كانت رسالة مؤلمة لفتاة بريئة في عمر الزهور لم تجد آذانا صاغية تستمع لها بعدل وإنصاف، أدمت القلوب قبل العيون تركتها بسنت خالد بنت الغربية ذات ال 17 ربيعا، قبل أن تودع الحياة كمدا وانتحارا ، موجهة الحديث لوالدتها، قائلة: )ماما يا ريت تفهميني أنا مش البنت دي، وإن دي صورمتركبة والله العظيم وقسما بالله دي ما أنا..أنا يا ماما بنت صغيرة مستاهلش اللي بيحصلي ده، أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد !!”.
الرسالة تداولها مواقع الشبكات الاجتماعي وهزت كيان الشارع المصري تعاطفا مع الضحية مطالبين بالقصاص العادل وبعقوبة عادلة للمتهمين ، فقد هددوها بصورمفبركة بعد السطوعلي صور تليفونها المحمول.. إنها جريمة هزت أركان المجتمع ،فقد انتحرت ” بسنت” بنت الغربية، بسموم أقراص الغلال، بعد أن ضاقت عليها الدنيا بما رحبت ،بعد أن فشلت في إقناع أسرتها ووالدتها بأنها ضحية مؤامرة دنيئة اقترفها مجموعة من الصبية المارقين ،دون مراعاة لخصوصية فتاة محجبة في مقتبل العمر.
لم تتحمل بسنت قسوة النظرات و التلميحات ، وأصابها الحزن والضيق والكمد ،وأدي بها للإكتئاب، فالمجتمع الذي انبري بعض أفراده المفسدين لتلويث شرفها لن يتقبل نفسه براءتها،ولن يرحمها وستلاحقها السمعة والنظرات والكلمات القبيحة أينما ذهبت ،فقررت الخلاص، ربما هربا لكنف إله عادل كريم ولعدالة ربانية ، حرمت من قبل قتل النفس ولكن رحمته وسعت كل شييء ويعلم السرائروخائنة الأعين والقلوب وما تخفي الصدور.
. إنها جريمة إجتماعية إلكترونية جديدة من حصاد العصر الرقمي الجامح وغياب الرقابة الأسرية والتربوبة والوعي بمفهوم الحرية وفوضي التعرض لحياة الآخرين ..الجريمة بتداعياتها وخلفياتها وملابسات ألقت بحجركبير في بحيرة المجتمع الراكده ،التي تستسلم في أحيان كثيرة لإحكام العالم الرقمي الرحب!
ومن جديد ينتفض المجتمع مطالبا بحق الضحية ، وضرورة أن تعود كافة مؤسسات الدولة التربوية لأداء دورها ، ومن قبلها إحياء دور الأسرة الغائب ، تعالت الاصوات بضرورة تغليظ العقوبة في الجرائم الإليكترونية ،التي أصبحت وأمست تمثل خطرا داهما يهدد المباديء والأخلاق وإستقرار المجتمع بصورة عامة.
إنها نفضة مجتمعية تطالب بالقصاص العادل وحق بسنت وحق كل بسنت ، فكم من الجرائم الإليكترونية التي تقترف مابين تهديد وإبتزاز وتربح ولا يعرف أحد عنها شيئا ، تجنبا للفضيحة.
ولم يعد هناك وسيلة لردع هذه الوقاحات إلا بتشريعات قوية وحجب المواقع والحسابات المشبوهة ، وهناك أيضا مطالبات مجتمعية برقابة الحسابات واستكمال بيانتها لدي الجهات الأمنية المختصة ،ولتذهب الحرية المطلقة إلي الجحيم.
كما ينادي بعض الحقوقين بضرورة تعديل قانون الأحداث ،باعتباره قانون معيب يجب تعديله بإضافه عقوبات جديدة حتي لو وصلت للإعدام حتي يرتدع هؤلاء المجرمون الجدد ،حماية للمجتمع ،وانتصارا للقيم والأخلاق.
وقد استنكر الأزهر حادثة انتحار “بسنت” بعد الواقعة المفجعة التي هزت الرأي العام المصري ، قائلا: إن “ابتزاز الناس بالصور المزيفة إفك وبهتان محرم”..وتعليقا على الواقعة، قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن “اتهام الناس بالباطل، والاحتيال في نسبة الزور إليهم بالافتراء والبهتان، جريمة لا إنسانية خبيثة، قرنها الله – في النهي عنها- بعبادة الأصنام”.
وعلاوة علي دور مؤسسات الدولة التربوية الرسمية وغيرالرسيمة في تحصين المجتمع والعمل علي وقايته من تجاوزات أتصور أن للإعلام دورا مهما وأساسيا في تاطير مفهوم الحرية المنضبطة، وترسيخ مفاهيم المواطنة الرقمية التي تسمح باستخدم تكنولوجيا المعلومات من أجل الانخراط بفعالية ومشاركة في المجتمع الرقمي وشئونه الاجتماعية والسياسية والدينية مع رفض التسلط ،والإلتزام بالسلوك المناسب والمسئول عند استخدام التكنولوجيا.
ولا يختلف اثنان علي أهمية الثورة الهائلة للتطور التكنولوجي ودعم مجتمع المعرفة والمعلومات الرقمية، حيث أصبحت التقنية جزءً هاماُ لا يستغنى عنها في نسيج حياتنا لما تقدمه من مهام ووظائف حياتية ومتجددة والتواصل مع الآخرين والوصول لمصادر المعلومات المختلفة ، لكن لابد أن نوقن أن ثورة التكنولوجيا والمعلومات التي نعيشها تحمل معها الكثير من الايجابيات والسلبيات للفرد والمجتمع، ومن واجبنا كأفراد ومستخدمين للتقنية أن نسعى ونتعاون لتوظيف هذه التقنية العصرية بالطرق والوسائل الصحيحة ووفقا لقواعد أخلاقية راشدة، مع مراعاة الضوابط الدينية والقانونية، والتي ستعمل لامحالة علي الحد من سلبيات هذه التقنيات على المجتمع.