسس عام 1924، وأصبح عضوا باتحاد الكرة المصرى عام 1926، وأطلق عليه “الدراويش”، نسبة لأبرز لاعبى خط الوسط فى عصره الذهبى “أيمن درويش” و”مصطفى درويش” و”حسن درويش”، ثم ميمي درويش وعلي ابوجريشة وريعو وسيد عبد الرازق “بازوكا” ، حسن مختار،حوده محمود، مرسى السنارى، أمين إبراهيم، وسيد حامد، ونصر السيد ريعو، وأنوس الصغير وأميرو وشحته ورضا ،وغيرهم من فناني الكرة حيث اشتهروا بالمراوغة واستعراض مهارات كرة الشوارع والساحات الشعبية التى تجعل الخصم يدور حول نفسه ويترنح يمينا ويسارا مثل الدراويش من أهل التصوف فى حلقات الذكر.
وجاء من بعدهم نجوم عظام من أبناء عائلة ابوجريشة ، ومحمد حازم وعماد سليمان وحماده الرومي وخالد القماش ثم جيل التسعينيات الذهبي والقائمة زاخرة بالنجوم الذين حافظوا بالجهد والعرق علي بقاء الاسماعيلي مع الكبار في المربع الذهبي في معظم بطولات ومسابقات الدوري المصري.
أتصور أنه من قبيل المواءمة الوطنية مساندة الدراويش في محنتهم وعلي كافة المستويات الرسمية والشعبية والحفاظ على كيان هذا النادي العريق ، وكل الأندية الجماهيرية بعد فاجعة هبوط نادي المحلة وأسوان، دعما للكرة والرياضة المصرية والحفاظ علي شي جميل من الزمن الجميل.
ومع نهاية هذا الموسم العصيب والعرض الشيق للفريق الأول المطعم ببعض العناصر الواعدة من شباب النادي أمام الاتحاد والفوز بأربعة أهداف ،يتوجس أبناء الاسماعيلية من تكرار أخطاء السنوات الماضية ،مع توارد اخبار عن قرب رحيل أهم أعمدة الفريق محمد الشامي وباهر المحمدي وأحمد مدبولي وغيرهم، علاوة على المدرب القدير ابن النادي حمزة الجمل بعد انتهاء عقودهم.
وأتصور أنه من الحكمة الحفاظ علي هذا الفريق وبأي ثمن حتي لا يبدأ النادي جديدا ومن أول السطر ،وتتكرر نفس المأساة،التي عاني منها الفريق خلال السنوات الأخيرة..
ودائما تنطلق الصحوات واستراتيجيات تصحيح المسار من استيعاب الدروس والاعتراف بالأخطاء وإيجاد حلول عملية لها وناجعة بعيدا عن الأهواء والمسكنات وبعض الحلول المؤقتة التي لا تحرك ساكنا ولا تسكن متحركا.
ويجب أن يدشن الجميع مرتكزات عهد جديد بعد انقضاء مواسم الخريف ، وقد تكون انتخابات الاسماعيلي بداية لتصحيح المسار.
الدورايش بحاجة لاستقرار إداري وفني ،والبحث عن شراكة راعية مع إحدي المؤسسات أو الشركات الكبري، وضم عناصر متميزة في مختلف المواقع ، والحفاظ علي القوام الرئيس لأعمدة النادي المتميزين وإعادة هيكلة ودعم قطاع الناشئين منبع المواهب والأمل.
تحية حب وتقدير لدراويش الكرة المصرية ..وجل الأماني استيعاب دروس مواسم الخريف!!