»»
وفي ثياب القصة القصيرة الموجهة للطفل اهدي الكاتب د. سليمان عباس البياضي عضو اتحاد المؤرخين العرب إطلالته الجديدة “دارين” لمنصة المساء أون لاين ننشرها عبر هذه السطور..
🍂
دارين..
” دارين” فتاة قروية ، وتلميذة مجتهدة ومتميزة ، في الصباح تذهب إلى المدرسة ، وفي المساء تساعد أمها في أعمال المنزل إلي جانب استذكار دروسها.
كل صباح تحمل باقة ورود تجمعها بيدها من حديقة المنزل ، وتهدي وردة لكل من يقابلها من كِبار السِّنِّ ؛ لإدخال السعادة إلي قلوبهم ، وذات يوم وبينما كانت في طريقها إلى المدرسة إذ وجدت سيدة عجوزا تأكل من القمامة !
اقتربت منها، وسألتها في حيرة : ماذا تفعلين يا جدتي ؟
فردت العجوز: كما ترين يا ابنتي ، أبحث عن طعام آكله في هذا الصندوق ؛ فأنا جائعة .
وغافلت الدموع عينيها وانحدرت علي وجنتيها الشاحبتين وهي تعلل ذلك قائلة : فأنا مُسِنة فقيرة ، وغير قادرة علي العمل .
فبكت دارين ؛ حزنًا على حالها ، ومدت يدها في جيبها متحسسة مصروفها وناولته للعجوز، وواصلت طريقها إلى المدرسة .
جلست ” دارين” في الفصل حزينة ، وقد لاحظت المعلمة ذلك ، فسألتها:
– مالي أراك اليوم حزينة على غير العادة ؟
فأجابت دارين والدموع تترقرق في عينيها :
– لقد وجدت في طريقي اليوم عجوزًا تبحث عن الطعام في صندوق القمامة ، فأشفقت علي حالها وأعطيتها مصروفي .
فقالت المعلمة للتلاميذ : صفقوا لزميلتكم على ما فعلت ، ويجب أن تعطفوا على الفقراء مثلها.
فقالت دارين سعيدة : لقد علمني أبي مساعدة الفقراء والمحتاجين ، فكل أسبوع يعطيني بعض النقود لمساعدة ابنة حارس العمارة ، وكنت أوفر من مصروفي لأشتري كراسات وأدوات مدرسية ، وأقوم بتوزيعها على أبناء الحي المحتاجين .
فصفقت لها المعلمة ، وقالت للطلاب : يا أبنائي ، التربية قبل التعليم .
وكعادتها عندما يدق جرس الفُسحة ذهبت ” دارين” إلي المكتبة ، فوجدت زميلة لها تبكي ، فاقتربت منها ، وسألتها : لماذا تبكين ؟
فردت زميلتها قائلة: أحتاج إلى شراء بعض الكتب الخارجية ، وأبي رجل مريض .
فقالت ” دارين ” : لا توجد مشكلة
انتهي اليوم الدراسي وعادت دارين إلي المنزل وأخبرت والدها بقصة زميلتها ، فأعطاها بعض النقود وهو يقول : أنا فخور بك يا ابنتي ، وفي صباح اليوم التالي أعطت زميلتها النقود ، فبكت زميلتها من شدة فرحتها ، وقالت وهي تحتضن دارين : حقًا التربية قبل التعليم.
عادت دارين إلي المنزل سعيدة ، وأخذت تقبّل يدي والديها ، قالت لهما : سأساعد كل المحتاجين من زملائي، فنظر إليها والداها نظرة عميقة ، فيها الكثير من الدفء والحنان وهما يبتسمان وقالا لها : هل تعلمين أن جبر الخواطر كالجواهر الثمينة تنجينا من المخاطر.
أخذت ” دارين” تساعد والدتها في إعداد طعام الغداء ؛ لكنها شعرت بألم مفاجئ ، طلبت إليها والدتها أن تذهب إلى غرفتها ؛ لتستريح فأطاعتها ، أخبرت أمها والدها ، فقام ليطمئن عليها متسائلا في اهتمام :
– ماذا بك يا ابنتي؟
فأجابت:
– أشعر بألم شديد
اتصل والدها بالطبيب ، وعندما جاء وقام بالكشف عليها ، قال : لابد من أن نقلها إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة .
أبلغت والدتها إدارة المدرسة أن ” دارين ” مريضة ، وبدورها أبلغت المعلمة زملاء ” دارين” بأنها مريضة وهي ترقد الآن بالمستشفى ويجب علينا زيارتها ، وسنأخذ معنا طاقة من الورود ، وعندما رأتهم ” دارين” ابتسمت وطمأنتهم بألا يقلقوا عليها ؛ فهي بخير وتتماثل للشفاء .
عادت ” دارين” إلى المنزل ، قال لها أبوها : أنت أجمل زهرة في حياتي ، ففرحت وقالت : سوف أشتري غدًا لوحتين ، أكتب على الأولي : الأمة التي لا تقرأ تموت ، وعلى اللوحة الثانية : الصحة عنوان الحياة ، وأضعهما في فصلي ، وعندما عادت ” دارين” إلى المدرسة استقبلها زملاؤها بفرح وسرور، فقالت لهم : معي هدية لفصلي : لوحتان ، فأمرتهم المعلمة بأن يصفقوا لـ ” دارين” ، ثم قالت :
– عندي فكرة إبداعية
رد بعض التلاميذ :
– ما هي ؟
قالت المعلمة : أن نقوم بعمل صندوق لمساعدة المحتاجين من التلاميذ ، لأن حب الخير للآخرين جهاد ، والتربية قبل التعليم.