» العودة لاستئناف الحرب الخبيثة دليل فشل عسكري واستراتيجي ،ويسهم في دعم مخطط الفوضي
وعادت الحرب الخبيثة لغزة من جديد – لحاجة في نفس يعقوب – رغم جهود الوساطة المصرية والعربية لوقف نزيف الدم الفلسطيني ،ورغم المحاولات الحثيثة لإقناع الرأي العام الأممي بضرورة وقف إطلاق النار والبحث عن حلول عملية للقضية الفلسطينية ،ومن بينها حل الدولتين وتجنب فكرة التهجير القسري ومخطط إخلاء غزة.
ويبدو أن حشود ” الناتو” علي أطراف المنطقة لها أهداف أخري علاوة علي مبتغيات الصهاينة ،وهناك مخططات وسيناريوهات لاعلاقة لها بالأبعاد الإنسانية والأخلاقية ،أو بمنطق الحق والعدل تمهيدا لتصفية القضية ،وربما إعادة ترتيب الأوراق والحسابات في الشرق الأوسط ،واستكمال سيناريوهات صناعة الفوضي الخلاقة المعدة سلفا برعاية غربية وأمريكية!.
إن إصرار الكيان الاسرائيلي الغاصب علي رفض إطلاق النار وخرق الهدنة وانهيار تعهدات التهدئة والعودة إلي الحرب بهذه الشراسة والهمجية أكبر دليل علي فشل الكيان المحتل في تحقيق أهدافه العسكرية واعترافه ضمنيا بهزيمته وجدانيا وعسكريا ،فلم يحقق إلا نصرا زائفا،وإزهاقا لأرواح آلاف الأبرياء وتدمير منازلهم في جريمة عار لن تمحي من ذاكرة التاريخ وتضيف فصلا جديدا من فصول الإجرام الصهيوني الممتد عبر الزمان.
ولم يقتصر فشل دعاة الحرب الخبيثة في الجانب الإنساني والسياسي، فقد أثبتت صفقة تبادل الأسرى التفوق العسكري للمقاومة الفلسطينية رغم عدم تكافؤ موازين القوى من حيث العتاد العسكري والأفراد، صفقة تبادل الأسرى تمت وفقا لما طلبته المقاومة الفلسطينية ، ولم يخرج من الأسرى إلا بمقابل من سجون الاحتلال، وهذا دليل نصر لمن يتفاوض من مركز العزة والأنفة والقوة.
خسائر كيان الاحتلال منذ السابع من أكتوبر لا حصر لها ولا يمكن بأي حال إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأبرزها يتعلق بالقضية الوجودية لشراذم وقطعان المستوطنين في هذه الأرض المباركة ،ولم يعد جيش الاحتلال بنفس قيمته قبل السابع من أكتوبر،فقد تعرض للانكسار بعدم قدرته على توفير الأمان لهم والدليل مبادرة الولايات المتحدة وتلويح الغرب بإرسال كل وسائل الدعم العسكري من بوارج عسكرية ومعدات وأفراد وخبراء حرب مثلما حدث قبيل مخطط تدمير العراق.
إن نجاح كتائب المقاومة الفلسطينية بمواجهة جيش الاحتلال في شوارع غزة ،وتوثيق تلك النجاحات المبهرة وفي بعض اللقطات بشكل إعجازي يعجز عنه أفضل مقاتلي النخبة في العالم مثل لقطات إلصاق العبوات على الدبابات وكذلك المواجهة من نقطة الصفر ل”حافي القدمين” يؤكد أن كل شيء تغير، ولن تستطيع الولايات المتحدة إزاءه فعل أي شيء، مهما تكررت المحاولات وتعددت المؤامرات، فزوال الكيان لم تعد فكرة بعيدة المنال، ومؤشراتها تتزايد يوما بعد يوم.
وبدماء الشهداء سطرت المقاومة الباسلة مجدا وتاريخا تليدا من الصمود والنضال يضاف لصفحاتها المشرقة التي علمت الدنيا أسمي معاني العزة والكرامة والمعني الحقيقي لكلمة وطن.
ولن تتحقق بشريات النصر الأكبر علي أرض فلسطين الحبيبة إلا بفيض من طوفان الإرادة القوية والصمود اللامحدود، حيث ينسج أبناء العزة والنضال خيوطه رويدا رويدا ، يعطره أريج دماء آلاف الشهداء ، وتدشنه ملاحم الصبر والجلد والبطولة وتحمل مشاق الرحلة، أمام جنون وويلات الصلف الصهيوني المتجبر!.
وخلال حرب الخمسين يوما الأولي وبكل المعايير المنصفة ،فقد ألحقت المقاومة هزيمة عسكرية ونفسية وسياسية واستراتيجية واستخباراتية بكافة المقاييس.
كما جاءت تصرفات بني إسرائيل اللأخلاقية
وإمعانهم في قتل النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين وتدمير البني التحتية ،والإصرار علي إفناء كل صور الحياة ،جاءت دليلا قاطعا لا يقبل الجدل علي الإفلاس واليأس وظلامية الهدف وقبح الوسيلة ،فاستحقوا لعنات أصحاب الضمائر من شعوب العالم الحر، وما نالوه من عار،هم ومسانديهم ،وما ينتظره من غضب المنتقم الجبار أكبر وأعظم..ولكنها ليست النهاية،بل مؤشرات الإفساد الثاني تمهيدا لنهاية آل صهيون المحتومة!.
