»»
بينما تتصارع قوي المعسكرين الغربي والشرقي لتحديد ملامح النظام العالمي الجديد ،ولفرض رؤاها الاستراتيجية علي كافة المستويات السياسية والاقتصادية تتصارع الكيانات التقنيات المتطورة في صناعة الشرائح والرقائق الإلكترونية المتطورة في رحلة البحث عن إنسان آلي جديد فائق الوعي والذكاء بعقول صناعية موزاية،قد تهدد العقول البشرية وحتي إشعار آخر!
إنه هوس محتدم وصراع محموم يضاف لقائمة المناطحات الأممية غير محسوبة العواقب والتداعيات،لتعدد أبعادها الأخلاقية والإنسانية والتي ربما يفوق أضرارها ،ما قد تجلبه من نفع وفوائد!.
وخلال السنوات الأخيرة شهدت تكنولوجيا إنتاج الشرائح والرقائق الإلكترونية تطورا ملحوظا يفوق كل معدلات التصور مع اتجاه الصراع لمرحلة تجاوز مجرد دعم الإنسان لمنافسته ،فمن مجرد تنشيط للمخ وعلاج بعض الخلايا التالفة ودعم التخاطب وعلاج بعض أمراض الجهاز الحركي والإدراكي إلي فكرة دعم التخاطر والبحث عن عقول صناعية موازية للعقل البشري ،قادرة علي التفكير والوعي والإدراك والتمييز بين حقائق الأشياء.
وكل الاتجاهات العلمية في هذا السياق تؤكد أن مراقبة تفاصيل عمل المخ أصبحت تحت يد الخبراء ،حيث يصارع علماء وخبراء الذكاء الاصطناعي الزمن، لتطوير آلات يمكنها قراءة الدماغ البشري، بصورة شاملة وهو ما كان حلما أصبحت بوادر تطبيقه حقيقة في عصرنا الحالي.
ويعمل العلماء على الجمع بين عمليات مسح الدماغ الأكثر تعقيدا والذكاء الاصطناعي، من أجل إنتاج أدوات يمكنها تتبع أفكار الإنسان، وفق ما ذكره “جيري كابلان”، الباحث في مجال التأثير الاجتماعي والاقتصادي للذكاء الاصطناعي بكلية الحقوق بجامعة ستانفورد بالولايات المتحدة.
وقال في مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية قبل عدة أشهر “:عندما أصبح استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي شائعا في الثمانينات، مكن ذلك العلماء من التعرف على الدماغ بطريقة لم يسبق لها مثيل”.
وأشار “كابلان” أن هذه التقنية أتاحت للعماء رؤية أنسجة المخ الرخوة بالتفصيل، من أجل مساعدة المرضى الذين تضررت أدمغتهم ،وبحلول التسعينيات من القرن الماضي، بدأ الباحثون في قياس التغيرات في مناطق المخ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي “الوظيفي”، ليكتشفوا أسلوب تدفق الدم الحامل للأكسجين إلى الدماغ ونشاط الدماغ وليس بنيته فقط.
ومكن هذا الكشف علماء الأعصاب الذين يدرسون العمليات العقلية، من تحديد أجزاء الدماغ التي تتفاعل مع الكلمات والروائح وبعض الوجوه.
وكانت هذه نافذة يمكن من خلالها مراقبة الدماغ وهو يتفاعل مع العالم الخارجي ،وفجأة تمكن العلماء من تتبع أفكار الإنسان وهي تتمدد عبر المناطق الملونة بألوان قوس قزح من خلال عمليات فحص الدماغ.
وقام الباحثون بتجميع كميات هائلة من معلومات فحص المخ، وتحليل هذه “البيانات الضخمة” باستخدام أحدث التقنيات الحسابية، خاصة تقنية ما يعرف “التعلم الآلي”، وهو حقل فرعي من الذكاء الاصطناعى متخصص في العثور على أنماط دقيقة يصعب اكتشافها.
وكانت بداية الثورة في هذا المجال حين بدأ العلماء في كشف مسألة كيف تشكل أدمغتنا المادية عقولنا غير الملموسة، مما قد يساعد في الإجابة عن الأسئلة الأساسية حول الوعي والإرادة والذاكرة.
