بعد أكثر من عشرين عاما، قضاها الباحثين في جمع سير وأشعار شعراء القرنين التاسع عشر والعشرين، صدر مؤخرا معجم “البابطين” الذي ضم عدد كبير من شعراء الصعيد الذين لم يناولوا حظهم من الاضواء في ذلك الوقت رغم غزارة انتاجهم.
يقول الشاعر والباحث ناصر فولي، ابن مركز نقادة بمحافظة قنا، وأحد المشاركين في إعداد المعجم، إن معجم “البابطين” ضم شعراء الصعيد غير المعروفين في القرن التاسع عشر والعشرين الذين لم ينالوا حظهم من الشهرة في حياتهم، مشيرا إلى قيامه بإجراء الدراسات البحثية عنهم لأنهم شعراء من طراز رفيع وأصحاب كلمات عذبه، وإحساس مرهف، حيث امتاز شعراء الصعيد في هذه الفترة بالشعر الصوفي في مدح رسول الله صلي عليه وسلم، وكانت هذه الصبغة هي السائدة في هذه المدة الزمنية وكان منهم شعراء يكتبون ويراسلون الصحف الثقافية امثال حسن الغزالي من شعراء مدينة فرشوط، ومن مدينة الأقصر الكامل الطاهر الحامدي، وشيخ شيخون الليثي من مدينة قوص، ومن مدينة نقادة الشيخ علي الاسمنتي، وكذلك شعراء كتبوا في الرسالة منهم حسن الزيات، وفي مجله الثقافة القديمة مثل اوليفيا عبد الشهيد عويضة من الأقصر، ومحمد موسي من الأقصر، لافتا إلى أن معجم البابطين ضم بعض الأعمال لهؤلاء الشعراء، جنبا إلى جنب مع أمير الشعراء أحمد شوقي وغيره من كبار الشعراء الذين تم ضمهم في معجم واحد.
وقال الباحث ناصر فولي، إن إصدار هذا المعجم، يرجع إلى اهتمام مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بالتوثيق العلمي للشعر العربي عبر عصوره التاريخية، وتمثلت باكورة هذا العمل في «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين»، الذي صدرت منه حتى الآن (سنة 2008) طبعتان، ضمت كلتاهما بين دفتيها عيون الشعر العربي المعاصر، سيرة وإبداعًا. وبعد هذه الباكورة والاستقبال الكريم الذي حظيت به لدى جمهرة المثقفين بعامة، ومتذوقي الشعر بخاصة، لم يكن ممكنًا للمؤسسة أن تتوقف عن متابعة ما أعلنت نيتها منذ البداية على المضي فيه، ومن ثمّ لم يلبث مجلس أمناء المؤسسة أن أقرّ الاقتراح بتخصيص معجم يضم شعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، سيرة وإبداعًا.
وقال إن من بين شعراء الصعيد الذين ضمهم المعجم:
– الشاعر الكامل الطاهر عوض الله الحامدي وشهرته “الكامل الطاهر الحامدي” ( 1334-1298هـ 1915-1880م ) .. والذي ولد في بلدة الكرنك (الأقصر – جنوبي مصر)، وتوفي فيها. عاش في مصر. وحفظ القرآن الكريم، وتلقى تعليمًا أزهريًا، حتى حصل على الإجازة العالية في الأزهر. وعمل خطيبًا وإمامًا لمسجد الكرنك بمدينة الأقصر، إلى جانب عمله بالدعوة، انتسب إلى التصوف والطرق الصوفية.
الإنتاج الشعري:
– له مطولة شعرية في رثاء أبيه (106 أبيات) مطبوعة في نشرة خاصة.
الأعمال الأخرى:
له منظومة (أرجوزة) تعليمية تشرح مسائل علم البيان.
