بقلم ✍️ د. خلود محمود
( مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الادبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
يختلف التأثير السياسي للحكومات والدول وفق الاسترتيجيات التي تتبع ومدي تأثيرها علي الرأي العام وتختلف تلك الاسترتيجيات طبقاً لسرعة تغيير طبيعية الرأي تبعاً لاختلاف أدوات البيئة المحيطة والسياسات الأخري ونوعية القوة المستخدمة كنهج لتلك السياسات والتي يعرف أغلبنا منها نوعين الأول القوة الصلبة وهي استخدام القوة التي تتكون من عناصر مادية كالقوة العسكرية ، استخداماً فعلياً أو بالتهديد وكذلك القوة الاقتصادية لتحقيق سياسات وأهداف كفرض عقوبات اقتصادية علي دولة معينة او تقديم معونات ومساعدات أو الحرمان من آجل الضغط والاجبار علي انتهاج سياسة معينة ، وثانياً القوة الناعمة فهي جاذبية مظاهر الثقافة الشعبية للدولة ومدي تأثيرها تعرف بأنها قوة الدولة الناجمة عن جاذبية الفن والحضارة والتاريخ والموسيقي والآدب والرياضة والاكلات والمطاعم والازياء وغيرها من الاعمال الفنية وعناصر الثقافة الشعبية أو الجماهيرية التي تذاع وتنتشر بين جماهير الدول الأخري أو النخب علي السواء.
وظلت أنواع تلك القوي هي المحرك الرئيسي للرأي العام المحلي والدولي في كل المحافل السياسية لحين تطورت السياسات وظهر نوع جديد مزيج بينهم وهي “القوة الذكية” مفهوم تطوري يدعو في فحواه لاستخدام استراتيجيات جديدة تعاون وشراكة لتجنب تكاليف القوة العسكرية وتبعياتها ومحاولة بناء علاقة قوية علي مستويات محلية واقليمية ودولية .
فالقوة الذكية تجمع بين عناصر القوة الناعمة وهي القدرة علي الاقناع والترغيب والجذب باستخدام المؤثرات العاطفية والانسانية والاستمالات وبين عناصر القوة الصلبة وهي استخدام أو التلويح باستخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية وفقاً لاستراتيجية محددة ، والسؤال الآن ماعلاقة القوة الذكية بالمشاركة السياسية ؟. وهل للقوة الذكية تأثير علي الرأي العام ؟.
إن استراتيجية الدولة السياسية تكتسب قوتها من تأييد الرأي العام الذي لابد أن يتكون وفقاً لرؤية واضحة وفهماً للابعاد الحقيقة والوضع السياسي حالياً ومستقبلاً محلياً وإقليمياً ويكون ذلك الرأي العام مستنيرا مثقفا واعياً بأبعاد أهميته وتأثيره لاسيما في محافل عرس الديمقراطية التي يتابعها العالم عن كثب كالمشاركة السياسية في الاستحقاقات الانتخابية خاصة إذا جاء ذلك الاستحقاق الانتخابي في وقت عصيب تمر به البلاد تستخدم فيه عناصر القوة الذكية كسياسية رئيسية للعبور من نفق يؤثر بشكل مباشر علي الأمن القومي للدولة..
وهنا لابد أن يغير الرأي العام المعادلة لصالح الدولة ويظهر أنه جانباً داعماً وأساسياً تستمد منه الدولة بصورة مباشرة قوتها الذكية واستراتيجية تحركاتها وقراراتها التي تتأرجح بين الشدة واللين والرسائل التي تحمل التلويح بالقوة الصلبة لحماية الأرض والقدرة علي ذلك وبين الرسائل الناعمة التي تحمل الانسانيات والمساعدات ، والتذكره بعظمة حضارة قديمة وبناء حضارة ودولة حديثة ممزوجة بإعادة تأهيل أفراد قادرين علي فهم متغيرات الاوضاع سريعه الايقاع من حولهم.
أما عن تأثير استخدام القوة الذكية علي الرأي العام فسياسياً استراتيجية “العصا والجزرة” ظلت تتصدر المشهد السياسي دوماً، تعبير نسمعه في نشرات الأخبار ويستخدمه المحللون السياسيون بشكل كبير اصطلاح يشير إلى سياسة تقديم مزيج من المكافآت والعقاب للحث على سلوك معين.
وقد أُطلقت هذه التسمية في إشارة إلى عربة سائق تتدلى منها جزرة أمام بغل، مع حمل العصا خلفه ،سيتحرك البغل نحو الجزرة لأنه يرغب في الحصول على مكافأة الطعام، مع الابتعاد عن العصا خلفه، لأنه لا يريد العقاب الذي سيتسبب له بالألم العصا.
والجزرة أسلوب لترويض البغال كان متبعا في عدد من الدول، فإن سمعت وأطاعت فلها الجزرة، وإن عصت فلها العصا ، هذا العصر انتهي ولابد أن نعني وندرك أننا كرأي عام أمسينل جزءا اساسياً في وضع ملامح خريطة استراتيجية القوة الذكية التي تنتهجها الدولة وتسير عليها ويتجلي ذلك بالحشد بالتأييد أو الرفض لأمور كادت أن تفرض دولياً علي مصر حينها طلب الرئيس رأي الجماهير في الرفض واستجابت جموع الرأي العام وخرجت لتعلن دعمها انسانياً للقضية الفلسطينية التي لن تنسي من الذاكره مهما مرت عصور ،ولكنها لن تصفي أبداً علي حساب الأراضي المصرية ،وذلك بتأيد للقرار من الرأي العام المصري ، أخيراً أننا كجزء رئيسي وثابت في صنع القرار لابد أن نعي اهمية وجودنا وتأثيرنا ونظهر ذلك بمشاركة سياسية حقيقيه أمام العالم الذي سيتابع عن كثب توجهات الرأي العام المصري في عرسه الديمقراطي بعد ساعات قليلة.