وفي هذا السياق ظهرت فكرة شريحة “ايلون ماسك” الشهيرة قبل عدة سنوات ،وهي عبارة عن شريحة إلكترونية بحجم العملة المعدنية الصغيرة تحتوي علي 2000 موصل إلكتروني متناهي الصغر يتم ربط كل موصل منهم بموصل عصبي في المخ ،هدفها بإرسال إشارات كهربائية الي المخ البشري للقيام بمهام معينة أو لمعالجة بعض أوجه القصور مثل بعض الأمراض والاعاقات ،بالرأس وتوصيلها بالموصلات العصبية الموجودة بالمخ
وأهم فوائدها التغلب علي بعض أوجه القصور أو الإصابات أو الاعاقات التي قد تكون موجودة بالعقل مثل بعض امراض الاكتئاب أو الإدمان أو بعض حالات الإعاقة الحركية أو إصابات النخاع الشوكي.
وأظهرت نتائج الاختبار علي بعض الحيوانات حتي الآن قدرة الشريحة علي نقل كل الإشارات العصبية التي ينتجها العقل الي جهاز حاسب آلي ليتم تحليلها علي أن تبدأ فيما بعد المرحلة الثانية والتي تكون فيه الشريحة قادرة علي إرسال إشارات عصبية للمخ.
ولعل أهم ما يطمح فيه “ماسك” وفريقه العلمي هو أن تحقق التقنية ما يسميه “التعايش مع الذكاء الاصطناعي”، والذي يسمح للدماغ البشري بالاندماج مع العقول الصناعية في المستقبل.
وتستعد شركة “إيلون ماسك” الناشئة لشرائح الدماغ لزرع الجهاز في أول إنسان، حيث بدأت مؤخرا في فتح الباب للتقديم من متطوعين لأول تجربة بشرية لها. وأعرب آلاف الأشخاص عن اهتمامهم بالحصول على إحدى عمليات زرع الدماغ الخاصة،
وتأمل الشركة في إجراء العمليات الجراحية لعشرات من الأشخاص في مجموعتها التجريبية خلال 2024 ،وأكثر من 22 ألفا بحلول عام 2030.
ومابين مؤيد ومعارض ومتحفظ حول جدوي الشريحة الإلكترونية الدماغية الذكية ،أعلنت شركة “إنفيديا” الأمريكية عن وحش تقني في طريقه بمرتبة الصدارة خلال عام 2024. ،حيث أعلنت عن انتاج شريحة B100 الخارقة، والتي ستغيّر عالم التكنولوجيا وفقا لمفهومها.
وتتفوق شركة “إنفيديا” حالياً من خلال امتلاكها لـ 3 شرائح إلكترونية استثنائية، هي شريحة A100 وشريحة H100، إضافة إلى شريحة GH200، ولكن هذه الشرائح الثلاث التي تم وصفها بالأسطورية، هي من أفضل ما أنتجه العقل البشري في هذا المجال، ستصبح من الماضي مع وصول العائلة الجديدة من شرائح “إنفيديا” التي تحمل اسم Blackwell B100 والتي ستكون بمثابة قفزة عملاقة في عالم التكنولوجيا، كونها ستعمل على مضاعفة أداء الذكاء الاصطناعي مقارنة بالشرائح السابقة.
ومن المتوقع أن تطرح “إنفيديا” شريحة Blackwell B100 التي أطلق عليها هذا الاسم، تخليداً لذكرى عالم الرياضيات David Blackwell، خلال الربع الأخير من عام 2024، حيث ستقدم تحسينات في الأداء، تتجاوز نسبتها الـ 100 بالمئة، مقارنة بأقوى شريحة في العالم حالياً وهي GH200.
كما تتجلى كفاءة B100 في إمكانية تعاملها بسرعات خارقة مع مهام الذكاء الاصطناعي الأكثر صعوبة في العالم، ما خلق تساؤلات، حول ما إذا كان هذا التطور في عالم الشرائح، سيساعد الذكاء الاصطناعي على تحقيق “الوعي البشري”.