شاعر فقيه متصوف، وقصيدته الباقية في رثاء أبيه يجري فيها على عادة القدماء، ويستمدّ صوره وتراكيبه اللغوية من الشعر التراثي مستفيدًا من معجم المدائح النبوية وقصائد الغزل القديمة حيث ذكر الأماكن النائية والقوافل النازحة والفراق الموجع. صوره تقليدية، وعبارته فيها قدر من الرصانة، مع حرص دائم على إضفاء الجو الروحي. له نماذج في الأنظام التعليمية، خاصة علم البيان، يشرح فيها نظمًا التشبيه والاستعارة وتقسيم الاستعارة، والمجاز، وغيرها من موضوعات علم البيان.
ومن أشعاره: خيّموا بالخيف
خيَّمَوا بالخَيْف من خلف العَلَمْ
ونأوا بالبان أم بين السلمْ
وأقاموا ليتَ شعري باللِّوى
أم أناخوا العِيس في وَعْثا إضَمْ
فارقوا الأوطان ليلاً واهتدَوا
في دُجى الليل البهيم باللِّمَم
لستُ أدري هل لهمْ من عودةٍ
أم قضى الدهرُ ببعدٍ مُلتَزَم
آهِ من يوم النوى هل مثلُه
في الجوى يوم اجتماعٍ للأمم
ضاع صفو العيش وا حُزْني على
تلكمُ الأيام والأنس الأتَم
هل حِماهم مُشرِقٌ من بعدُ أم
قد تلاشى واكتسى ثوبَ الظُّلَم
ليتَ شعري هل به الضَّيفُ ثوى
مُكْرَمًا والجارُ هل فيه اعتصم
أم أساء الضّيفَ قِلٌّ وقِلًى
وغدا حقُّ النزيل مُهتضَم
صادقَ الودِّ اندُبَنْ مثلي على
أنْ علا الحزنُ على تلك الخِيَم
وادّكرْ أنسًا بهمْ لم تنسَهُ
واسكبِ الدمع غزيرًا كالدّيَم
خفِّفِ اللوم ورفِّهْ عاذلي
لا بُليتَ الدَّهْرَ مثلي بالألم
صاحبي مَهْ لا تقل مهلاً فما
بعدَ ذا صفوٌ ولا أنسٌ يؤم
واحتسِبْ أجرك إنْ تقضِ أسًى
عند من يقضِي وما يومًا ظلم
ذلك الربُّ الذي لا غيرُه
خَلَقَ الخَلْقَ وأسدى للنّعم
أمرُه الأمرُ المطاع مثلما
حُكمه الماضي على رغمِ الأمم
من قديمٍ وهْو ربٌّ قادرٌ
دبّرَ الأمر على وَفْقِ الحِكَم
كلُّ مَن في الكون آتٍ عنده
خاضِعٌ راضٍ بهاتيكَ القِسَم
قد تعالى عن شبيهٍ في الورى
مثلما قد جلَّ عن كيفٍ وكم
سائلي اعْلَمْ أنّني راضٍ بما
قد قضى لي من وجودٍ أو عدم
صابرٌ حقّاً وإنْ وقْعُ النوى
فتّت الأحشا وأوهى ذي الهمم
جِسْمِيَ الضَّخمُ القويْ لكنّه
بعد ذا إن مسّه الريح انهدَم
وكذاك الصبُّ إن عزّ اللّقا
عاف صفو الدهر بلْ والعيشَ ذم
مقلتي جُودي ولا تستكثري
هاطلَ الدَّمع بخطْبٍ قد ألم
أَكْسَبَ القَلْب عناءً واكتسى
منه جسمي ثوبَ ضُرٍّ وسقم
نائيًا عن مقلتي هل رجعةٌ
أم أقمتَ الدهر جارًا للرِّمم
كيف تسطيع انفرادًا بعدما
كانتِ الزوّار عُربًا وعجم
بيتُك المعمور إذ كنتَ به
مثلما مَغْناك قد كان الحرَم
آهِ لو تُجدي وكم من قائلٍ
آهِ من فرطِ التنائي والنّدم
قد مضى الأستاذُ والمولى الذي
فارقَ الدنيا ولم يأتِ اللَّمم
طاهرُ القلب الغزيرُ دمعُه
