بقلم ✍️
د.حاتم عبد المنعم احمد (أستاذ علم الاجتماع البيئي جامعة عين شمس)
قضية المناخ أصبحت من اهم قضايا العالم على الاطلاق ولذلك أصبحت تشهد في السنوات الأخيرة اكبر تجمع عالمي وتقريبا هي القضية الوحيدة التي يجتمع بسببها معظم دول العالم ولذلك شهدت قمة المناخ بالإمارات هذا الشهر اكبر تجمع عالمي لنحو 200 دولة ولكنهم ينقسموا داخليا إلى نحو ثلاث مجموعات رئيسية تبعا
لاختلاف المصالح ومن ثم الهدف من المشاركة.
تشمل المجموعة الأولى أكثر من مائة دولة وهى أكبر المجموعات وهدفها الحد من الملوثات وحماية البيئة والوصول إلى صفر ملوثات في اسرع وقت ممكن للحفاظ على الكون والبشرية معا ،وهى تمثل امل البشرية في سرعة انقاذ كوكب الأرض والبشرية ،ثم هناك المجموعة الثانية وهى مجوعة الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة الامريكية ثم الهند وبقية الدول الصناعية الكبرى وهذه الدول تعتمد مكاسبها وميزانيتها على التصدير.
كما تعتمد عادة على نظم صناعية تقليدية خاصة في الاعتماد على الطاقة مثل البترول والغاز والفحم أي باختصار منظومة التصدير لديها لحد كبير هي مصدر التلوث الأساسي في العالم. والتحول إلى استخدامات الطاقة الخضراء سوف يستلزم في البداية على الأقل مزيد من النفقات وزيادة تكلفة المنتج ولذلك تخشى كل دولة من هذه الدول في حالة تحولها الى استخدام الطاقة النظيفة زيادة تكلفة المنتج وضعف المنافسة في التصدير مع الدول الأخرى المصدرة خاصة لعدم وجود قانون دولي يجبر الجميع على الالتزام بالطاقة النظيفة ،مما يعنى تراجع صادرات من يلتزم من الدول الكبرى وهذه فعلا اكبر مشكلة تعوق التحول إلى الطاقة الخضراء وهى مشكلة الصراع بين الدول الصناعية الكبرى على التصدير لباقي دول العالم ،وهدفها الأساسي المحافظة على حرية الإنتاج والتصدير والمجموعة الثالثة من الدول في المؤتمر هي الدول المنتجة للنفط والغاز والفحم هي معظمها المصدر الأساسي للدخل القومي لهذه الدول ولذلك من الطبيعي ان تسعى هذه الدول لحماية ثرواتها والاستفادة منها ،ومن هنا تتضح المشكلة وأهمية الوصول الى اتفاق عادل لمصلحة الجميع ويراعى ذلك.
ولذلك استمر المؤتمر لفترات طويلة اكثر من أسبوعين دون التوصل إلى اتفاق نهائي حول هذه القضايا، لاختلاف بل أحيانا لتضارب المصالح بينهم ثم تم التوصل إلى مجموعة من القرارات أهمها تم الاتفاق للمرة الأولى على وضع “صندوق الأضرار والخسائر” قيد التنفيذ وتمكن المؤتمر من جمع نحو83 مليار دولار في هذا الشأن ،كما تم الموافقة على انشاء صندوق “الحلول المناخية” الذى سيركز على قضايا التغير المناخي ومشكلاته والتوصية بزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة.
أما المشكلة الأساسية وهى مشكلة الوقود الأحفوري وسبل التخلص أو الحد من استخداماته فقد كانت مصدر الخلاف الأساسية للجميع ،وكان هناك عدة آراء الرأي الأول طالبت به الأغلبية وهو النص على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري خلال فترة محددة ،وفى المقابل كان هناك رأى اخر بالاستمرار استهلاكها ا بدون قيود ثم كان هناك طرح جديد للمواءمة أو التوفيق بين الرأيين وهو التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بدون وضع جدول زمنى محدد وقوبل بالرفض واخيرا تم الاتفاق على جملة التحول عن الوقود الأحفوري بطريقة عادلة ومنصفة للجميع وتسريع العمل وفقا لذلك المبدأ وتم الموافقة على التحول بطريقة عادلة إلى عام 2050.
هذا ما تم التوصل اليه وهذا النص يمنح فرصة كبيرة للمناورة بين جميع الأطراف قبل عام 2050 لأنه لم يحدد نسب معينة.
واعتقد ان المشكلة مازالت قائمة وفعلا في حاجة لنظام عادل بين الأطراف الثلاث دول العالم المنتجة لهذا الوقود والمصنعة والمتضررة.
وأتصور أن الحل الواقعي يمكن ان تقوم به منظمة الجات للتجارة العالمية من خلال جدول زمنى عادل بين الأطراف الثلاث بحيث يطبق ضريبة الكربون بشكل تصاعدي إلى عام 2050 ويراعى في هذا الجدول أيضا تصاعد قيمة الضريبة مع تزايد انتاج أي دولة فمثلا الدولة التي تنتج مليون برميل بترول مثلا 10% والدولة التي تنتج 2 مليون برميل 15% في المائة لكل مليون، وهكذا لتحقيق التوازن والعدل للجميع وذلك من خلال مناقشة واسعة من خلال منظمة الجات للتجارة إذا صدقت النوايا لإنقاذ البشرية وتحقيق المصلحة الأممية العامة.