أقيمت بمكتبة الإسكندرية، ندوة بعنوان “البحث العلمي والتحول الرقمي: التحديات والفرص”،و التي نظمها مركز الدراسات والبرامج الخاصة بمكتبة الإسكندرية، وذلك بحضور الدكتور يسري الجمل، وزير التربية والتعليم الأسبق ولفيف من أساتذة الجامعات والمتخصصين.
وفي البداية، أكدت الدكتورة مروة الوكيل، رئيس قطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية، أن المكتبة تولي اهتمامًا كبيرًا بالقضايا المتعلقة بالبحث العلمي ونشاط المعرفة، وذلك ارتباطًا بالدور التاريخي لمكتبة الإسكندرية القديمة. وقالت الوكيل، إن البحث العلمي يشهد تغيرات كبيرة على مستوى العالم ومنها ظهور التكنولوجيا الحديثة والتغير الرقمي والتي فتحت آفاقًا جديده لتوسيع المعرفة وتحليل البيانات بشكل أسرع واستخلاص النتائج بشكل دقيق.
وأشارت إلى أن التكنولوجيا الحديثة ساهمت في توفير الجهد الأكبر الخاص بعمليات البحث العلمي ولكن ذلك يجعلنا لا نغفل عن وجود تحديات كبيرة تتعلق بصعوبة وصول الباحثين لها. وأوضحت أن التقدم الكبير في مجال تكنولوجيا المعلومات لا يتاح لكل الباحثين بسبب الفجوة الرقمية خصوصا في القارة الإفريقية، لافتة إلى وجود تحديات أخرى تتعلق بأخلاقيات البحث العلمي.
بدوره قال الدكتور يسري الجمل، وزير التربية والتعليم الأسبق، إن قضية التحول الرقمي من القضايا المحورية والمهمة التي تشغل بال البحث العلمي في العالم هذا الوقت. وأشار إلى أن التطور التكنولوجي الكبير ساهم في إتاحة فرص مهولة أمام الباحثين للحصول على أكبر كم من المعلومات التي تساعده في إنجاز أبحاثهم. وأضاف أن حلم أي باحث هو الحصول على أكبر قدر من المعلومات وبالتالي الإنترنت ساهم في إتاحة حجم كبير من البيانات.
واستطرد الجمل: “الكم الكبير من المعلومات ساهم في إنجاز البحث العلمي بشكل أسرع وأدق”، لافتًا إلى أهمية الاتجاه نحو البحث التشاركي فالعالم الآن يعتمد على فريق العمل في إنجاز عمليات البحث وهو ما أتاحته التكنولوجيا الحديثة.
وقال: “يمكن الوصول إلى أحدث الابحاث في العالم وكذلك يمكن للعالم كله أن يتابع أبحاثك وما توصلت إليه وهو ما يسهم في تحسين جودة الأبحاث”.
وأشار إلى أن مجال التعليم هو المجال الوحيد في العالم الذي لم يتوقف خلال جائحة كورونا بسبب الاعتماد على التعلم عن بعد من خلال الإنترنت. وتطرق إلى الحديث عن التطور الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي ودوره في إتاحة كم كبير من المعلومات، فضلًا عن تحليلها بشكل سريع دون اللجوء إلى بذل جهد كبير في تحليل المعلومات.
وأشار إلى أن البحث العلمي يحتاج إلى خبرة في مجال التكنولوجيا الحديثة لكي يتمكن من إتمام مهام البحث بشكل أسرع وأصبح الإنسان مضطر للعمل على تطوير مهاراته البحثية. وتحدث عن التحديات التي تواجه الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في البحث العلمي منها الاتاحة والأمان الرقمي والحفاظ على البيانات وخصوصيتها ومنع اختراقها.
بدوره، قال الدكتور مصطفى النعناعي، عميد كلية علوم الحاسبات بجامعة العلمين الدولية، إن اقتصادات العالم المتقدم تعتمد بشكل أساسي على المعرفة، لافتا إلى أن الولايات المتحدة اعتمدت على براءات الاختراع في تقدمها. وأشار إلى أن هناك اتجاها كبيراً للأجيال الجديدة في رفض طرق التعلم التقليدية واللجوء إلى التعلم لوقت أقصر.