خشيةَ المولى وخوفَ المزدحَم
رُبَّ ليلٍ قام في ظَلمائه
مقتفٍ إثْرَ الذي أحيا الظُّلَم
خاشعًا للّه يخشى بأسه
حيثُما الأهواءُ عمّتْ للأمم
يلتقي الآلاءَ بالشكر كما
باصطبارٍ جَلّ يجلو للإزَم
سلَّمَ الأمرَ لمولاه وما
غيرَ ركنِ الصَّمت والصّبر اغتنَم
يرتضي الحال التي جاءت له
من جميلِ الصنع بؤسًا أو نِعَم
في الدّجى بالذكر والتسبيح كم
عطّر الأرجاء واستمطى الهِمم
أُنْسُه بالله في آياته
يجتلي من آيهِ السرّ الأعم
قيدَ شبرٍ لم يحلْ في هديه
دائمًا عن مُحْكَمِ الذكر الأتَم
عن معانٍ فيه إن تسأل له
خِلْته لا شكّ كالبحر الخِضم
مُظهرًا للنّاس من آياته
أيّ معنًى كان قبلاً مُكتَتَم
يا جزى اللهُ جميلاً صنْعَهُ
وسقاه الغيثَ من مُزنِ الكرم
كلّما أجرى يراعًا في العلا
قلتُ سبحان الذي أجرى القلم
أيُّ علمٍ ذاق لم يهدِ الورى
منه سِفْرًا فيه حُكْمٌ وحِكَم
ليس كسبًا فهْمُهُ بل إنما
واهبُ الفضل إذا أعطى أتَم
وعظُه الوعظ البليغ إن يقل
قال طه أسمعَ الأعمى الأصم
ينحني كالغصن تعظيمًا له
حين يُبدي من سجاياه العِظَم
كم له من هزّةٍ تبدو وكم
عشقِ قلبٍ فيه بل شوقٍ أتم
شيمةٌ فيه وسيمٌ وجهُه
إنه في «طَيْبةَ» العشقَ التزم
ومن أشعاره ايضا: الحمد للّه
الحمدُ لله المبين الحكمةِ
الحاكمِ العدل العظيم المنّةِ
ثمَّ الصلاةُ والسلام أبدا
على النبيّ الهاشميّ أحمدا
وبعدُ فاعلَمْ إن تُرِدْ أن تهتدي
لفهم أسرار الكتاب المرشد
فهاك نظمًا فائقًا يا صاحي
منقّحًا يُغْني عن الإيضاح
سمّيتُه بالوِرد للظمآنِ
عسى به يُروى صدى الحرمان
واللهَ أرجو نفعَه للمبتدي
يرقى به إلى العلا ويهتدي
ومن الشعراء أيضا: حسن محمد الغزالي “الحسن الغزالي” ( 1372-1316هـ 1952-1898م ) .. ولد في قرية دير السعادة (مركز فرشوط – محافظة قنا)، وتوفي في مدينة نجع حمادي (محافظة قنا). عاش في مصر، وحفظ القرآن الكريم وتلقى علومه الدينية والشرعية على يد أحمد أبوالوفا الشرقاوي. وعمل بالزراعة في أرضه الواسعة.
الإنتاج الشعري:
– له قصائد نشرت في مجلة الفتح، منها: في المولد – العدد 552 – ربيع الأول 1356هـ/ 1937، وعيد الفتح – العدد 679 – رمضان 1358هـ/ 1939، وقصيدة عالية في المديح النبوي – العدد 723 – شعبان 1359هـ/ 1940، وإلى أخي صاحب الفتح – العدد 732 – مارس 1946، وشاعر الفردوس – العدد 739، وفي ذكرى المولد النبوي – العدد 809 ربيع الأول 1364هـ/ 1944، وطبيب يداوي الإيمان – العدد 818، ربيع الأول 1363هـ/ 1943. والفتح في نظر أوليائه – العدد 820 – ربيع الأول 1364هـ/ 1944، وكوكب البيان – العدد 824 – 1364هـ/ 1944، ونبوغ شاعر – العدد 834 – جمادى الأولى 1365هـ/ 1945.
