بقلم ..✍️ د.خالد محسن
حالة من الحزن والأسي والكآبة تنتاب الشارع الاسماعيلي،وربوع المدينة الهادئة ،تعكر أجواء مدينة السحر والجمال ، تتجدد وتتواكب مع كل مباراة للإسماعيلي بالدوري تحسرا وتألما علي الحاضر الموجع ،وذكريات الماضي الجميل.
سقوط الدراويش المتتابع أصبح مأسأة حقيقية ،ولغزا محيرا يثير عشرات الإستفهام ، فقد وصلنا لمحطة الهزيمة الرابعة، وثلاثة تعادلات من سبع لقاءات ،والحصاد اليسير ثلاث نقاط يتيمة يتذيل بهم قاع الدوري العام في أسوء موسمين منذ انطلاق بطولة الدوري العام، لمن كانوا برازيل مصروالعرب !.
النكسة الاسماعيلاوية مستمرة، لأسباب عديدة ومن سيء إلي أسوء تتجه منظومة كرة القدم في النادي الاسماعيلي إحدي قلاع الكرة المصرية العريقة، التي أصبحت تفتفد كل عناصر الإدارة الاحترافية للرياضة، ولم تستفد من أخطائها المتكررة ولم تقدم أي جديد هذا العام، ولم تقتطف من دروس وثمار الفعاليات الرياضية المحلية والدولية، بحثا عن إصلاح وتصحيح هذا المسار المعوج.
نكبة الدراويش حصاد مؤلم لغياب التخطيط العلمي الاستراتيجي السليم ،فلم تعد كرة القدم لعبة تدار بالفهلوة والشللية والعشوائية،والرأي الأوحد بل بحسابات علمية دقيقة بالورقة والقلم ،تعتمد علي القراءة الواعية لظروف كل مباراة ،وتحليل أداء الفرق المنافسة وترسيخ الروح العالية والثقة بالنفس ، والبحث عن شراكات داعمة ومصادر لتمويل وتطوير مدارس الناشئين والاعتماد على أبناء النادي،والتخلي عن فكرة تبرير الهزائم والتراجع بحجة الأزمة المالية.
وبكل أريحية ،وامتياز منقطع النظير،وبدلائل مرة،وبتجارب ومشاهد مؤلمة عايشها أبناء الاسماعيلية ومحبو الدراويش أصبحت تجربة الاسماعيلي وأمست نموذجا عصريا للفشل الرياضي الذريع وللعشوائية والتخبط الإداري!.
كل المؤشرات والنتائج خلال الخمس سنوات الأخيرة تؤكد أن هناك أزمة كبري في قلعة الدراويش تتطلب حلولا عاجلة وإنقاذ عاجلا، وتحصينا متعقلا لمن كانت يوما إحدي القلاع الحصينة للكرة المصرية، مصدرا للسعادة لأهل الاسماعيلية ولمحبي الأداء الكروي الممتع.
كما كانت منبعا للمواهب الداعمة للمنتخبات المصرية في كافة الأعمار ،ومصدر ثريا للنجوم ولدعم الفرق الأخري وعلي رأسها قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك.
من كان يتصور أن يري هذا التدهور والتراجع،دون إيجاد حلول عملية لإخراج هذا النادي العريق من كبوته ونكباته المستمرة..
من كان يتصور غياب الروح عن الفريق،وجماعية الأداء،هذه النتائج الهزيلة المزرية وهذا الأداء الفردي المتذبذب، وأن يتخلي عن مكانته ومنافسته لأقطاب الكرة المصرية..
من كان يتصور أن يصارع الاسماعيلي شبح الهبوط، خلال الثلاث سنوات الماضية وأقصي الأماني البقاء في الدوري العام.
وبعيدا عن البكاء علي اللبن المسكوب، وللخروج من هذا المأزق ، وهذا المشهد المحزن الكئيب ،الذي طال أمده يجب أن يعقد مؤتمر جامع لكل الأطراف أو عقد جلسة مجتمعية طارئة، بمشاركة أعضاء الجمعية العمومية وخبراء الرياضة، للاستماع لكافة الرؤي، دون إقصاء لأحد وتحديد كافة مكامن الخلل وأسبابه بدقة، فهي أولي خطوات لتصحيح المسار ،وتدارك كافة الأخطاء.
وأصبح لزاما الاستماع لصوت العقل، واحتواء الصراع المستمر داخل مجلس الإدارة ،والذي كان من حصاده المر التضحية بأبناء النادي المخلصين ،وكان آخر الرجال المحترمين حمزة الجمل ومحمد حمص، ثم حسني عبدربه.
ولا بأس من الاستماع مجددا لبرنامج رئيس النادي ومقترحاته للخروج من الأزمة ،والاعتذار صراحة لأهل الاسماعيلية عن هذا التراجع المهين!.
واعتقد أن سياسة العناد والإصرار علي الخطأ، قد أسهما بصورة أساسية في هذا التردي المخزي ،وأبسط قواعد الإدارة الحكيمة، بصفة عامة تشخيص مواطن الداء والخلل ، وتقديم حلول مبدعه، أو الاعتذار فورا عن الإدارة وتقديم الاستقالة ، بكرامة وتواضع وترك المسئولية لمن يحسن الإدارة وتقدير الأمور.
و لقد قلنا مرارا أن اختزال مشكلة الإسماعيلي في المدرب فكرة جانبها الصواب ، لكن الأساس تدعيم الفريق بعناصر جديدة تتميز بالروح القتالية العالية، بعيدا عن ” انصاف اللاعبين ومهملات الأندية”، وأيضا ببدلاء في كل المراكز، وعدم تفويت فرص ضم لاعبين جدد ، خلال موسمي الانتقالات الشتوية والصيفية.
وأتصور ضرورة الاستغناء عن فكرة جلب مدربين أجانب فقد استنفدوا مقدرات وأموال النادي دون فائدة حقيقية ، وإيجاد حلول عملية لوقف الصفقات والعمولات المشبوهة وفكرة جلب لاعبين أجانب دون استيفاء عقودهم ،مما أدخل الفريق في قضايا مستمرة مع الڤيڤا والمحكمة الرياضية.
واقترح ضرورة أن تسهم أجهزة الدولة المعنية وعلي رأسها وزارة الشباب والرياضة لإنقاذ أحد أهم روافد مواهب الكرة المصرية بتوفير الدعم المعنوي والمادي والشراكة الفاعلة..لعل وعسى..وإنا لمنتظرون!!