تشهد ريادة الأعمال بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر، تحديات عديدة خلال الفترة الحالية، أعاقت قيام واستمرار الكثير من الشركات الناشئة على الرغم من إعلان الدولة توجيه الدعم الكبير لتلك الشركات في ظل نقص الإمكانيات من ضعف الاستثمارات ومحدودية انتشار الشركات في ظل وفرة الأفكار المبدعة من قبل رواد الأعمال المغامرون.
وأشار عدد من خبراء القطاع في مجال ريادة الأعمال إلى أن مواجهة العقبات التي تعوق المجال لا يمكن اتمامها وحل مشكلاتها قبل الوقوف على أهم المشكلات التي تعترضها حيث قال المهندس حسين الجريتلي خبير صناعة تكنولوجيا المعلومات على ضرورة إتاحة وتوجيه الموارد المالية بشكل صحيح واستغلالها في تطوير جودة التعليم التقني والمهني، باعتباره عنصر أساسى وشريك هام في تنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري.
واستطرد الجريتلي أنه رغم النمو الملحوظ في الاستثمارات، لا تزال المبالغ، التي يتم استثمارها في الشركات الناشئة، وما زال رواد الأعمال الموهوبون يعانون صعوبات كبيرة في لفت الانتباه وجمع التمويل اللازم لمشاريعهم مشيرا إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه مشكلة أكبر في جمع التمويل اللازم للتوسع، ما يضطر تلك الشركات إلى الحد من نشاطاتها والتأخر عن المكانة التي تستطيع الوصول إليها.
وشدد على غياب نظام إيكولوجي متماسك لريادة الأعمال، حيث يعاني مجال ريادة الأعمال من الكثير من الثغرات، ما يضع رواد الأعمال وشركاتهم الناشئة في مواجهة عوائق يومية غير متوقعة، يعود ذلك إلى غياب نظام إيكولوجي فعّال يمكنهم الاعتماد عليه لدعم مواهبهم، غالبا ما تكون حلقة أو أكثر مفقودة من السلسلة.
ولفت أيضا إلى ضعف عملية التخطيط في ظل ارتكاب معظم رواد الأعمال في مصر خطأ شائعا، يتمثل في اقتصار تركيز تمويلهم على ما يلزم بداية المشروعات وحدها على الرغم من وجوب تمويل أية شركة ناشئة بما يكفي للعمل مدة 18 إلى 24 شهرا، وهي الفترة التي تحتاجها الشركات عادة لجني ربح حقيقي. فضلا عن أنهم يجمعون التمويل لكى تقوم شركاتهم فقط، لا للمكانة التي يريدونها لشركاتهم الناشئة بعد عام أو عامين.
فيما كشف المهندس شريف طاهر مستشار وزير الاتصالات السابق، أن المشكلة الرئيسية التي تواجه القطاع قبل تطوير البنية التحتية له هي ضعف قدرات العنصر البشري ونقص كفاءته، مضيفا أنه من المؤسف للغاية غياب الاستثمار للتعليم في العنصر البشري على المستوى المحلي والذي يؤثر بالسلب على تطوير أداء القطاع وقلة انتاجيته ونقص تصديره وتراجع مساهمته في الناتج القومي.
وأكد طاهر في تصريحات خاصة لـ “المساء “، على أهمية كفاءة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لإتاحة الفرصة لرواد الأعمال بمصر لتحقيق طفرة تقنية في قطاع الاتصالات، مستشهدا بالتجربة الهندية في التحول الرقمي السريع والتي وضعت الاقتصاد المحلي لها في مصاف الكبار عالميا خاصة أنها قامت على أساس التعلم التكنولوجي والاستثمار في العنصر البشري من خلال التركيز على مجال التعليم.