فالشرائح الإلكترونية التي أنتجتها “إنفيديا”، منحت أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي قدرة استثنائية، على أداء مجموعة متنوعة من المهام بذكاء، ولكن ما أعلنته الشركة عن شريحة B100 يدل على أننا سنكون حقيقة أمام “وحش” تقني قادرٍ على تنفيذ مهام الحوسبة عالية الأداء، بشكل لم يسبق للبشر أن تعاملوا معه، حيث تمتلك قدرة هائلة على تحليل البيانات، بأسرع من جزء في الثانية، وحلّ المهام المعقدة بسرعة خارقة، وبأسلوب سيحطم كل المعايير السابقة في هذا المجال، ومن المتوقع أن يتم طرحها في الأسواق في نهاية 2024، ستتمكن من ريادة سوق الرقائق لعدة سنوات، وليس لفترة وجيزة كما يحصل مع الشرائح المتوفرة في السوق حالياً.
والشريحة الجديدة Blackwell B100 من “إنفيديا” مؤهلة للعمل في مصانع الأسلحة والسيارات والطائرات والمصانع التي تعمل بالروبوتات، والمستشفيات، وبرامج مثل “بارد” و”شات جي بي تي” وغيرها الكثير من البرامج والصناعات المهمة، ولكن رغم التقدم الهائل الذي ستحدثه هذه الشريحة في معظم الصناعات والقطاعات.
ويتوقع بعض المختصين أن الشريحة الجديدة لن تكون قادرة على تحقيق “الوعي البشري” للذكاء الاصطناعي، فالشريحة الإلكترونية تعتبر مسؤولة عن سرعة معالجة الذكاء الاصطناعي للمهام، في حين أن تحقيق “الوعي” هو من مسؤولية “الخوارزميات” التي لا تزال بعيدة نوعاً ما عن الوصول إلى هذه المرحلة.
ويري فريق آخر أن شريحة B100 من “إنفيديا” هي بمثابة عقل “خارق الذكاء” للأجهزة، مهمته تفسير المعلومات الواردة إليه، وإبلاغها كأوامر للمكونات الأخرى الموجودة في الأجهزة، وهو ما سينعكس سرعة في استجابة هذه الأجهزة لطلبات المستخدمين، متوقعاً أن يكون الظهور الأول لشرائح Blackwell B100 خلال شهر مارس 2024، على أن تشق طريقها الى الأسواق في نهاية العام المقبل.
وخلال فعاليات المؤتمر الدولي للحوسبة عالية الأداء 2023، كشف شركة ” إنفيلدا” عن بعض المعلومات المشوّقة المتعلقة بالجيل المنتظر من شرائحها خارقة الأداء،
واستعرضت من جديد عضلاتها، في عالم تصميم “شرائح الرسوميات” التي تشغّل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي. وكشف ممثلوها أن العالم سيشهد خلال عام 2024 طرح “وحش حقيقي” في عالم الذكاء الاصطناعي، سيلعب دوراً بارزاً في نقل عالم التكنولوجيا إلى مرحلة لم يشهدها العالم من قبل.
ووسط المحتدم حول مستقبل أخلاقيات تقنيات الذكاء الاصطناعي ،يبدو الجانب الآخر اللإنساني الأكثر إظلاما ، بحسب “وكالة رويترز” تبرعت شركة “إنفيديا” الأمريكية لصناعة الرقائق الإلكترونية وموظفوها بمبلغ 15 مليون دولار لمنظمات إسرائيلية وأجنبية غير ربحية لدعم إسرائيل بعد اشتعال حرب غزة في إطار برنامج خاص تم تقديمه لمساعدة المتضررين من الحرب،!
واعتقد انها رسائل سلبية تزيد من حالة الاحتقان والجدل حول ما آت في دنيا العقول الصناعية الموازية.
ومن بين ثنايا هذا الزخم والتنافس اللامحدود في دنيا السياسة وعالم البرمجيات الحديثة ، قناعتي الثابتة أنه لا صوت للصامتين والمتكاسلين المستهلكين ، ولنا آمال تحيا بها المني أن تصل هذه الرسائل لأبناء الحضارة واللغة والهوية الاصيلة والدين القويم أبناء العرب المسلمين ..وإنا لناظرون!