ورغم ظلامية المشهد ،والاستبشار قليلا بعد أن وضعت حرب غزة أوزارها بالهدنة المؤقتة، واستجابة الكيان لجهود الوساطة الدولية وفي مقدمتها جهود الدبلوماسية المصرية صدم العالم من جديد برفض تمديد الهدنة الإنسانية ووقف هذه المجازر الوحشية ووضع حد لهذه الجرائم وتلك الممارسات اللانسانية.
ويري بعض المحللين والكتاب أن أي حديث عن التفاؤل أو الاسبشار أو النصر في هذه المرحلة الحرجة من طوفان الأقصي وما يقابلها من حرب صهيونية على غزة، قد يبدو غير واقعي، وغير معقول، ، ناهيك عن كونه غير منطقي، لكن ارتداء ثوب التشاؤم والهجر لن يكون حلاً، ولن يحرك ساكنا ،ولن يفعل سوى زيادة الحزن وخيبة الأمل والشعور المرير بالفشل والخسارة في نفوس المظلومين.
لهذه الأسباب وأكثر، أضم صوتي للأحاديث الإيجابية والألفاظ المتفائلة من أجل تخفيف الحالة النفسية لمواطني العالم العربي وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ورفع الروح المعنوية للمقاومة الصامدة.
ولو أردنا أن نقيم حصاد المرحلة الأولي من الصمود قبيل الهدنة سنجد أن معايير تقييم الانتصار العسكري تكون بين القوي المتكافئة،لو كانت المواجهة الفعلية مع المجاهدين من الفصائل الفلسطينية المسلحة، لا مع المدنيين الأبرياء..
لكنه انتصار معنوي يفوق كل معاني الانتصار.. فمجرد الصمود و غرس وإحياء الأمل نصر..إيقاظ القضية في القلوب ولدي الناشئة نصر.
التمسك بالأرص انتصار ..تحدي جبروت إسرائيل انتصار..تجاوز تحديات تخلي البعض عن القضية نصر..
إحباط مخططات وأد القضية للابد وتعطيل التعهدات الأمريكية الخبيثة بمساعدة الكيان في تهجير الفلسطينيين..نصر
كشف زيف الغرب وفضحه أمام شعوب العالم نصر..
فرض شروط الهدنة وتراجع الجيش الصهيوني عن صلفه وعناده ..نصر.
تجاوز حدود الخوف والتردد نصر مؤزر يبشر بالنصر الأكبر بإذن الله.
وهناك أيضا حقائق لا ينبغي أن يتجاهلها أحد، فمن صور نصر المقاومة إيقاظ الضمير الإنساني “المعطل الصامت” في معظم أرجاء المعمورة وفضح الكيان الاسرائيلي الذي جلب العار للإنسانية الجريحة واقترف جرائم حرب تحرمها القوانين والتشريعات الأممية ومن قبلها شريعة السماء السمحاء.
إن الصامدين المجاهدين يعرفون طريقهم تماما
،أما لنصر عزير ،أونضال مرير حتي وداع الحياة بكبرياء وعزة وكرامة، أما صناع العار فقد كانت بالنسبة لهم حربا موجعة علي كاف المستويات النفسية والوجدانية والمادية وبكافة المقاييس العسكرية والحسابات الاستراتيجية ، كما كانت رسالة لمن يهمه الأمر أن
سردية فلسطين الحبيبة ،هي قصة وجودية لاتقبل المساومة والجدل..فإما حياة بعزة وكرامة وإما الشهادة وانتظار وعد الحق .
ورغم الجراح المندملة،فإن غزة ستنتصر رغم مكائد المتآمرين ورغم دماء ما يزيد من 15 ألف شهيد..
غزة ستنتصر رغم مغالطات إعلام الغرب وبعض منصات الاعلام العالمي، الذي تنكرت للحقيقة وغفلت عنها وتجاهلت أسباب الحرب وتداعياتها ،وتداولت خبر الهدنة بتفاسير مغرضة ،وهذا ليس صحيحا بل هو انتصار المقاومة واستسلام للكيان الغاشم ،ونصر من الله وفتح قريب، هكذا هو منطق أبناء فلسطين بوحدتهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم ويقينهم بالنصر ولو بعد حين.
والخلاصة أن جيش الدفاع الصهيوني انتصر على المدنيين فقط وخسر المعركة في الميدان، وحتي كتابة هذه السطور لم يحقق أي نصر عسكري يذكر يوازي هذا الحشد غير المسبوق وهذا العتاد والدعم الغربي.
لم تحقق إسرائيل سوي الخسائر الفادحة ولعنات الأبرياء التي صعدت أرواحهم الطاهرة تشكو لبارئها ظلم وغبن وتقصير وصمت أهل الأرض..
وبكل صلف تعيد الكرة من جديد لتنفيذ مخطط التهجير القسري ،لكن غزة صامدة، وفي انتظار النصر الأكبر، وحتي يقضي الله أمراً كان مفعولا.