شاعر مناسبات ارتبطت تجربته بالمناسبات الدينية خاصة، غلب على نتاجه المديح النبوي، نظم عددًا من القصائد في المولد النبوي الشريف، وله قصائد في الرثاء، جاءت جميعها منظومة، موزونة ومقفاة محافظًا على القافية الموحدة، ومتبعًا منهج قصيدة المديح التقليدية، وتجلت فيها ملامح حرصه على المحسنات البديعية والصور البيانية المتعددة.
ومن اشعاره: طبيب يداوي الإيمان
فتحتَ فؤاد زوجك للهدايهْ
فكنت من الجحيم لها حمايهْ
أحتى الكفر صغت له علاجًا؟
غدوت به لأهل الطبّ آيه
عليك الدينُ أضفى ثوبَ شكرٍ
لما يلقى لديك من العنايه
فيا «عبدَ الحميد» لك التَّهاني
بسعدٍ ما له أبدًا نهايه
حَييتَ وصافحتك يد السلامه
ودمت معانقًا جِيد الكرامَه
وعشت وأنت صنوٌ للمعالي
وحاطتك المهابة والعَظامه
لك الأخلاقُ تُحلي الصدق طُهرًا
وتشبهها الصراحةُ في الوسامه
وضاءَةُ رحمةٍ وسماحُ نفسٍ
تُحالفها الصّرامة والحزامه
وتقوى تُوسع الشَّرَّ ارتياعًا
وتهزم جيشه وتطيح هامه
وفيك الدّين قد ألفى حفيّاً
به ألقى لخدمته زِمامه
وطبّك يصرع الداء اقتدارًا
ويُطفئ وِرْدُه الأحلى ضِرامه
وكم أسديْتَ للفقراء رِفْدًا
تولَّى بؤسَهم يعدو أمامه
وقد أنهضْتَ للخيرات قومًا
غدوت لجمعهم درعًا ولامه
سجايا تُخجل النجم التماعًا
وينضو الليل عنه بها ظلامه
فيا عبدَالحميد ملكتَ قلبي
فمنه لك اتَّخذْ دار المقامه
وجاوزْ دارةَ الجوزاء مجدًا
فإنك في فم الدهر ابتسامه
وسرْ في «نجع حمّادي» ثناءً
مدى الأيام يُزري بالمدامه
ومن شعري ارتشفْ كأسًا دهاقًا
أُجاجٌ دونها ماءُ الغمامه
ومن اشعاره ايضا:
شاعر الفردوس
سِرْ إلى ربك وضّاحَ الجبينْ
واتّخذْ سمتك بين الخالدينْ
واغْتَبِقْ كأس الرضا منتهلاً
واقْتَبِسْ من نور خير المرسلين
طالما نافحْتَ عن دين الهدى
بالبيان الفصل في الشعر الرصين
ترسل القول حِجاجًا دامغًا
وسهامًا في قلوب الملحدين
شفَّك الإسلام حبًا صغتَه
أدبًا يحسدهُ الدرّ الثمين
شعرُك العالي كتابٌ خالدٌ
كُلُّهُ يُمْنٌ فخذْه باليمين
لامسَتْه، فاغتذى أضواءها
نفحةٌ من لدُنِ الحقّ المبين
صورةُ الدين به باهرةٌ
حسنها يسبي عقول المؤمنين
صدفتْ همّتك القعساء عن
بيعِ مجدِ الشعر بالحظ المهين
وجمال الأدب الحيّ إذا
حلَّ نفسًا صانها عَمّا يشين
أنت يا «نجميَ» نجمٌ ساطعٌ
في سماء الفضل آمادَ السنين
يا صديقًا كان مَغْدَى سلوتي
في خطوبٍ وقعها هزَّ الوتين
خانني فيك بياني ونبا
قلمي عن طاعة القلب الحزين
كنتَ للإسلام صوتًا مطربًا
وقناةً، لسواه لا تلين
فاقتعدْ ربوةَ روضٍ أنُفٍ
واعزفِ الألحان بين المتّقين
ومن اشعاره ايضا:
كوكب البيان
