يعتبر كتاب (التعويض عن المخاطر المستحدثة) في ضوء الفقه والقضاء معلقا عليه بأحدث احكام محكمة النقض المصرية ، لمؤلفه المستشار الدكتور طارق رزق الحداد، أبرز الكتب القانونية في معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي ينطلق اليوم في دورته ال55 .
يتناول الكتاب موضوع التعويض عن الضرر في ضوء المسؤولية الموضوعية لمحدث الضرر وتطور القواعد القانونية المتعلقة بها.
ويقوم الكتاب بتناول المفاهيم الأساسية لفكرة جبر الضرر وتحليل التحديات الواقعية لتعويض المضرور والعقبات المتعلقة بها. كما يتناول الكتاب تطور القواعد القانونية الدولية المتعلقة بتعويض ضحايا الحروب ، ويوضح كيفية تطبيق هذه القواعد في حماية المضرور وحماية المصالح الوطنية.
ولاشك أن الكتاب يعتبر مرجعاً مهماً للباحثين والخبراء في المجال القانوني والقضاء المدني ، ويمكن للطلاب والمهتمين بالموضوع الاستفادة منه كمصدر للمعلومات والمفاهيم الأساسية.
الكتاب يصدر عن دار المجموعة العلمية للطبع والنشر والتوزيع بصالة رقم 1 جناح C 52
وبإلقاء الضوء علي الكتاب تجده في المقدمة يتحدث عن المسئولية المدنية وكونها من أهم الموضوعات القانونية الجديرة بالدراسة والبحث والتحليل، إذ إن موضوعات المسئولية المدنية ذات ارتباط وثيق بحياة الأشخاص وما ينشأ عنها من خصومات ومنازعات، وليس غريباً أن يعد عصرنا الذي نعيش فيه عصر المسئولية بسبب التطور التكنولوجي والصناعي والخدمي
فالإنسان اليوم قد ازداد شعوره بحقوقه، وازداد تمسكه بها، فلا يلحقه ضرر إلا وهو يبحث عن المتسبب لتحميله عبء التعويض عن هذا الضرر.
وذلك من خلال الوسيلة القانونية التى اصطلح على تسميتها – المسئولية القانونية – وهيأ التكييف القانوني للوسيلة التى يكفلها المشرع للأشخاص سواء أكانت طبيعية أم معنوية لحماية حقوقهم في مواجهة من ألحق بهم أضرارًا سواء كانوا أشخاصًا طبيعيين أو معنويين عن طريق المنازعة القضائية، التى يسعى فيها المضرور لإيجاد تبرير قانوني يصلح أن يعتد به لإقامة دعواه أمام جهات القضاء المختصة مطالباً بإلزام المحدث الفعل الضار بالتعويض الجابر الضرر للمضرور.
والمسئولية القانونية هي أن يحاسب شخص على ضرر أحدثه بغيره، وهى تنقسم بحسب ما إذا كان هذا الضرر يقتصر على الأفراد، أم يصيب الجماعة إلى مسئولية جنائية، ومسئولية مدنية.
وهو ما تطورت بشأنه نظريات دعاوى المسئولية المدنية لتتغلب على الصعوبات التى تواجه المضرور، فيكون هناك مضاربون يحصلون على تعويض لتمكنهم من إثبات الخطأ، وهناك مضاربون آخرون لا يحصلون على نفس التعويض للصعوبات التى تمنعهم من إثبات الخطأ.
صعوبات النظرية الشخصية للمسئولية والتغير نحو المسئولية الموضوعية:
على الرغم من أن الأصل التقليدي في معظم التشريعات أن الأساس المعتبر للمسئولية هو المسئولية القائمة على الخطأ، إلا أن التقدم الصناعي المتلاحق من القرن التاسع عشر وما صاحبه من تطور كبير في استخدام آلات ووسائل حديثة كان له أثرٌ واضحٌ على نظريات المسئولية، وذلك نظراً لما وجد من زيادة مفرطة في الحوادث الناجمة عن استخدام تلك الوسائل وآلات عجزت معها القواعد التقليدية المسئولية عن حماية المضرورين من جراء هذه الحوادث، وهو ما تبعه تعدد وتطور الأضرار المختلفة دون خطأ واضح ومحدد أدى إلى وقوع كثير من الأضرار التي لا يمكن إثبات أنها حدثت من خطأ واضح وظاهر، أو تحديد من قام بالخطأ لتعدد وغموض العلاقات القانونية بين المشاركين في إحداث الخطأ، وبالتالى فإن قواعد العدالة والإنصاف والمساواة التى هي الهدف والغرض من أي تشريعات تؤكد على أنه من الإنصاف السعي لتبرير قانوني مقبول التعويض عن الأضرار التى يتعرض لها أي مضرور في حالة تعذر إسناد المسئولية إلى جهة بعينها أو فرد بعينه
ولذلك ظهرت فكرة المسئولية الموضوعية أو ما يعرف بالمسئولية دون خطأ، وهى كما تدل على تسميتها ذلك النوع من المسئولية المثبت في حق الغير في غياب الخطأ عن أحد أعماله التى ألحقت ضرراً بالغير، وهى فكرة قانونية ابتكرها مجلس الدولة الفرنسي، وإن حداثة موضوع المسئولية الموضوعية أو المسئولية غير الخطئية كأساس للمسئولية تكتنفها دقة وصعوبة ويعزى ذلك إلى حداثة النظرية وندرتها فقهياً وقضائياً وتشريعياً.
