منذ ما يزيد عن نصف قرن كنا نحمل فوانيسنا الصغيرة البسيطة المصنوعة من الصفيح والزجاج المزخرف، حيث كان ثمن الفانوس لا يتجاوز القروش البسيطة ، ونضع بداخلها الشموع المشتعلة ، ونمر علي البيوت وهي في النهاية بيوت أقاربنا واصدقائنا وجيراننا، وننشد بفرحة قلوب صغيرة تخفق بكل معاني السعادة وحوي يا وحوي إياحة وعندما كبرنا قليلا دخلت الكهرباء وانتشرت أجهزة الراديو والتلفاز وكبرنا علي اللف بالفوانيس ومع تسحرنا اغنية أحمد عبد القادر وحوي وحوي ورغم استمتاعنا بهذه الأغنية البسيطة إلا أنها للبعض مبهمة المعني فحاولت فك طلاسم هذه الكلمات ، أو بمعني أوضح فك رموز الثقافة الثرية لشعبنا المصري العريق ، وكان من المنطقي أن أبدا بالمعاجم العربية لكنها لم تسعفني فانطلقت إلي تراثنا الخالد وأوصلني البحث إلي الملكة العظيمة إياح حتب أو إياحة كما أطلقوا عليها كأسم للدلع حينها ، في أواخر القرن الخامس عشر قبل الميلاد أحتل الهكسوس شرق البلاد وفرضت سيطرتها علي شتي أقاليمها وأجبرت الأمراء علي دفع الجزية واستمر حكام الأقاليم تحت سيطرة الهكسوس لما يزيد عن مائة وخمسين عاما حتي تولي حكم طيبة الأمير تاعا الثاني زوج الأميرة (( إياح حتب )) والتي كانت تشع جمالا ووطنية وفي سبيل تحرير البلاد فقدت زوجها تاع واكمل كامس ابنها الأكبر مسيرة أبيه في تحرير البلاد ومات ميتة محارب عظيم ولم تهن عزيمة (( إياح حتب )) فدفعت بابنها الثاني احمس الذي نجح فيما فشل فيه ابوه وأخوه وانتصر احمس علي الهكسوس واستمر احمس في تشتيت شملهم وعادت إياح حتب إلي وطنها بعد أن حققت الإستقلال ألذي سعت إليه وقدمت زوجها وابنها البكر قربانا له.
إذن إياح معناها (قمر ) وحتب معاناها( سعيد ) أما كلمة وحوي الفرعونية تعني : أهلا ومرحبا وهذا تقديرا لأميرة العظيمة إياح حتب للدور البطولي الذي قامت به في تحرير البلاد ولمكانتها في قلوب المصرين خرجوا لإستقبالها حاملين المشاعل والمصابيح وهم يهللون ويهتفون لها (( وحوي وحوي إياحة) أي مرحبا يا قمر أو اهلا بالقمر وهكذا أصبحت وحوي يا حوي إياحة تعويذة المصريين لإستقبال كل قمر يحبونه وعلي رأسها قمر شهر رمضان العظيم .