إن صوغ القريض أمسى مُحرَّمْ
مذ هوى كوكب البيان «محرّمْ»
عزَّ فيه الإسلام فهو دفاعٌ
عن علاه من دونه كلُّ لَهْذم
قد بكته فصحى اللغات نبيغًا
شعرُه مِزهرٌ به تترنَّم
سيمَ منه الإلحاد حربًا ضروسًا
فتداعت أركانه وتحطّم
أغدق الله صوبَ نُعمى عليه
وحباه أَرْضَى مكانٍ وأكرم
ومن اشعاره ايضا: شرعة القرآن
في ذكرى المولد النبوي
أقُصارانا حديثٌ يُنثرُ
كلما طافت علينا الذِّكَرُ
إنما الإسلام عزٌّ وعُلاً
وهدًى سؤدده لا يُقهَر
وقوًى حطّمتِ الظلم الذي
كادتِ الأرض به تنفطر
وُلد المجد عتيدًا عندما
ولد المختار نورًا يبهر
غمر العقل رشادًا هديه
وعلومًا أين منها الأنهر
منح العالم أسمى نظُمٍ
للحضارات بها تزدهر
وجنودًا قد عنا كسرى لهم
وغدا طوعَ سطاهم قيصر
لمستهم شُعلٌ من عزمه
فإذا القومُ أسودٌ هُصَّرُ
شيَّدوا للحق أرقى دُوَلٍ
عن ذراها العدل لا ينحسر
عمروا الدنيا فجئنا بعدهم
سفهاءً قوَّضوا ما عمروا
وتَنكَّبْنا صراطَ المصطفى
لاحبًا فاجتاحنا المستعمر
شرْعةٌ القرآن أن لا تهنوا
وأقيموا الدين كي تنتصروا
ومن الشعراء الذين ضمهم معجم البابطين أيضا: جعفر محمد السيد إسماعيل الصوصي “جعفر محمد السيد” ( 1424-1348هـ 2003-1929م ) ولد في قرية صوص (مركز نقارة – محافظة قنا – جنوبي مصر)، وتوفي فيها. وقضى حياته في مصر والمملكة العربية السعودية. التحق بالأزهر ، فحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بكفاءة التعليم الإلزامية وحصل عليها. وعمل مدرسًا بالمدارس الإلزامية في محافظة جنوبي سيناء، ثم أعير إلى المملكة العربية السعودية مدة من الزمن، ثم عاد إلى مصر، وترقى في وظيفته، حتى أصبح مدير إدارة التعليم الابتدائي في محافظة جنوبي سيناء. وقد نشط في نشر الثقافة في مجتمعه، فأشرف على تنظيم ندوات شعرية بالمدارس التي عمل فيها، كما نشط في توعية الشباب بأمور دينهم.
الإنتاج الشعري:
– له ديوان مطبوع بعنوان: «خفقات قلب» – دار الكرمي الثقافية – أسوان 2003.
توزع شعره بين الوجدانيات وشعر المناسبات، في وجدانياته ترق العبارة، وتستغرق في وصف حالات من العشق والتعلق: الإقبال والإعراض، كما تحضر صورة المحبوبة التقليدية. فهي امرأة شديدة الجمال ذات دل معذب للرجال، تسبب له المعاناة والحيرة، ومثل هذه المعانى متكررة، تأخذ طابعاً غنائيًا مغالياً في رومانسيته، وغير ذلك له قصائد في مناسبات مختلفة، منها: قصيدة في مناسبة المهرجان الكشفي، أنشأها في مدح الملك فيصل. وضمَّنها مدحًا للرئيس أنور السادات، وهي متعددة في قوافيها، ومجمل شعره يتسم بالسلاسة ولين العبارة، أما خياله فقريب.
