بقلم ✍️د.حاتم عبد المنعم احمد
(أستاذ علم الاجتماع البيئي جامعة عين شمس)
يقول الله سبحانه وتعالى :(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الالباب ) الزمر18 صدق الله العظيم..
وترجع البداية الفعلية لعملية تقييم الأثر البيئي إلى ديسمبر عام 1969حينما أصدر الريس الأمريكي قانون البيئة الوطني الذى يتضمن أهمية ان تخضع كل المشروعات لعمليات دراسة تقييم الأثر البيئي كشرط لموافقة الحكومة على تنفيذ أي مشروع.
ونص القانون على أن الأثر البيئي يجب أن يتضمن داخله آثار كل من البيئة الفيزيقية والبيئة الإنسانية والثقافية والاقتصادية معا وأن يتضمن التقييم وسائل التخفيف من الاثار السلبية والبدائل المناسبة.
و في عام1981 تأسست الجمعية الدولية لتقييم الأثر البيئي من كافة الجوانب الفيزيقية والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والصحية وخلافه على مستوى العالم ،ثم اشترط البنك الدولي وهو أكبر مؤسسة اقتصادية على إضافة مسمى تقييم الأثر الاجتماعي والبيئي ،وأن يكون الأثر الاجتماعي أولا في العنوان للتأكيد على أهميته وضرورته لأى مشروع لأن البعد الاجتماعي شريك أساسي في كل مشروع لان أي مشروع سواء كان مصنع او مصحة او مبنى تعليمي او غيره من أجل الانسان ..
ويجب ان يتوافق مع عاداته وتقاليده واحتياجاته، فمثلا أقيمت فعلا العديد من العمارات الفخمة للسكن في احدى المناطق البدوية رفض البدو الإقامة بها لأنهم يفضلون السكن مع الاسرة الاب أو الاخوة فقط ..
وأيضا بعض المجتمعات قد تفضل الفصل في التعليم بين الذكور والاناث فهي عادات وأعراف اجتماعية قد تكون أحيانا اقوى من القانون وبعضها قد يكون خطأ ،ولكن لا يمكن تجاهلها عند أي مشروع فمثلا عادة الأخذ بالثأر هي عادة خاطئة ولكنها موجودة في بعض المجتمعات. ومن هنا ضرورة دراسة تقيم الأثر الاجتماعي لاي مشروع قبل تنفيذه لدراسة مدى مناسبته لعادات وتقاليد المجتمع وغيره من متغيرات اجتماعية.
ومن هنا تأتي أهمية التقييم الاجتماعي لأي مشروع لأن أي مشروع يقام من أجل الانسان، ولكل مجتمع عاداته وتقاليده التي قد تختلف من مكان لأخر أو من زمن لآخر ،فعادات وتقاليد أهل الريف قد تختلف عن البدو أو المجتمعات الساحلية وهكذا..
ولذلك اصبح التقييم الاجتماعي ضرورة أساسية لاي مشروع مثل الملح ضرورة لكل طعام ومعه بالطبع التقييم الاقتصادي والصحي والهندسي وخلافة وانتهى عصر التقييم الأحادي سواء اقتصادي او غيره فقد يكون هناك مشروع مربح ماديا ولكن على المدى المتوسط أو البعيد ضار صحيا بل إن مشكلة العالم الآن ،وهى مشكلة التغيرات المناخية ناتجة عن النظرة الأحادية الضيقة للربح المادي أو الاقتصادي على المدى القصير مما يهدد وجود البشرية نتيجة هذا المنظور القاصر .
ومن هنا انتهى عصر المنظور الأحادي او الاقتصادي فقط للحكم على نجاح أي مشروع واصبح التقييم البيئي الشامل ضرورة أساسية وشرط أساسي للموافقة على مشروع في العالم ولكن المشكلة ان هناك عقبات كثيرة في كثير من الدول تعوق تحويل ذلك إلى واقع ..وهذا في حاجة إلى مقال آخر إن شاء الله.