المهرجان القومى للمسرح المصرى ظل حلما يراودنا سنوات طويلة حتى تحقق،لذا فكل دورة له تحمل فى نفوسنا أملا جديدا نرجو دائما أن يتحقق، ما أجمل أن تؤكد الدكتورة ايناس عبد الدايم وزيرة الثقافة فى افتتاح المهرجان القومى للمسرح المصرى أنه فى البدء كانت الكلمة،سبب ذلك لى سعادة بالغة ككاتب مسرحى مصنف تحت هذا العنوان باتحاد كتاب مصر و بنقابة المهن التمثيلية و دار الأدباء و اتيليه القاهرة و الهيئة العربية للمسرح، جاء اللقب المحبب لى بعد عرض ما يقرب 12 مسرحية فى مسارح الدولة و قصور الثقافة و الهناجر و التربية و التعليم و الجامعة و الفوز بعشر جوائز مسرحية؛مصرية و عربية و عمل ما يقرب من 12 رسالة ماجستير و دكتوراه و بحث ترقية لأستاذ مساعد و أستاذ فى أعمالى المسرحية بجامعات المنصورة و بنها و كفر الشيخ و المنوفية و المنيا.
سعدت أيضا بكلمة المخرج إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح عن الكاتب المسرحى حين وصفه مختار أنه أخذ من صفات الرب حين يخلق شيئا جديدا و يقصد -بالطبع- تأليفه للنص المسرحى.
أعترف أننى قبل الدخول للمسرح الكبير بدار الأوبرا كنت مندهشا أو ربما منزعجا و غير مرتاح من التحقيق الذى نشر بالعدد الأول من نشرة القومى حول لماذا يلجأ المخرجون للأعداد المسرحى و الاقتباس من النص الأجنبى ؟ لأنه يقول بشكل مباشر أنه لا أمل فى موقف السادة المخرجين و أنهم مصرون على موقفهم، و بالتالى لا فائدة من الكلام و “أن العياط فى الفايت نقصان من العقل كما يقول المثل الصعيدى المحترم” الذى أسمع صدى صوته من الكاتب و المخرج المسرحى خفيف الروح و الدم شاذلى فرح.
فقد تحدث فى التقرير حوالى 12 مخرجا أحب منهم الكثير و احترم تجربتهم الثرية؛ فمنهم الكبير الذى لدية تاريخ طويل و خبرة، ومنهم من لديه رؤية خاصة به و مشروع نحترمه و نقدرة مثل ناصر عبد المنعم الذى لم يقصر فى حق الأجيال الوسطى من الكتاب و لم يتعالى على النص المسرحى ،فقد قدم للكثير منهم أعمالا مهمة جدا،و منهم -أيضا- من هو على باب الله إخراجيا و لا يعرف أحد أسباب المساحات الإخراجية التى عليها الآن حضرته و غيره فى كل المسارح؛ و أقول له-لو تحسس رأسه- إن العشرات من زملائه المخرجين المبعدين يعترضون و يتحدثون بذلك ليلا و نهارا و عليهم أن يضربوا رءوسهم فى الحائط ؛الغريب أن بعض السادة المخرجين يؤكدون أنهم لا يجدون نصوصا و ليس هناك كُتّاب للمسرح و العدد الموجود منهم غير معروف و غير مؤثر و ليس لديهم أعمال بارزة، وأقول لهم إن جائزة مسرحية واحدة مثل محمد تيمور التى كانت تشرف عليها هيئة الكتاب و مسرح الهناجر و رشيدة تيمور قدمت فائزين لمدة 18 عاما، و كل عام ثلاثة كتاب على الأقل، يعنى حوالى 50 كاتبا، و قدمت كذلك مسابقات التأليف المسرحى بالمجلس الأعلى للثقافة و قصور الثقافة و توفيق الحكيم و ساويرس والفائزين من المصرين بجوائز الهيئة العربية للمسرح و جائزة الشارقة و الجوائز العربية الأخرى كتابا ممتازين؛ العدد سيقترب من 150 كاتبا على أقل تقدير منذ منتصف التسعينات حتى الآن و على أعلى مستوى، و أقول لهم عليكم أن تبحثوا عنهم و تقرأوا نصوصهم المتوفرة فى تلك الجهات لو كنتم تقرأون أو تريدون القراءة التى لا تحبونها فى النصوص المسرحية و تحبونها فى الروايات و القصص و ربما الألغاز،شيء غريب فعلا !!
