»»بقلم ✍️ د.حاتم عبد المنعم أحمد
(أستاذ علم الاجتماع البيئي جامعة عين شمس)
بعد نهاية الحرب العالمية بانتصار الحلفاء ظهرت قوتان في العالم أمريكا وحلفاؤها في الغرب والمعسكر الشيوعي بقيادة روسيا ثم انهار المعسكر الشيوعي لعوامل داخلية في معظمها مما ساعد أمريكا على الانفراد كقوى عظمى وحيدة تقريبا مع حلفائها في الغرب مما زاد من غرور وبطش أمريكا وحلفائها في أماكن شتى من العالم .
وكان للعالم العربي النصيب الأكبر من هذا البطش والظلم سواء من خلال الدعم الكامل والكلى للعدو بالسلاح والمال والسياسة وكل صور الدعم المطلق للعدو حتى بما يخالف القوانين الدولية مثل الاعتراف بالقدس عاصمة للعدو وخلافة من دعم مطلق للعدو مع مجازر وجرائم ضد البشرية في العراق وسوريا ورغم كل ذلك للأسف اعتمد بعض او كثير من العرب على أمريكا كصديق ظنا انهم قادرون على حمايتهم من أطماع ايران او غيرها..
وامتد ذلك او انعكس على إسرائيل حليف وصديق أمريكا الأول لذلك رحب كثير من العرب بالتعاون معها ولكن الغرور الأمريكي والغربي جعلهم يعتمدون على صفقات سياسية اكثر منها صناعية لجذب الأموال والمدخرات والاستثمارات مع إلغاء قاعدة التعامل بالذهب مقابل الدولار وصاحب ذلك نهضة كبيرة في الصين ثم الهند وروسيا ونهضة قائمة على تكنولوجيا حديثة وجهود جبارة نجحت في القضاء على الفقر لحد كبير في الصين ونظام اقتصادي يجمع او يدمج بين مميزات الرأسمالية والاشتراكية مع اكبر معدلات نمو اقتصادي معاصر .
كل ما سبق مع غيره من عوامل أدى لظهور ملامح نظام عالمي سياسي واقتصادي جديد تبدو ملامحه قوية في مقدمة هذا تتأتى الصين ثم الهند وروسيا وامريكا كإحدى هذه القوي وليست القوة الوحيدة كما كان من قبل ثم مع متغيرات عصر ما بعد الحداثة وعصر الانترنت والسماوات المفتوحة.. ،ووسط كل هذا جاءت انتفاضة غزة فساهمت بشكل كبير في الإسراع بظهور تغيرات كبيرة داخل الوطن العربي بل والعالم حيث نتج عن غزة عدة حقائق أولها خرافة قوة إسرائيل كدولة كبرى قادرة على حمية حلفائها او حتى حماية نفسها حيث تراجعت وفشلت امام مجموعة جهادية وليست جيش كبير ومنظم ..
وهذا يعنى ببساطة ان إسرائيل دولة هشة ضعيفة غير قادرة على توفير الامن والأمان لمواطنيها داخل حدودها حيث اعترف رئيس وزرائها او ادعى قتل حماس لأطفال وسيدات داخل إسرائيل بل طالب وزير إسرائيلي اخر بالحكومة بضرب غزة بقنبلة نووية للرد على عدوان حماس هذا هو تصريحات رسمية لأكبر قادة العدو وهو في النهاية يعنى شيء واحد وهو عجز إسرائيل عن توفير الامن والحماية لشعبها داخل حدودها امام منظمة شعبية فهل بعد ذلك من يعتقد من الدول العربية ان إسرائيل قادرة على توفير الحماية لهم وامريكا أيضا فشلت في حماية إسرائيل بل هناك تراجع واضح حتى لو شكلي في تأييد إسرائيل نتيجة تزايد الوعى الشعبي في أمريكا والغرب وكافة انحاء العالم بحقيقة دولة العدو وتراجع التأييد الشعبي سنعكس قريبا على الحكومات الغربية في تأييدها ودعمها للعدو .
كما ان أمريكا تعانى من مشاكل اقتصادية كبيرة في مقابل تقدم صيني كبير مما يعنى ان أمريكا مشغولة بمشاكلها الاقتصادية وتراجعها كقوى عظمى وحيدة في العالم لذلك المتوقع أن تسحب أمريكا يدها تدريجيا عن الشرق الأوسط والتواجد الخارجي بوجه عام للتركيز على مشاكلها الاقتصادية مما يعنى أيضا ان امريكا غير مستعدة وغير قادرة على حماية احد ومن هنا مشكلة بعض النظم التي كانت تعتمد على أمريكا او التعاون مع العدو لحمايتها.
والواقع أنه ليس امام جميع العرب سوى التجمع باي شكل او صورة مناسبة للجميع لحماية مصالحهم ضد الطامعين وفى مقدمتهم ايران وتركيا فضلا ان إسرائيل المنهارة وغير ذلك يعنى التراجع للجميع والتفكك فهل يدرك الجميع ويعي متغيرات الحاضر وتحديات المستقبل.
والآن أليس من حقنا أن نحلم بالولايات العربية المتحدة؛ بحيث تقوم على اللامركزية على أن تحتفظ كل دولة بميزانيتها الخاصة وتقاليدها في الحكم والاقتصاد وخلافه، على أن يخصص نسبة من ميزانية جميع دولها للأمن؛ بحيث يكون هناك جيش عربي موحد لحماية الجميع وتحقيق الأمن والأمان ضد أطماع جميع دول العالم والقوى الإقليمية المحيطة ، هذه أفضل وسيلة لحماية الجميع من أطماع الجميع، وهذه هي البطولة الحقيقية التي نحلم بها للحفاظ على هويتنا وتاريخنا وتامين مستقبلنا كأمة عربية ..والله ولى التوفيق.