»»
قتل النفس وإزهاق الروح من الجرائم المؤلمة والأفعال الشائنة المحرمة في كافة القوانين الإنسانية الدهرية، ومن قبلها قوانين السماء العادلة ،لخصها قول الله عز وجل: “مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً.” صدق الله العظيم
وهو أمر لا يقبل المزايدة والتبرير عبر مختلف أجهزة الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي للتملص والفكاك من العقوبة ، والوفاء بحق المجتمع!.
ومن نافلة القول وجوب إلتزام الإعلام بالحياد والدقة والالتزام بما تصدره جهات التحقيق من بيانات ،وماتعلنه من حقائق وترك كلمة الفصل للقضاء منصة العدالة المطلقة ،دون أدني محاولة تلميحا أوتصريحا للتأثير علي مسار وأطراف القضية.
ومن الظواهر المقلقة في الآونة الأخيرة انتشار أنماط مختلفة من الجرائم الأسرية ،ورغم أنها ما تزال حوادث فردية شاذة تعكس خللا في التربية والتنشئة الاجتماعية وغياب القيم الإيمانية، لكنها تتطلب منا وقفات لتحجيمها وتحصين المجتمع من مغبة التهاون في مثل هذه الجرائم أو محاولات تجميل وقاحة هذا الفعلة ،تبريرها وإيجاد الأعذار الواهية لمقترفي هذه الجرائم الشاذة، ولحاجة في نفس يعقوب !.
ومن الملاحظات المهنية أن هناك معالجات إعلامية مغرضة ،وأحيانا منقوصة لجرائم الأسرة تفتقد الموضوعية والدقة ،ويقتصر معظمها علي الكشف عن جوانب الإثارة وتوصيف الأحداث،وأحيانا اختلاق أحداث جديدة وقصص وحكايات وروايات لزيادة المشاهدات، دون الالتفات لحق المجتمع في التوعية بمخاطر هذه الجرائم ومدي تأثيرها علي منظومة الترابط الأسري.
وفي تقديري أن النموذج الأسوء لهذه التغطية ما فعلته إحدي القنوات الفضائية مؤخرا ،وبعض المواقع الرقمية قبيل أيام من الحكم علي قاتلة أمها في بورسعيد ،فقد حاولت تلك المنصات بطرق ملتوية التأثير علي مجري العدالة وتبرير الجريمة، بحجج عاطفية واهية لتخفيف العقوبة والهروب من القصاص العادل لإيدي آثمة خلعت جل المشاعر والقيم والمبادئ ،واقترفت جريمتها النكراء بإزهاق روح والدتها ، التي لم يعلم الناس عنها إلا كل خير!.
وعادت للذاكرة من جديد محاولات البعض إيجاد مخرج ومبرر لقاتل فتاة المنصورة والذي ارتكب جريمته في وضح النهار،عيانا ،جهارا مع سبق الإصرار،والترصد وهو في كامل قواه العقلية!.
إن استمراء فكرة اقتراف الجريمة ،دون الخشية من العقوبة الرادعة،لهو نذير سوء ،ومؤشر خطير يهدد قيم وثوابت المجتمع ،والتي أمست في مأزق كبير تتقاذفها أنواء الحياة من كل جانب في رحلة العودة إلي الوراء..
ومن جديد أين الدور الحاسم للمجلس الأعلى للإعلام لتحصين المجتمع من هذه التجاوزات ؟!.