يثير موضوع الدراسة عدة تساؤات منها؛ هل يتقيد المضرور بالارتداد بنفس الأحكام التي يتقيد بها المضرور الأصلي، أم أن له أحكامًا خاصة يستقل بها؟
ما المقصود بالإخلال الذي يتجسد فيه الضرر المرتد هل يكفي الإخلال بحق المضرور الأصلي أم لابد بجانب ذلك أن يكون هذا الإخلال قد طال حقًا خاصًا بالمضرور بالارتداد؟
وهل يجوز التعويض عن كل أنواع الضرر الحال والمستقبلي أو الاحتمالي؟
كما يثور التساؤل من ناحية ثانية حول مدى اعتبار فوات الفرصة ضررًا مرتدًا يمكن التعويض عنه من عدمه.
تكتسي هذه الدراسة أهمية خاصة نظرا لدورها في تقديم حلول لبعض مشكلات نظرية الضرر وخاصة الضرر المرتد، وتكمن أهمية هذه الدراسة في تفسير وتحديد الأحكام القانونية، التي ترسم المركز القانوني للمضرور بالارتداد عند مطالبته بالتعويض وذلك في علاقته بكل من المسئول ومؤمنه والمضرور الأصلي، فإذا كان من حق المضرور الأصلي أن يستفيد من الضمان المقرر بموجب عقد تأمين أبرمه المسئول وأن يلتزم بالقيود والتحديدات الواردة فيه فهل يسري ذلك على المضرور بالارتداد؟ فإذا كان بإمكان المضرور الأصلي أن يرجع على المؤمن بالدعوى المباشرة، فهل يملك المضرور بالارتداد نفس الحق وإذا كان الأول مستبعداً من الضمان فهل ينسحب هذا الاستبعاد على الثاني ومن ناحية أخرى هل يجوز الاحتجاج على المضرور بالارتداد بالخطأ الصادر عن المضرور الأصلي؟
اتبع المؤلف المنهج الاستنباطي حيث يتم التعرض للنصوص القانونية المتعلقة بموضوع التعويض عن الضرر المرتد، ومدى ملاءمتها لحل المشكلات التي قد تطفو على الساحة العملية في ظل التقدم الرهيب لوسائل النقل وانتشارها، وتعدد أنواع التأمين من المسئولية، ومدى الحاجة إلى نصوص جديدة أو تعديل بعض النصوص السارية على هذا المجال لسد النقص التشريعي بالإضافة إلى تحليل تلك النصوص واستخلاص النتائج دون أن تخلو الدراسة من إظهار رأي الباحث في بعض الموضوعات الخلافية أو المسائل التي تحتاج إلى تفسير.
كما اتبع المنهج المقارن من حيث عمل مقارنة بين التشريعات محل الدراسة كلما ظهر لذلك حاجه
قسم المؤلف موضوع الدراسة إلى بابين يسبقهما فصل تمهيدي، حيث نتناول في الفصل التمهيدي (الخطأ كأساس تقليدي للمسئولية) الإطار المفاهيمي لأنواع المسئولية الذاتية القائمة على ضرورة إثبات وجود خطأ من شخص محدد حتى يمكن السير في إجراءات دعوى التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمضرور.
ثم يوضح بعد ذلك في الباب الأول (نطاق المركز القانوني للمضرور في دعاوى المسئولية الخطئية وسلطة القاضي في تحديد الضرر وتقدير التعويض عنه).
ثم يتناول في الباب الثاني (النظام القانوني للمضرور في إطار المسئولية المدنية الموضوعية)، الاتجاه نحو مسئولية موضوعية تنطلق من الضرر كأساس لوجوب تعويض المضرورين، والتحولات الحديثة في المسئولية المدنية نحو التزام بتعويض المضرور وظهور الأنظمة الجماعية في التعويض.
وعقب ذلك احتوت خاتمة الدراسة على نتائج البحث والتوصيات التي يقترحها المؤلف للمشرع.