عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مؤتمره السنوى الأول “منتدى القاهرة“، والذىيستمر على مدار يومين، وهو الحدث الدولى الأول من نوعه، والذى يسعى لمناقشة عدد منالقضايا الدولية والتحديات العالمية الكبيرة بمشاركة مجموعة متنوعة من المتخصصين فيمختلف المجالات التي يناقشها المؤتمر؛ حيث استضاف المؤتمر عددا من كبار المسئولينوالخبراء الدوليين من مصر، الأرجنتين، فرنسا، ألمانيا، اليونان، الهند، إيطاليا، المغرب، جنوبأفريقيا، تونس، الولايات المتحدة، وغيرها من الدول.
وقالت الدكتورة عبلة اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصري للدراساتالاقتصادية، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن هذا الحدث الدولى الهام الذى ينظمه المركزهو بداية لعدد من المؤتمرات التى سيعقدها المركز سنويا، على غرار المؤتمرات الدولية التىتعقدها مراكز الفكر فى العديد من دول العالم والتى تسعى لفتح حوار بين نخبة من أهمالخبراء الدوليين حول أهم التحديات والقضايا العالمية وتأثيراتها، معربة عن سعادتها بأنيكون المركز جزءا من هذه المؤتمرات الدولية.
ناقشت أولى جلسات المؤتمر التجربة اليونانية فى الإصلاح الاقتصادى تحت عنوان التجربةاليونانية “إجراءات إصلاحية مؤلمة ولكن فعالة“، فهل من دروس مستفادة لمصر والدولالنامية الأخرى؟، و شارك فيها كل من الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنميةالاقتصادية والتعاون الدولي، وهاري ثيوهاريس عضو البرلمان اليوناني للديموقراطية الجديدةونائب وزير المالية للشئون الضريبية سابقا بدولة اليونان، والدكتور نيكوس فيتاس، المديرالعام مؤسسة البحوث الاقتصادية والصناعية وأستاذ الاقتصاد بجامعة أثينا للاقتصاد والأعمال،وأدارتها الدكتورة عبلة عبد اللطيف.
وعرض الخبراء من دولة اليونان أهم ملامح التجربة اليونانية فى الخروج من أزمة الديون، حيثكانت تبلغ نسبتها نحو 130% من الناتج المحلى الإجمالى فى بداية الأزمة، ووصلت أعلىمعدلاتها إلى 190% من الناتج المحلى فى فترة الكوفيد، وتراجعت حاليا إلى نحو 45% منالناتج المحلى، ومخطط تراجعها نحو 10% بحلول عام 2026، كما أنه خلال 5 سنوات من الآنلن يكون هناك مصروفات لخدمة الدين، وهو نجاح كبير حققته اليونان فى مواجهة أزمةاقتصادية هائلة استمرت قرابة عشر سنوات، ونجحت فى تخطيها بعد 8 سنوات من الإصلاح،وأوضح الخبراء أن أهم ما اعتمدت عليه التجربة اليونانية لم يكن خفض قيمة العملة – وهو ماوصفوه بالطريق السهل – ولكن كان الاعتماد الأساسى على خفض الإنفاق الحكومي، والتحولالتكنولوجي خاصة لمنظومة الضرائب، والإصلاح الهيكلى للمؤسسات حيث أن نجاح أى تجربةإصلاح تعتمد على قوة مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى، ويجب أن يتزامن الإصلاح الماليمع الإصلاح الهيكلى. وأوضحوا أن خطط الإصلاح ليست بمثابة “نظام غذائى” يتم اتباعه عدةسنوات ثم يتم إيقافه، ولكنها خطوات يجب أن تتواصل وتستمر، وهناك حاليا خطوات للإصلاحالهيكلى تتم للنظام القضائي فى اليونان. وأشارا إلى أن أهم ما تميزت به تجربة اليونان هوالشفافية واحترام المواطن من خلال نشر البيانات التفصيلية للإنفاق الحكومى فى الجريدةالرسمية وخطط الحكومة فى تنفيذ المشروعات حتى يمكن للمواطن مراقبتها ومتابعتها ووجودمؤشرات واقعية لقياس الأداء، وأيضا الاستعانة بالرقابة الخارجية من المؤسسات الدوليةخاصة صندوق النقد والبنك الأوروبي، وهو أمر يجب استغلاله جيدا والاستفادة منه فى تحقيقالإصلاح.
من جانبها قالت الدكتور رانيا المشاط بقولها أن مصر طبقت العديد من الإجراءات، لافتة إلى أنالتجربة اليونانية نموذج يدرس لدى صانعى السياسات والباحثين، وهناك اختلافات بين حالتىمصر واليونان، لافتة إلى أن الاقتصاد المصري تأثر كثيرا بتتابع الأزمات الدولية بداية من أزمةكوفيد ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة، وتسبب ذلك فى الضغط على معدلات النمو،مؤكدة أن الهدف الرئيسى من خطة الإصلاح الاقتصادي هو استقرار الاقتصاد الكلى، حيث قامالبنك المركزى بتخطى مشكلات العملة الصعبة، ولابد أن يصاحب ذلك إصلاحات هيكليةوموازنة السياسات المالية والنقدية، وهو الدرس المستفاد من التجربة اليونانية، وهو ما تعملعليه الحكومة المصرية لاستعادة ثقة المستثمرين. مشيرة إلى أن هناك عدد من الأعمدةالأساسية التى ترتبط بالنمو وهى الطاقة، ومرونة الاقتصاد الكلى، وشفافية الإنفاق الحكومى،،. وأكدت أن الإصلاحات عملية مستمرة حيث تعمل الحكومة على عدد من إجراءات الإصلاح معالبنك الدولى والبنك الأوروبي حيث تشمل حزم التمويل المقدمة من هذه جهات العديد منالإصلاحات للوصول إلى تمويل مستقر فى المستقبل، وضمان تدفقات الاستثمار من القطاعالخاص لاستمرار النمو وهو أحد الموضوعات التى تعمل عليها مجموعة الدول متوسطةالدخل.