بقلم ✍️ محمد دياب
(عضو هيئة مكتب أمانة صناعة المحتوى والتأثير المجتمعى بحزب مستقبل وطن)
بين أنين الأطفال وضجيج المدافع بين دموع الثكالى وآمال الصابرين أشرقت في غزة شمس هدنة طال انتظارها. إعلان لانتصار الحق على آلة الإبادة وانتصار الحياة على الموت الذي ظل يترصد كل زاوية فيها. غزة التي أبت أن تنكسر أضاءت اليوم فرحاً رغم الوجع وكأنها تُبعث من جديد تُكبر شكراً لله وتُزغرد رغم الحصار.
في وسط هذا المشهد كانت مصر قلب العروبة النابض الحاضرة دائماً بقوة وحنكة. مصر التي لم تكن يوماً مجرد متفرج على مأساة غزة بل صانعة للفرق وحاملة لشعلة الأمل. لم تكتفِ بالشجب والإدانة كما فعل البعض بل تحركت بكل ثقلها السياسى ووضعت بصمتها الراسخة على طاولة المفاوضات. فرضت هدنة تحفظ الدماء وتُبقي على الكرامة.
لقد كانت مصر صانعة السلام وقالت كلمتها عندما صمت الآخرون لتعيد للعروبة شرفها وتثبت أن العروبة ليست شعاراً يُرفع في المؤتمرات بل نبض حي يتجسد في مواقف نبيلة. مصر لم تنتظر شكراً لأنها تعلم أن دورها واجب تاريخي وإنساني يُمليه عليها شرف القيادة وواجب الأخوة.
وعلى الجانب الآخر هناك من تخلى وتآمر وهناك من غرق في صمت العاجزين. أين أنتم يا عرب؟ غزة لا تحتاج إلى كلمات التعزية بل إلى أفعال تداوي الجراح وتُعيد بناء ما دمرته الحروب.
أما أمريكا التي لطالما تغنت بالديمقراطية وحقوق الإنسان فقد أماطت اللثام عن وجهها الحقيقي. بايدن الداعم الأول لآلة القتل الإسرائيلية سيُذكر في كتب التاريخ كرمز للعار والخذلان. يداه ملطختان بدماء الأبرياء ولن تُمحى هذه البصمة السوداء مهما حاولت الآلة الإعلامية تلميع صورته.
لكن غزة كما عودتنا دائماً أكبر من أن تُهزم وأقوى من أن تُكسر. شعبها الجبار الذي فقد الأحبة لكنه لم يفقد الإيمان ينهض اليوم من بين الركام ويحتفل بزغاريد النساء وضحكات الأطفال.
لقد جاءت الهدنة التي تمت بوساطة مصرية أمريكية قطرية بمثابة فسحة أمل. ستستمر لمدة ستة أسابيع تشمل وقفاً شاملاً لإطلاق النار وانسحاباً جزئياً للقوات الإسرائيلية وعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة بالإضافة إلى إدخال المساعدات والإمدادات الإنسانية يومياً إلى القطاع.
غزة تستحق أن تشرق عليها شمس الحرية وتستحق أن تعيش بكرامة كباقي شعوب العالم. ورغم الشروط والضمانات فإن الأمل يراودنا أن تكون هذه الهدنة بداية لاستعادة الحقوق والعيش بسلام وأمان.
في النهاية لن يسامح التاريخ من خذل غزة أو تواطأ أو صمت. لكنه سيُخلد اسم مصر التي أعادت صياغة التاريخ وأثبتت أنها دائماً على قدر المسؤولية لتبقى نموذجاً حقيقياً للعروبة الصادقة والقيادة الرشيدة.