ومن اشعاره:
الخصم الحكم
أشكوكِ منكِ إليكِ
فلستُ أقسو عليكِ
إن كان ما بي غرامٌ
فالقلبُ ملكُ يديك
إنْ ترحميه صِليه
فالطبُّ في راحتيك
أو فاقتليه شهيدًا
فليسَ يغلو عليك
جفَّت دموعي وهاكُمْ
دمي به العينُ تبكي
كُفِّي لحاظَك عنِّي
فالسيفُ في مقلتيك
رُدِّي سهامَك، عفوًا
فالقوسُ في حاجبيك
ثم امنحيني ربيعًا
فالوردُ في وجنتيك
ظمآنَ لا تقتليني
والرِّيُّ في شفتيك
دعي فؤادِيَ يغفو
كالظلِّ في ناظريك
والثَّغرَ للثِّغر يدنو
والشَّوقَ للشَّوق يحكي
هل الغرامُ حرامٌ
والحبُّ عارٌ لديك؟
إن تقبلي ما أراهُ
لن أرتضي البعدَ عنك
أو ترفضيه، سأمضي
إلى الردى، دون شكِّ
هذا جوابي، وإني
أشكوك منك إليك
ومن أشعاره ايضا:
تهنئة بالعيد
أقبلْ عليها بكلِّ الخير يا عيدُ
ففي ثناياكَ صوتُ البشرِ معهودُ
وقل لفاتنتي يا خيرَ من نطقَت
بالشّعر، منّي تحياتٌ وتمجيد
تبدو عليكِ سجايا كلُّها شرفٌ
فمن سناها لواءُ الحمدِ معقود
كالماء طهرًا وكالدَّأماء صافيةً
فليس في طبعِها خلفٌ وتأويد
يا زهرةً نبتت في بيتِ مَكرُمةٍ
ما في مديحِك تثريبٌ وتفنيد
فأبلغي الأبَ طه كلَّ تهنئةٍ
هو الأساسُ وأنت الفرعُ والعود
أُرضعتِ من لبنٍ فيه الحياءُ بدا
كالنُّور يقطرُ منه المجدُ والجود
والإخوةُ الأوفيا زان القصيدُ بهم
كأنَّهم في كروم العزِّ عنقود
محمَّدٌ ، عادلٌ، والمصطفى، وكذا
فتحي، لهم فوق هامِ الدَّهر تصعيد
فلتهنئي بحنان الوالدين، وفي
ظلِّ الأخوَّة إعلاءٌ وتأييد
أعاده اللهُ والأيامُ هانئةٌ
ما لاحَ طيرٌ له في الرَّوض تغريد
ومن أشعاره أيضا:
ترقب وأمل
وجهُكِ اللألاءُ بدرٌ
في سما الحبِّ يغنِّي
لحظُكِ الفتّاك سيفٌ
باترٌ للموت يدني
ثغرُك الظمآنُ راحٌ
مسُّه بالسُّكر يُفني
خدُّك المحمرُّ وردٌ
من لهذا الورد يجني
قدُّك الميَّاد غصنٌ
راقصٌ في إثرِ غُصن
صوتُكِ الرقراقُ لحنٌ
قد سما عن كل فَنّ
ما الذي يبغي عجوزٌ
طاعنٌ في مثلِ سنِّى؟
إن يكنْ قلبي ربيعًا
هل ربيعُ القلبِ يغني؟
هل تظنِّين بأنّي
أرتضي حبّاً بمنِّ؟
لا ومن صاغَكِ نورًا
صُبَّ في قالبِ حسن
ليتَ عمري كان أدنَى
ثمَّ ماذا ليتُ تغني؟
حِرتُ في أمري فيا شيـ
ـطانَ شعري اليومَ دعني
لا تُعذِّبْني بقولٍ
ليس فيه غيرُ وزن
طعمُه في الحلقِ صابٌ
زاد من همِّي وحزني
يا ابنةَ العشرينَ هذي
حالتي من غيرِ غَبْن
إن يكنْ قلبُك راضٍ
عن خريفي فليجبْني
فإذا ضحَّى رآني
كامنًا في كلِّ ركن
وإذا ما صِرتُ فيه
مالكًا دعني وشأني
يا ابنةَ العشرينَ ردِّي
لا تُخَلِّيني لظنِّي
واحفظي السرَّ وصوني
ودَّنا عن كل مَيْن
وابعثي الشِّعرَ رسولاً
لستُ غيرَ الشِّعرِ أعنى
لا تُطيلي فترةَ الرّ
دِّ، فإنِّي ثم إنِّي