رغم الحالة التى تبدوا عدوانية سعدت برؤية المخرج الكبير سمير العصفورى الذى أكد أن الأزمة تشمل الجميع و تطول الكل – الكاتب و المخرج و جهة الانتاج- فحين لا يجد المؤلف من يقوم بتنفيذ عمله من جهات الانتاج وحين لا يجد من ينفذ عمله، يقصد المخرج ،فيتوقف عن الكتابة المسرحية و يكتب أشكالا أخرى مثل القصة و الرواية و السيناريو و غيره و قد حدث هذا بالفعل و اتجه عدد كبير من كتاب المسرح للدراما التليفويونية .
الهزلى أن لا أحد من السادة المخرجين قد ذكر مثلا أن بعض الأماكن تقول لهم صراحة بأنه لا يوجد لديها أموال لشراء نصوص جديدة و عليهم أن يأخذوا من النصوص القديمة التى قدمت مرات كثيرة، و الأفضل لهم أن يتعاملوا مع النصوص الأجنبية التى بلا حقوق، رغم أن هذا غير صحيح و عليهم أن يراجعوا الأمر من الناحية القانونية ،خاصة إذا كانت تقع الملكية الفكرية خارج الملك العام، و فى حيز الخمسين عاما، كما لن يجرؤ – بالطبع- أحدهم أن يقول أن مكافأة الإعداد و الاخراج تكفى بالكاد و لا داعى للمؤلف صاحب النص الأصلى، و لو تمت مراجعه أعمالهم خلال السنوات السابقة لتم اكتشاف غير الحقيقة التى يتحدث بها بعضهم أمام قلم التحقيق المغرى الذى كان يجب أن يعكس السؤال و يسأل المؤلفين!!
لاشك أن حماس المهرجان القومى فى تلك الدورة للكاتب المسرحى يشكر لهم كرؤية عامة و نحيى عليه وزيرة الثقافة الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم، و كنت أتمنى أن توازن اللجنة العليا برئاسة الفنان يوسف إسماعيل بين عدد المكرمين من الكتاب و باقى عناصر العمل المسرحى كى تكتمل الرؤية، فتكريم الكاتب بهيج اسماعيل – فى تصورى- غير كاف لتكريم الكاتب المسرحى، و جاء كزر رماد فى عيون الكُتّاب،لذا كان يجب أن يكرم المهرجان عددا أكبر من الكُتّاب و من أجيال مختلفة.
ختاما لوقمنا بعمل إحصاء بسيط لعدد الكتاب المسرحين الذين بيننا لوجدنا أنهم يزيدون عن مائة و خمسين كاتبا؛واصل منهم الكتابة و نفذت نصوصوهم على خشبة المسرح ما يقرب من ثلاثين كاتبا و اختفى عن المشهد تغيبا و إحباطا من آلية الإنتاج أو ذهب لكتابة نوع آخر عدد كبير مهم ، و السؤال الآن ؛هل من الممكن أن نستعيد هؤلاء مرة أخرى أم أن السادة المخرجين يقومون بالواجب؟!!
و فى الأخير ستبقى الكلمة التى جاءت إلينا مضيئة من نقوش المعابد، ومن البرديات و من الكتب، وستظل لأجيال قادمة، ربما تعرف قيمتها و تقدرها بعيدا عن حسابات بعض مخرجى هذا الزمان.