وكشف أن عددًا من الشركات الضخمة مثل جوجل وميتا لا تشترط الحصول على شهادات جامعية للالتحاق والعمل بها ولكنها تستعيض عن ذلك بإعطاء الشباب دورات تأهيلية لوقت قصير لتأهيلهم للعمل. ولكن في الوقت نفسه يرى النعناعي أن هذا الاتجاه هو بالفعل يؤهل الشباب للعمل في الشركة ولكن لا يؤهله للتحرك بشكل صحيح نحو المستقبل.
وقدم النعناعي عرضا عن تحديات عمليات البحث العلمي في مصر والفرص المتاحة للوصول إلى معدلات جيدة للتنمية ومواجهة المشاكل التي يواجهها المجتمع. وقال إن إتاحة البيانات أمر ضروري للباحثين، لافتاً إلى أن أغلب الباحثين يعتمدون على بيانات خارجية لإتمام أبحاثهم وبالتالي لا تخرج النتائج بشكل دقيق..
من جانبه، أوضح الدكتور محمد عبد العزيز، مدير برنامج الذكاء الاصطناعي بجامعة الجلالة، أن استخدام التكنولوجيا الجديدة والاعتماد على البيانات الضخمة هدف أساسي لكل المجتمعات وذلك لمساعدة صانع القرار في الوصول إلى القرار الصحيح. وتحدث عن أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في كل المؤسسات التعليمية وغيرها من المؤسسات في رسم سياسات واضحة للمؤسسات من أجل تحسين ورفع كفاءة العمل من خلال تطوير الأدوات والموظفين الموجودة في تلك المؤسسات.
وتحدثت الدكتورة هدي أبو شادي، نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا سابقًا، عن التحول الرقمي من المفهوم الإنساني، لافتة إلى أهمية التحول الرقمي في مستقبل الدول. وأشارت إلى أن الحضارة بدأت بأفكار شفهية واكتسب بعدها البشر مهارات التدوين ثم الطباعة وفي الأخير وصلنا الى عصر التكنولوجيا.
وقالت إننا في السابق كنا نعتمد على الثقافة التسليمية التي تعتمد على الحصول على المعلومات والتسليم بها، على عكس العصر الرقمي الذي يعتمد على الثقافة النقدية والتحليلية. وأوضحت أن فكرة الحديث عن أن التاريخ يكتبه المنتصرون أصبحت من الماضي فالجميع يستطيع أن يدون ويكتب في العصر الرقمي.
بدورها، قالت رباب رشوان، من أكاديمية البحث العلمي، إن العمل في البحث العلمي له شقين أحدهما أكاديمي والآخر مهني. وأشارت إلى أن التحول الرقمي، أصبح أساسًا في مجال خدمات المعلومات والمكتبات، لافتة إلى أن ذلك يساهم بشكل كبير في سرعة وسهولة إتاحة المعلومات التي تعتبر أهم أعمدة البحث العلمي.
واكدت أهمية التركيز على أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك لمنع إساءة استخدامه كباقي الاختراعات الكبرى التي شهدها العالم في السابق.
من جانبه قال الدكتور عصام وهبه، القائم بأعمال عميد كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي على الهندسة الميكانيكية يسهم بشكل كبير في إنشاء توأم رقمي للمعدات. وأكد أهمية الحذر عند استعمال الذكاء الاصطناعي في التطبيقات الهندسية، لافتا إلى أهمية وجود إطار نظري قوي قبل استخدام التكنولوجيا الحديثة.
بدوره استعرض أحمد عبد الرحيم، القائم بأعمال عميد معهد الدراسات العليا والبحوث بجامعة الإسكندرية، دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في تسهيل عمليات البحث العلمي. وتطرق إلى الحديث عن دور الذكاء الاصطناعي في المساهمة في إتاحة البيانات للباحثين.