لاعيب في أن نتعلم من الدروس والأزمات التي تواجهنا وتواجه منطقتنا والعالم، ولأن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي أبداً.
وإذا كانت الأزمات التي وقعت خلال السنوات الأخيرة مثل الإغلاق الذي حدث بسبب جائحة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية وحالة الركود التي سيطرت على معظم بقاع المعمورة قد علمتنا أهمية التنوع في أماكن الحصول على احتياجاتنا وفتح أسواق جديدة “غير تقليدية” أو حتى التعامل بالعملات المحلية مع الدول الصديقة، فإنها تلفت الأنظار أيضاً الى أهمية زيادة الإنتاج مستقبلاً والسعي الى تحقيق الإكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية ووقتها سيكون اقتصادنا أكثر قوة وصلابة .
من هنا تبدو أهمية الخطوة التي بدأتها الدولة بالشروع في تنمية سيناء واصطفاف المعدات المشاركة في تنفيذ خطة إعمار أرض الفيروز بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار المسئولين بالدولة، وهي خطوة لها أهميتها الكبرى سواء من الناحية التنموية أو الأمنية والإستراتيجية.
قبل عدة أعوام وخلال الحرب الضروس التي خاضتها مصر لتطهير سيناء من الإرهاب، كتبت في هذه الزاوية عدة مقالات تتلخص في أنه لا بديل عن تنمية سيناء لتحقيق أكثر من هدف استراتيجي.. نقضي على الارهاب وننهي الأطماع في أرضها المباركة للأبد.. ونساهم بقوة في زيادة الناتج القومي.. والأهم أن نفتح أبواب الرزق لأبنائنا بسيناء والمحافظات الأخرى.
الحرب التي خاضتها مصر على مدار سنوات لم تكن مجرد مواجهة مع مجموعة من المتطرفين أو الخارجين عن القانون بل حرب واسعة النطاق تشارك فيها دول كبرى تنفق ببذخ على التسليح وتقدم الدعم اللوجيستي للارهابيين عبر أجهزة مخابراتها وأقمارها الصناعية حتى تظل سيناء بؤرة توتر وساحة قتال لاعاقة كل محاولات التنمية توطئة لتنفيذ مخطط شيطاني بتحويلها الى إمارة للإرهاب وحان الوقت لإغلاق هذا الملف الى الأبد.
***
بما أن مشروع مشروع تنمية سيناء ضخم وله أهميته على كافة المستويات ويمكنه أن يغير وجه مصر في المستقبل القريب، فإن المساهمة فيه بمثابة واجب وطني لايقل عن الواجب الذي يؤديه رجال الجيش والشرطة الذين ضحوا ومازالوا يقدمون التضحيات في سبيل الحفاظ على أمن وأمان تلك البقعة المباركة، لأن اقامة المشروعات وجذب ملايين الشباب بمثابة حائط صد لحماية بوابتنا الشرقية.
وهي دعوة لرجال الأعمال الوطنيين للمشاركة فيما يجري من مشروعات، مع الوضع في الاعتبار أن سيناء بها مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة يمكن استغلالها لتعود بالخير على أهالي المحروسة، مع الإستفادة من رمالها في إنشاء مصانع للزجاج والأسمنت والرخام وغيرها بالاضافة الى المواد الخام وبعضها نادر ولايتواجد إلا في مناطق محدودة من العالم.
الحلم الذي انطلقت شرارته منذ عدة أيام يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، يغلق ملف الإرهاب تماماً بالمشروعات كثيفة العمالة والعمل الجاد لتجفيف منابعه والقضاء على البيئة الحاضنة للمتطرفين والتكفيريين اضافة الى المساهمة بقوة في زيادة الناتج القومي، والأهم أن دوران عجلة الإنتاج وبث الطمأنينة في النفوس سيفتح أبواب الرزق لأهالي سيناء سواء من أصحاب الشركات أو الشباب الباحثين عن فرصة عمل.
زرع سيناء بالبشر هو المشروع الأكثر أهمية الآن ويستدعي تكاتف الشعب مع الحكومة حتى نحقق التنمية والأمن في ذات الوقت.. سيناء بمثابة منجم ذهب أو كنوز منسية وحان الوقت لفتحها.