🖊بقلم د.محمد يوسف المملوك
باحث دكتوراه بكلية دار العلوم
إن البيع عبر الإنترنت من أكثر الطرق فعاليّة في الترويج وعرض المنتجات بطريقة سهلة ميسرة أنيقة وجذابة. فالتطوّر التكنولوجي الهائل الذي نشهده في عصرنا هذا والتحول إلى العالم الرقمي، تحديداً في التجارة والتسويق حتى أصبح البيع عن طريق الإنترنت فرصة كبيرة لمختلف المستخدمين من أجل تقديم منتجاتهم للعالم بأسره.
إلا إنه على الرغم من المزايا والمنافع الهائلة الناجمة عن عمليات التسويق والبيع والشراء عن طريق الإنترنت والتقدم التكنولوجي الحديث في مجال الاتصالات، إلا إنه في ذات الوقت نجم عنها بعض الظواهر والتأثيرات السلبية، من أبرزها ظهور حالات جديدة من الغش والاحتيال التي ترتبط بالمجتمع الإلكتروني الرقمي الجديد، ولقد حدثت خلال الفترة الأخيرة العديد من التطورات الهامة الكبيرة في تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، أدت إلى تغيير طبيعة ونمط الحياة الاقتصادية لكافة المستهلكين سواء كان ذلك في الدول المتقدمة أو النامية على حد سواء، فقد أصبح بإمكان المستهلك اليوم أن يتسوق ويتمم كافة تعاملاته التجارية والمصرفية من المنزل، وأصبح بإمكانه أن يعمل ويدفع إلكترونيا عن طريق الحاسب بدون جهد.
ومن خلال التعاملات بالبيع والشراء عن طريق الإنترنت فقد تحدث عمليات غش وخداع ونصب واحتيال في البيع والشراء، ولذلك فقد حدد الشرع كيفية التعامل بالبيع والشراء عن طريق الإنترنت ووضع الأسس الثابتة للبيع والشراء وعلى ذلك
فإن القاعدة الفقهية تقول (الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه)، فإذا كانت هذه المعاملات التي تتم عن طريق الإنترنت تُستخدم بطريقة شرعية، ولا تشتمل على غرر أو جهالة أو غشٍّ فهي جائزة شرعًا، ولا حرج في ذلك؛ لحاجة الناس إليها في هذا العصر، وذلك لأن لكل عصر مستجداتِهِ التي تحتِّم على الناس التعامل بها”.
ومن المعلوم أن الإنترنت الآن يتم التعامل به في جميع مناحي الحياة، والبيع والشراء من أهم اتجاهات مستخدمي الإنترنت في أيامنا هذه، وعلى كلٍّ، فما وافق شروط البيع الصحيح من الإيجاب والقبول ومن الملكية وأهلية الطرفين وأن تكون السلعة معلومة موصوفة ومعلوم ثمنها فهذا جائز، ومن الشروط الموضوعة أيضًا في البيع والشراء عن طريق الإنترنت، انتفاء الجهالة والغرر والغش، وعدم مخالفة شروط البيع والشراء، وأما ما خالف شروط البيع والشراء التي حددها الشرع فهو غير جائز كما يحدث في التسويق الشبكي عبر الإنترنت لبعض السلع المجهولة والغير معلوم ثمنها والتي قد لا تكون مملوكة أصلاً للبائع وذلك لوجود الغرر والضرر وعدم وجود سلعة في غالب الأحيان، .
وهناك شروط للبيع والشراء عبر الإنترنت ،وهي:
١- توافق الإيجابِ والقبول بين البائع والمشتري على المعقود عليه مقابل الثمن.
٢- أن يكون المبيعُ مملوكاً للبائع أو له عليه ولايةٌ أو وكالةٌ تجيز تصرفه فيه.
٣- أن يكون المبيع موجوداً حين العقد.
ويصح بيع الغائب الموصوف المقدور على تسليمه لأن الأصل في البيوع الحل لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ولقوله تعالى: {إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}.
ولقوله – صلى الله عليه وسلم – لحكيم بن حزام: “لا تبع ما ليس عندك”، فقد نهى رسول الله عن بيع ما ليس عند الإنسان، ويدخل في ذلك النهي عن بيع ما لا يقدر الإنسان على تسليمه، وما ليس في ملكه وقدرته؛ لأن ما لا يقدر على تسليمه ليس عنده حقيقة، فيكون بيعه غررًا ومغامرة، وهو من باب القمار، وهو أشبه ببيع الطير في الهواء، ويدخل فيه النهي عن بيع الأعيان التي لا يملكها؛ لأنه لا يدري هل يجيزه غيره أم لا؟.
وعلى المستهلك أن يكون لديه وعي كبير في التفرقة بين الإعلانات السليمة والصفحات الرسمية وبين الإعلانات المخادعة التي تحاول التربح بشكل غير سليم، وعلى ذلك: فإذا تحقق شرط البيان والمعرفة للثمن والمثمن، وزالت الجهالة – فإنه يجوز التعامل والتعاقد بيعاً وشراء بواسطة الهاتف وبواسطة الشاشة أو الإنترنت أو غيرها من الوسائل التي يستفاد منها
هذا والله أعلم.