تقرير ✍️ د.خالد محسن
نظم نادي أدب شربين بالمنصورة التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة فرع ثقافة الدقهلية ندوة للاحتفاء بمناسبة ذكرى ٣٢ سنة على رحيل موسيقار الأجيال الفنان الكبير محمد عبدالوهاب في ٣ مايو سنة ١٩٩١م.
أقيمت الإحتفالية تحت رعاية عمرو فرج مدير ثقافة الدقهلية،و طارق عيد مدير قصر الثقافة ومحمد السلاب رئيس نادي الأدب والقاص والناقد فرج مجاهد رئيس النادي السابق.
وشهدها كوكبة من أدباء شربين منهم :السيد عبدالصمد وعصام أبوالدهب ود.ثابت أبوغنام وخالد مهني وضحى السلاب وإسراء أسعد ونور عبدالمنعم .
استمرت الندوة ما يقرب من ثلاث ساعات تحدث فيها عدد من الأدباء عن مسيرة موسيقار الأجيال، كما تحدث فيها الكاتب الأديب د.صلاح البيلي.
واختتمت الندوة بمشاركة عدد الشعراء والشاعرات أعضاء النادي ،حيث استمع الحضور لنصوص ومختارات من إنتاجهم الأدبي.
وفي كلمته أشار صلاح البيلي إلي أن أول مقال له في منتصف تسعينيات القرن العشرين كان عن عبدالوهاب وعنوانه: “جارة الوادي أنقذته من الموت، مشيرا لعدة حوارات أجراها مع حرمه نهلة القدسي.
وعن مفاتيح عبقرية عبدالوهاب وفقا لما يراه البيلي أجملها في نقاط أهمها :
– أولا: نشأته الدينية في حي شعبي وفي رحاب مسجد الشعراني حيث كان أباه مؤذنا بالمسجد فالتقطت أذنه روعة الآذان والتسابيح وحلاوة القرآن وسعى طفلا خلف القراء والمنشدين .
-ثانيا : أنه شرب واستوعب كل تراث من سبقوه مثل يوسف المنيلاوي وسلامة حجازي وعبده الحامولي ..وعاصر ونهل من سيد درويش ،علاوة على شغفه بقراءة الشيخ محمد رفعت للقرآن الكريم.
-ثالثا: الدور الأعظم الذي لعبه معه أمير الشعراء احمد شوقي حيث كان الجامعة التي تعلم فيها عبد الوهاب الفرنسية والاتيكيت وغشي قصور الملوك والامراء وعرف أساطين مصر في السياسة والادب والاقتصاد ..واصطحبه شوقي معه للبنان وباريس..فتذوق أشهى طعام ولبس أرقى ثياب وتكلم بحساب كما عرف الوسوسة والخوف على صحته ..وأهم ما عرفه هو تذوق الشعر العربي ،فدور شوقي لا يضاهي في حياة عبدالوهاب لدرجة أنه خصص له غرفة في قصره خاصة به.
– رابعا: من هنا تذهب الدهشة اذا عرفنا كيف غنى عبد الوهاب القصايد لشوقي مثل “ياجارة الوادي”..ولأحمد فتحي وعلي محمود طه ومحمود ابو الوفا وبشار الخوري ،وغيرهم مثل الجندول والكرنك وعندما يأتي المساء ونشيد الجهاد وجفنه علم الغزل ،ولكن كان شاعر عبد الوهاب الأثير هو حسين السيد.
– خامسا :كان عبدالوهاب دقيقا في عمله ولا يجامل في فنه .. ويحكي أنه راجع كل نسخ فيلم الخطايا بسبب ان حسن الإمام المخرج أحدث قطعا في لحن اغنيته “قولي حاجة مدته ١٠ ثواني” ،وسهر للصباح ومعه المونتير حتى أرجع الشيء لأصله ،فكان لا يتنازل في فنه ابدا.
-سادسا: لم يكن بخيلا كما أشيع عنه ،حيث كان يعزم أصحابه في أفخم مطاعم باريس على حسابه ،وكان يقضي شهور الصيف بين لبنان وباريس ،وظل يدفع رواتب شهرية للفقراء ومن انسحبت عنهم الشهرة مثل صالح عبدالحي ،ولكنه كان حكيما يضع الشيء في موضعه.
_ سابعا: رغم انه تزوج ٣ مرات من زبيدة الحكيم واغقبال نصار ونهلة القدسي ،إلا أن عشقه الأوحد كان لفنه.
-ثامنا: كان كشاف مواهب ،فهو من اكتشف ليلى مراد وعبدالحليم والكثير ممن تربعوا على الساحة.
– تاسعا :كان مجددا في الموسيقى العربية لأنه اطلع على كل أنواع الموسيقى، ونجح في إدخال آلات غربية للتخت الشرقي.
– عاشرا: أن ألحانه لأم كلثوم مثلت نقلة في مشوارها منذ “أنت عمري” ..وقد حاول طلعت حرب باشا الجمع بينهما قديما وفشل ونجحت محاولة عبدالناصر.
– حادي عشر: انه مطرب الملوك والأمراء منذ غنى أمام الملك احمد فؤاد في معهد الموسيقى بحضور ملك أفغانستان ثم غنى في عصر فاروق ثم نجيب وعبدالناصر والسادات ومبارك ،وحظي بتقدير الجميع.
– ثاني عشر: اأنه كانت له ريادة الفيلم الغنائي الاستعراضي ،والبداية كانت مع فيلم “الوردة البيضا”..
– ثالث عشر :كان نقيبا للموسيقين ورئيسا لأكثر من جمعية ونشاط موسيقي فكان رمانة الميزان في الغناء والموسيقى.
– ثالث عشر :حين خرج علينا بلحن “أسألك الرحيلا” لنجاة هز الدنيا ثم اتبعه بلحن وغناء “من غير ليه” فأثبت أنه مستمرا علي القمة.
-رابع عشر: عبدالوهاب فخر لنا كمصريين إذ تعلم منه اللبنانيون واستاذنوه في توزيع ألحانه لتغنيها فيروز مثل ..ياجارة الوادي،وغيرها.
– خامس عشر: أغانيه الوطنية علامات بارزة في التاريخ الفني.
وكلنا يعلم أن السادات طلب منه توزيع لحن “بلادي بلادي” من جديد كنشيد وطنى لمصر وعندها منحه الدكتوراة الفخرية ورتبة لواء شرفي.
كما أشار البيلي إلي أنه قام بتغيير بعض ألفاظ أغانيه، لانه كان يتذ وق الكلمات كشاعر مرهف،وحدث مع شوقي نفسه أن غير له بعض الكلمات ولا ننسى ان شوقي كان يعتبره جمهوره الأول فيسمعه ما يكتبه أولا بأول.
واختتم البيلي حديثه ،مطالبا بضرورة رعاية الموهوبين في الكلمة والموسيقى والعزف ،نحن أمة غنية في كل شيء ..ولكن ينقصنا عودة الدولة للإنتاج الغنائي ممثلة في الإذاعة وغيرها ،فالفن ابن الثراء والرعاية،وستبقي الأغنية مصدرا من مصادر قوتنا الناعمة وسفيرنا عبر الأزمنة والأمكنة.