كشفت دراسة اعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حول منظومة الاستيرادوالتصدير بالتعاون مع مشروع تطوير التجارة وتنمية الصادرات في مصر المُمول منالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID TRADE) ضعف التنسيق بين وزارتي الماليةوالتجارة والصناعة؛ مما يعمل على تعميق سوء الفهم لهدف التنمية الصناعية وتنميةالصادرات، وأشارت الدراسة إلى أن جزء ضخم من مشاكل منظومتي التصدير والاستيراديكمن في المبالغة في الإجراءات الرقابية وكلها ترتبط بعدم الثقة في القطاع الخاص فهومتهم حتى تثبت براءته، ويأتي تأثير هيئة التنمية الصناعية على منظومة التجارة منخلال الشروط المسبقة لعمليات التصدير والاستيراد، وبشكل عام يرتبط ضعف المنظومةالتجارية بضعف منظومة الإنتاج والاستثمار وما بها من معوقات.
وأوضحت الدراسة – التى شملت الدراسة عددا من المنتجات هى تصدير الملابس الجاهزةوالمفروشات، والرخام والجرانيت، ومنتجات الطماطم، واستيراد زيت النخيل، وتصديرمنتجات الطماطم، واستيراد قطع غيار الجرارات والسيارات وملحقاتها، والحديد والصلب،واستيراد بوليمرات الإيثيلين بصورتها الأولية – أنه يمكن الاستفادة بشكل كبير من تجاربتركيا وجنوب كوريا والسعودية في تسهيل منظومتي التصدير والاستيراد، لافتة إلى أنمعظم ارتفاع تكلفة إجراءات التجارة وتأخرها في مجال التصدير تحديدا (أيا كانتالسلعة) يرتبط باستيراد المكونات اللازمة لإنتاج السلع التصديرية والبرامج المتعلقة بها(نظام الدروباك ونظام السماح المؤقت)، واللذان يمثلان استرداد لمستحقات ماليةللمصدرين بعد حساب المكونات المستوردة، وهو ما يعني أن تحسين عملية استيراد جميعالمنتجات يأتي في صدارة الأولويات كونها تؤثر على إجراءات الاستيراد والتصدير.
وتابعت الدراسة أن أدوار هيئة الرقابة الصناعية ومنظومة دعم الصادرات تأتي في مقدمةمشاكل التصدير، خصوصا في إطار تداخل أدوار وزارة المالية ووزارة التجارة و الصناعةفي المنظومة التي من المفترض أن تتبع وزارة الصناعة وحدها، مشيرة إلى أن قطاعي موادالبناء والصناعات الغذائية يعانيان من مشاكل خاصة في التصدير ترتبط بطبيعة الأولىحجما وتوصيفا وبالبعد الصحي في الثانية، كما تعاني صادرات الملابس والمفروشات منتعقيدات مرتبطة بخطاب هيئة الرقابة الصناعية المرتبط بتحديد الهالك.
وقالت الدراسة أنه رغم أن الأمر يبدو وكأن مصلحة الجمارك هي أساس جميع المشكلاتالتي تواجه إجراءات الاستيراد، إلا أنها في حقيقة الأمر ما هي إلا واجهة وهناك العديد منالجهات الأخرى المتسببة في هذه المشكلات مثل سلطات الموانئ، وجهات الفحص الكثيرةالمختلفة (نحو 38 جهة) وغيرها من الجهات. وجميع أوجه القصور أو الضعف التى تعانين منها هذه الجهات تنعكس على تعاملات المستورد المصري مع مصلحة الجمارك، أيأن أضعف حلقة هي التي تحدد سرعة إجراءات الاستيراد بأكملها، كما يعاني نظام“نافذة” نفسه من أوجه قصور عديدة في تصميمه الأصلي ومرحلة تنفيذه، ويتم التوسع فى تطبيق النظام بشكل أفقي في مؤسسات إضافية، الأمر الذي يعمل على تعقيدالمشكلات وخلق مزيد من الإجراءات البيروقراطية غير الضرورية، ولكن ما سبق لا ينفى حقيقة أن مصلحة الجمارك بحاجة لإصلاحات جدية ورقمنة كاملة للإجراءات بها، حيث تظهر حقيقة أن “دورة المستندات” في مصر أبطأ من “دورة المنتجات” واضحة خلافاللمعتاد في كل دول العالم، بالإضافة إلى وجود فرق كبير في التعامل مع نفس المنتج من حيث التكاليف والإجراءات بين الموانئ المختلفة، وهو ما يعني عدم وجود معايير واضحةومحددة لتقدير التكاليف أو الوقت الذي تستغرقه إجراءات الاستيراد ككل، فضلا عنالازدحام الشديد عند بوابات الموانئ التي تتسم فيها الإجراءات “بالسهولة“.
وعقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، بالتعاون مع مشروع تطوير التجارة وتنميةالصادرات في مصر ، حلقة نقاشية ختامية بهدف إعلان برنامج عمل تنفيذي لإصلاح منظومة دورة الاستيراد والتصدير بهدف تعزيز قدرة الصناعة المصرية على الإنتاجوالتصدير، وفق ما انتهى إليه مناقشة دراسة تفصيلية أعدها المركز بالتعاون مع المشروعلتوثيق دورة حياة العملية الاستيرادية والتصديرية لمجموعة من المنتجات فى مصر،بهدف الوقوف على أهم المشاكل التى تعوق المنظومة.
وقالت لورا جونزاليز مدير مكتب التنمية الاقتصادية بالوكالة الامريكية للتنمية الدولية – أن الحكومة الأمريكية تدعم من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الهدف الطموحللحكومة المصرية للوصول إلى 100 مليار دولار صادرات سنوية خلال هذا العقد. مشيرةإلى أن هذا المؤتمر يُعد بمثابة منصة محورية للاعبين الرئيسيين للاتفاق على خطة عملمن شأنها أن تساعد في تبسيط عملية التصدير والاستيراد، وهي خطوة ضروريةللاقتراب من تحقيق هدف 100 مليار دولار صادرات مصرية.
وقال رشيد بنجلون، مدير مشروع تطوير التجارة وتنمية الصادرات فى مصر أن هذاالمؤتمر يأتي ليختتم ما يقرب من ثمانية أشهر من الدراسة والتحليل للوضع الفعليلمنظومة التجارة الخارجية في مصر حيث تم عقد 6 جلسات نقاشية بين ممثلي الحكومةوممثلي القطاع الخاص في مارس الماضي بهدف تطوير التجارة وتقليل الحواجز أمامهامن خلال توفير المناخ الملائم والمشجع للمُصدرين الجدد والحاليين من الشركات الصغيرةوالمتوسطة، وذلك لزيادة حجم صادراتهم بما يتماشى مع رؤية الحكومة المصرية الهادفةلزيادة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار، معربا عن أمله فى أن يتم التوافق بنهايةالمؤتمر حول برنامج عمل تنفيذي لإصلاح منظومة التجارة الخارجية في مصر، وهيبداية فقط لرحلة طويلة لتطوير المنظومة بالكامل لتصبح أكثر تبسيطاً وأكثر شفافية وأكثرتوقعاً.
من جانبه أكد يحيي الواثق بالله رئيس جهاز التمثيل التجارى ممثلا عن وزير الصناعةوالتجارة، اهتمام الوزارة وعلى رأسها وزير الصناعة بهذه الدراسة ونتائجها، مؤكدا عزمالوزارة على التصدى لكافة المعوقات التى تحول دون انسياب الصادرات المصرية إلىمختلف الدول، ولفت إلى الإدراك التام بأن زيادة الصادرات المصرية مرتبطة بزيادة القدرةالتنافسية للمصنعين المصريين، وهذه الزيادة مرتبطة بدورها بتشجيع إجراء توسعاتمدروسة للمصانع القائمة وتشجيع الاستثمار المصري والأجنبي لإقامة منشآت صناعيةجديدة، حتى نتمكن فى النهاية من الاستفادة مما تحققه من وفرة الإنتاج الكبير.
شدد الواثق بالله، أن الوصول إلى صادرات 100 مليار دولار يتطلب زيادة الطاقاتالإنتاجية، حيث تصدر مصر 40% من إجمالى الإنتاج الصناعي حاليا بنحو 35 ملياردولار، وزيادة هذا الرقم لتحقيق مستهدف ال100 مليار دولار يتطلب الوصول بالناتجالصناعى إلى 200 – 250 مليار دولار سنويا، مشيرا إلى أن إجمالى البطاقاتالتصديرية فى مصر يبلغ 50 ألف بطاقة، فى حين أن المصدرين فى مصر 5 آلاف فقط،داعيا لإضافة قاعدة إنتاجية لصناعات عالية التكنولوجيا حتى نتمكن من زيادة الإنتاجالصناعي في مصر وزيادة الصادرات.
وعلى جانب القطاع الخاص، أشار الدكتور أحمد فكري عبد الوهاب الرئيس التنفيذيللشركة المصرية الألمانية للسيارات “إجا“، إلى أحد أهم المشكلات التى تواجه قطاعصناعة السيارات في مصر والمتعلقة بالمواصفات، حيث وقعت مصر على اتفاقية دوليةتضم 164 مواصفة تسمح بالاعتراف المتبادل بالمواصفات الخاصة بالأجزاء، ولكن مازاليتم مطالبة المستوردين بالفحص بناء على مواصفات غير موجودة بالمنظومة، فى حينأنه لا يوجد من الأساس مواصفة تخص السيارة الكاملة تطبقها مصر، رغم وجود مواصفةدولية، كما تطبق مصر مواصفات على بعض المكونات المصنعة محليا ولا تطبق علىالمستورد، فيما وصفه بأنه “عقاب للمصنع المحلى“، مطالبا بتوحيد المواصفات علىالجميع والالتزام بالمواصفات الدولية، وإيجاد مواصفة للسيارة الكاملة.
