»»
مصر تنطلق مجددا وتبقي بشريات الأمل ،رغم التحديات الجمة وما سببته فقاعات ولعنات السوق السوداء من خلل وعبث في منظومة الأسعار بالسوق المصري ،لكن هناك العديد من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد أن الدولة تنتهج المسار الصحيح عبر مجموعة كبيرة من الإجراءات لتحجيم التضخم ومحاصرة تجار الشر والخروج التدريجي من هذا الأزمات المفتعلة.
ولا يختلف اثنان من المراقبين المنصفين أن أرض الكنانة تعرضت لهجمة خبيثة “شبه منظمه ” شنها أباطرة السوق السوداء ،مستغلين ظروف تداعيات كورونا قبل ما يزيد عن عامين،وما خلفته من أزمات ثم ظروف الحرب الروسية الأوكرانية ،وما سببته من تأثيرات سلبية علي تعطل سلاسل الغذاء وتصاعد مشكلات الطاقة وغيرها.
وقد بدت بوادر سوء النوايا والتآمر إبان أزمة الأعلاف حين أقدم بعض التجار علي إعدام ووأد “الكتاتيت ” أحياء في جريمة لاإنسانية صدمت أبناء الوطن لأنها افتقدت التعقل والحكمة والخروج بحلول مبتكرة والبحث عن بدائل محلية للأعلاف.
اقترف بعض التجار هذه التصرفات الحمقاء ،تعبيرا عن رفض ارتفاع أسعار الأعلاف نتيجة الظروف الدولية وفي محاولة للحصول علي بعض الإعفاءات أو التسهيلات ،وهو ما استجابت له الدولة حينها عبر مجموعة من الإجراءات والإعفاءات الضريبية.
وقد استغل الفصيل الأكبر من التجار هذه ورفعوا أسعار اللحوم والدواجن والالبان ومنتجاتها بصورة غير منطقية ولا تتناسب مع السعر العادل الذي يحقق مصلحة جميع الأطراف.
ورغم تدخل الحكومة في هذا التوقيت بالاستيراد لوقف جماح هذه الموجات السعرية غير المبررة، ولكن لا حياة لمن تنادي فقد اقتنص بعض هؤلاء كميات كبيرة من اللحوم والدواجن المستوردة وباعوها في السوق علي انها لحوم بلدية بعد إعادة تفكيكها وتصنيعها في منتجات جديده..
ثم تسبب هؤلاء في أزمة ارتفاع أسعار الأرز،بعد تفنن البعض منهم في تخزين شعير الأرز بعيدا عن أعين الرقابة،لإحداث خلل في أسواقه،وهو ما حدث بالفعل.
وعلي نفس السيناريوهات والمخططات الاحتكارية الخبيثة جاءت أزمة البصل ثم مضاعفة أسعار البقوليات والبهارات وغيرها.
ثم شهد المواطنون سقوط امبراطورية السكر التي أسهمت في إخفائه ورفع أسعاره بصورة غير مبررة.
ومما أثلج صدور الكثير من المصريين ما حققته الدولة المصرية من نجاحات عبر إجراءات فاعلة لوقف الأزمات الاقتصادية المبررة والمفتعلة،وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والعربية والشراكات الاستراتيجية التي أسهمت بصورة مباشرة في خفض أسعار الدولار في السوق الموازية.
كما شهدت الأسواق خلال الأيام القليلة الماضية حالة من التراجع الملحوظ في مختلف أسعار والخدمات في بشارات عملية تؤكد أننا في طريق التعافي والخروج من نفق السوق السوداء وفقاعات التسعير التي لا تعبر عن القيمة الحقيقية للسلع.
والحق يقال أن الجهود الحكومية أسفرت عن محاصرة أباطرة السوق السوداء،الذي استمرأوا المتاجرة بقوت الناس وتحقيق أرباح طائلة من خلال عمليات منظمة من المضاربات المشبوهة والممارسات الاحتكارية الفاسدة.
وبعد تراجع أسعار الذهب بصورة مشهودة متجها لسعره العادل ،محليا وعالميا كشف النقاب عن هذه المضاربات التي لا تعكس الواقع والقيمة الفعلية ،بل تعكس حقيقة هذه المقامرات،وأوهام التجار في تحقيق مكاسب غير مشروع بدون مجهود، وبلا أية حسابات اقتصادية لها اصول وقواعد وتقديرات وإحصاءات ودراسات وإدراك لكافة الأبعاد الاجتماعية والوطنية.
وبين عشية وضحاها أصبح تجار العملة والذهب في مأزق مع انهيار دولار السوق السوداء و استمرار نزول سعره في السوق الموازية، فقد زاد المعروض بنسبة كبيرة مع فشل الشائعات التي يطلقها التجار والمضاربون، في خلق بيئة مناسبة لعودة صعود الدولار الأسود.
وعلى منصات التواصل كثر الحديث و الجدل وسط مؤشرات انتهاء الازمة بشكل كامل مع إتمام الحكومة المصرية عدة صفقات من العيار الثقيل أهمها مشروع “رأس الحكمة”.
وأتصور أن هذه المحنة وفي هذا التوقيت الحرج حمل مجموعة من الرسائل والإشارات الإيجابية، كرد عملي علي هؤلاء المغرضين وعلي من يتربص بأرض الكنانة شرا.
وفي هذا السياق من الحكمة المضي قدما نحو المزيد من تحقيق استقرار الأسواق ،مرعاة لظروف محدودي الدخل، وفتح آفاق جديدة لزيادة الصادرات ومتحصلات العملة الصعبة وتقليل الواردات وتعزيز سبل التعاون مع دول “بريكس” ودعم مقترحات التبادل التجاري بالعملات المحلية،ومبادلة الديون باستثمارات استراتيجية فاعلة.
وفي هذا الإطار لنا آمال تحيا بها المني أن يسهم رجال الأعمال بصورة فعلية في إقامة المعارض الدائمة لتقديم السلع الغذائية المخفضة،والالتزام بالتسعيرة جبرية ثابتة للسلع الاستهلاكية الاساسية.
وتبقي الدروس والخلاصات أن لعنة المضاربين وفقاعات السوق السوداء جاءت حصادا مرا لسيطرة القيم الرأسمالية المتوحشة التي استهدفت الهيمنة علي رؤوس الأموال والتحكم في تكاليف الإنتاج وفرض معدلات ربحية عالية دون إلتفات للأبعاد الإجتماعية، وما قد يحدث علي المدي القريب والبعيد من درجات متفاوتة من الركود والفساد.
ومن ثم يجب أن يتكاتف الجميع للتحصن من آثار هذه الموجات النفعية العاتية.. وإنا لقادرون بتوفيق الله وعونه وهو القائل في محكم التنزيل ” إن الله لا يصلح عمل المفسدين” صدق الله العظيم.