ويرى طاهر أن الأنظمة التشريعية، في مصر، ما زالت بعيدة كل البعد عن دعم الأعمال، حيث يستغرق إنشاء شركة في القاهرة أو الجيزة وقتا يصل أحيانا إلى شهر كامل، في حين يمكن إنشاء شركة في الولايات المتحدة خلال 24 ساعة منوها أن التعامل مع التشريعات والروتين يؤدى إلى إضاعة طاقة رواد الأعمال ووقتهم، كما يزيد من تردد المستثمرين في دعم المشروعات الجديدة.
وتابع طاهر حديثه أن الظروف الاقتصادية والسياسية غير المستقرة في مصر من أكبر عوامل تردد المستثمرين في دخول سوق ريادة الأعمال، إلا أن ذلك ينطبق على المستثمرين الذين لا يعرفون السوق جيدا، فأصحاب الخبرة في المنطقة يثقون بقدرة رواد الأعمال على تجاوز المصاعب السياسية خاصة أن العوائق التشريعية تشكل مشكلة أكبر من الأوضاع الاقتصادية، مشيرا إلى أنه يوجد مقياس عالمي للتعرف على مقدار سرعة الإنترنت بجانب معرفة كيفية تواصلها مع معامل الشبكات العالمي، موضحا تأثير عمليات التمويل على تكنولوجيا المعلومات، لافتا إن أساس المجتمع الرقمي في أي بلد هو سرعة الإنترنت والذي يحتاج بدوره لبنية تكنولوجية على جودة عالية، موضحا أنه حدث ولا حرج على ضعف شبكات الإنترنت بمصر.
وقال الدكتور وائل الدسوقي مدير التسويق بأكاديمية البحرية، أن رواد الأعمال في مصر لا يحتاجون للابتكار أو الموهبة، إلا أنهم يفتقدون للتدريب الجيد على عدة جوانب من إدارة أعمالهم، مما يتسبب أحيانا في فشل أفكار رائعة في اجتذاب التمويل بسبب ضعف في عرض الفكرة، أو أن تتوقف شركات ناشئة ذات مستقبل مشرق بسبب انعدام الكفاءة في الإدارة لأن التدريب والرعاية مكوّنان مفقودان من النظام الأدارى لريادة الأعمال في المنطقة، رغم أهميتهما البالغة.
وأشار الدسوقي، إلى أن الجامعات مركز لاكتشاف المواهب رواد الأعمال في مصر حيث تحتاج فقط إلى شيء من المرونة في اتخاذ القرارات بجانب توفير الدعم المالي اللازم. موضحا زيادة قوة تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على ريادة الأعمال وجذب الاستثمارات، إضافة إلى ضرورة توفير التجارب التي تساهم في دعم خبرات الشباب الجامعي لدعم أعمالهم خلال فترة الدراسة وإتاحة الفرصة لتدشين مشروعات صغيرة.
وأكد الدسوقي، أن من بين التحديات أيضا التي تواجه هؤلاء الشباب تتمثل في الإنتاج الصناعي أو التصديري أو التكنولوجي، لافتا إلى أن شراكات التعاون مع الشركات العالمية والمؤسسات من شأنها حل تلك المشكلات.
من جانبه قال المهندس خليل حسن خليل رئيس الشعبة العامة للاقتصاد الرقمي، أن التعاون بين الجهات المختلفة سواء بالقطاع الحكومي أو الخاص مع الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة أن يوفر الأرضية اللازمة لتجاوز العديد من العقبات.
وذكر خليل، أن التعاون والمشاركة لدعم المبتكرين، يمكن الدولة من حل مشكلات التسويق، والوصول إلى أسواق أكبر، وسد ثغرات النظام الإيكولوجي، بالإضافة إلى تقديم آلية أكثر فعالية للوصول إلى المعلومات، وهو العنصر الأهم لريادة الأعمال.
وأضاف خليل، أن الشركات الناشئة في تعمل ضمن سوق صغير نسبيا كما أن الشركات التي تسعى إلى الربح من الإعلان، على سبيل المثال، تصطدم بحجم السوق المحدود وبالتالي تزيد المنافسة بين الشركات الناشئة الأمر سوءا، إذ تمنع الشركات من التوسع إلى أسواق جديدة في المنطقة