اشارت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية انالدراسة
بينت تأثير كل إجراء من إجراءات الإصلاح المقترحة على انخفاض عدد أيام إجراءات إتمامالعملية التجارية لكل منتج مما شملته الدراسة بشكل مفصل، لتصل إلى 11 – 14 يوما فىحال تنفيذ الإصلاحات المقترحة وفق السيناريو الأفضل، مقابل مدة تتراوح بين 92 – 258 يوما فى الوضع الحالى حسب نوع المنتجات.
اكدت عبد اللطيف ان الدراسة شددت على أن نجاح خطة الإصلاح المقترحة يحكمه عدد منالمبادئ لتحقيق النجاح وهى الاهتمام بمنظومتي الاستثمار والإنتاج لأن هي الأصلوضعفهما يؤثر بشكل مباشر على العملية التجارية برمتها، كما يجب أن يكون القطاعالخاص هو اللاعب الأساسي في التصدير والاستيراد وبالتالي هو جزء أساسي في صنعالقرارات ذات العلاقة وليس فقط متلقي لها، بالإضافة إلى ضرورة تبني السياسات وقواعد الرقابة على أساس أن السلوك السليم هو السائد والسلوك الفاسد هو الاستثناء وليس العكس، مؤكدة أيضا على أن البعد التنافسي لزيادة الصادرات المصرية هو المحركالصحيح لتغيير المنظومة بهدف تحسينها، وأن فقط الإصلاحات المتكاملة تحقق التحسينالمطلوب في المنظومة وقد تتسبب الإصلاحات الجزئية في أن يصبح الأداء اسوأ.
وحول أولويات الإصلاح العاجلة على مستوى التصدير، أشارت الدراسة إلى ضرورةتيسير إجراءات الحصول على مستحقات دعم الصادرات وتخفيض مدتها (الصورالضوئية – رد أعباء الصادرات)، وتبسيط إجراءات أنظمة السماح المؤقت والدروباكوتسريعها ( الرقابة الصناعية– خطاب الضمان (السماح المؤقت) / استرداد الرسومالجمركية (الدروباك)، وتتمثل أولويات الإصلاح على جانب الاستيراد فى تطبيق منظومةمخاطر موحدة على مستوى كافة الجهات الرقابية ووفقا لأفضل الممارسات الدولية،وتطوير منظومة نافذة لتفادي المشكلات التقنية ولتحقيق الهدف الأصلي الذي صممت منأجله “اختصار الإجراءات في منصة واحدة وزيادة الكفاءة“، وزيادة الشفافية في تقديرإجمالي الرسوم التي يتحملها المستورد المصري خاصة المُصنع خلال إجراءات الإفراجالجمركي.
وقالت الدكتورة أماني الوصال رئيس قطاعي التجارة الخارجية والاتفاقيات بوزارةالتجارة والصناعة والمدير التنفيذي لصندوق تنمية الصادرات، أن المشكلة الأساسية تكمنفى أن البيئة العامة مثبطة لأى نشاط أو تطوير سواء بالنسبة لموظفي الحكومة أو القطاعالخاص، وهو ما يتطلب حلا، وعلى جانب آخر أشارت إلى أن ميزانية صندوق تنميةالصادرات اعتبارا من العام المالي المقبل لن تقل عن 28 مليار جنيه، لافتة إلى أن الصندوقيستهدف تعميق الصناعة وبالتالى يدرس المجلس حاليا أن تكون شهادة المكون المحليعامين بدلا من عام واحد حاليا. وأضافت أنه يجري العمل على ميكنة إجراءات الصندوقبحيث سيتمكن المصدر من تحميل مستنداته إلكترونيا على النظام اعتبارا من أول يوليووتشمل المنظومة معادلة حساب الدعم، ومن المقرر أن يكتمل فى أكتوبر المقبل.
واختتمت الدكتورة عبلة عبد اللطيف بالتأكيد على أن الإصلاح المؤسسى هو الحل لكافةهذه المشكلات وإصلاح المنظومة بشكل حقيقي، داعية اتحاد الصناعات الى أخذ المبادرةبالتعاون مع الجهات الحكومية الجادة فى العمل على التغيير والإصلاح، مشيرة إلىاستمرار المركز فى متابعة تطبيق الإصلاحات التى أوصت بها الدراسة وقياس تأثيرهاالفعلى من خلال استبيان مدى استفادة القطاع الخاص منها، خلال الفترة المقبلة.