يقول الدكتور عمر محمد علي ،أستاذ جغرافيا العمران والتخطيط بكلية الآداب جامعة حلوان ،وعضو مجلس البحوث الاجتماعية والسكان باكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا :إن ماحدث أمس من افتتاح السيد الرئيس للمشروعات الزراعية والصناعية والاستثمارية بشرق العوينات وتوشكي ،يعد نقلة حضارية هامة جدا للاقتصاد المصري ،وذلك لسد الاحتياجات الغذائية من المحاصيل الزراعية مثل القمح والبطاطس والذرة الشامية ،وتصدير الباقي للأسواق الخارجية.
،مضيفا أن استصلاح ٧٠٠ ألف فدان في المرحلة الحالية وهي من الأراضي البكر في الزراعة ، يجعل المنطقة من مناطق عصب التنمية الاقتصادية ،وفي نفس الوقت مساهمة لإضافة حيز عمراني وزراعي هام جدا ؛فالمساحة الزراعية في وادي الدلتا أصبحت قليلة جدا نظرا للزحف العمراني علي العديد من الأراضي الزراعية.
ويقول د.عمر إن الاكتفاء الذاتي بين العرض والمطلوب بالنسبة لحجم السكان مهم جدا ،فدولتنا أكبر مستهلك ومستورد للقمح في العالم ،مضيفا أن الأزمة الأوكرانية الروسية وما يحدث في منطقة البلقان تحديدا أحدثت نوعا من الفجوة الاقتصادية و التضخم وارتفاع أسعار الغذاء في العالم ؛فالتفكير الاستراتيجي للرئيس يتجه نحو اكتفاء احتياجاتنا الغذائية وقت السلم والحرب حيث أن الأزمة الأوكرانية أظهرت للعالم أهمية الغذاء كسلع استراتيجية وبالأخص القمح مما يبين أن هذه المشروعات من أساسيات الأمن القومي المصري.
ويؤكد أن الاستراتيجية القومية في الزراعة تقوم علي توفير الاحتياجات الزراعية بما يحقق الاكتفاء الذاتي وتطبيق معايير الأمن القومي المصري ،حيث كنا نستورد ٧٥٪ من احتياجنا للقمح ،أما الآن وبعد كلام الرئيس سنحقق الاكتفاء من هذه السلعة وسنوفر عملة صعبة ،فضلا عن إهدارنا لجزء كبير من القمح عند استيراده من الخارج سواء بالنسبة للناقلات أو التخزين في الموانيء .
وقد تحدث الرئيس السيسي أمس عن توشكي كمنطقة واحدة للزراعة حيث أنه مشروع قديم منذ عهد الرئيس الراحل حسني مبارك لكنه لم يلق الأيدي الأمينة الذي تأخذه إلي قرار مناسب لاظهار هذا المشروع علي خريطة العالم ،فهذه المنطقة تقع في جنوب غرب مصر وهي من المناطق البكر الواعدة تنمويا وزراعيا لأنها تعتبر سلة الغذاء لجمهورية مصر العربية.
ويضيف أستاذ الجغرافيا والعمران أن توشكي من المعروف أنها منطقة زراعية كما أكد الرئيس ،والآن أصبحت منطقة صناعية ،فبعد المنطقة عن طرق النقل والمواصلات بما يقرب من ٧٥٠ كيلو مما يتطلب وقتا كبيرا ،جعل الرئيس يقرر لأن تكون توشكي وشرق العوينات تجمعا زراعيا صناعيا سكانيا حيث وجه مباشرة بأن تقام تجمعات عمرانية لتقليل الكثافات السكانية بالوادي والدلتا مما يخلق ما يقرب من مليون فرصة عمل بهذه المناطق كما أشار الرئيس ،بالإضافة إلى اجتذاب الشركات الوطنية والاستثمارية الكبري ؛موضحا أن هذه المشروعات يشارك فيها القطاع الخاص والاستثماري والحكومي.
ويشير د.عمر محمد إلي أن هذه المنطقة كانت منطقة لعبور المهاجرين والمتسللين الخارجين عن القانون حيث تقع توشكي وشرق العوينات عند التقاء الحدود المصرية الليبية التشادية فتعتبر منطقة وعرة ،والآن تحولت إلي منطقة صناعية زراعية ،ومدتها القيادة السياسية بكافة الخدمات والمرافق ،ونستطيع أن نقول أن لدينا الآن محافظتين كبيرتين في طي الإنشاء (توشكي وشرق العوينات)
مضيفا أن تأكيد وزير التموين علي زراعة الذرة الشامية وعباد الشمس لسد الاحتياجات الأساسية من الأعلاف والزيوت ،فأصبح هناك مصانع للأعلاف والزيوت والبطاطس ،فضلا عن استزراع مليون ونصف مليون نخلة من أفخم أنواع التمور في العالم بحيث يذهب الإنتاج مباشرة إلي التصدير ،وتصدرت مصر المرتبة الأولي عربيا وأفريقيا في إنتاج التمور ،مما يثبت تحقيقنا لعدة معادلات في مشروع واحد.
ويقترح د. عمر محمد أستاذ الجغرافيا والعمران أن تكون توشكي محافظة ،وشرق العوينات محافظة أخري مستقلة ،فكليهما في أقصي جنوب مصر بما يوازي مدن عمرانية وحدودية ،وهذا من شأنه يجذب العديد من المشروعات الآخري الزراعية ،كما أن كل أركان وسائل الحياة متوفرة فيهما من زراعة وسكان وخدمات ،وتعد هذه المناطق من التجمعات الرعوية ،وأحد المرافق السياحية الهامة في مصر.