»» د. سليمان عباس يعرض أشهر رحلات الحج ل”مانسا موسى” في فترة العصور الوسطى
في جو جميل ساده الحب والألفة والروح الطيبة، عقدت أسرة صالون أدباء المحامين بالإسماعيلية يوم مساء امس الخميس أولى ندواتها بحديقة نادي المحامين بالإسماعيلية بعنوان: عيد الأضحى المبارك في عيون الأدباء.
حضر الندوة العديد كوكبة من الأدباء والمحامين ومنهم : الشاعر احمد سيد حسن، الشاعرة علية مصطفى، الأديب مدحت الخطيب، فوزي إبراهيم، صلاح أبوزيد، خالد النجدي، احمد الجاويش، يسري محمود، شريف اشرف، محمد عبدالمنعم، احمد الجوهري، سالي شاكر، مايسة حنيدق.
كما شهد الندوة من غير المحامين د. سليمان عباس البياضي،وشيرين عبد الرحمن رئيسة قصر ثقافة الإسماعيلية، الشاعر محمد علي
أدار الندوة احمد سيد حسن، مدحت الخطيب.
🍂
وخلال كلمته تحدث د.سليمان عباس عضو اتحاد المؤرخين العرب والمحاضر بجامعة العريش حول أشهر رحلات الحج في التاريخ الإسلامي وجاء في كلمته:
تعد رحلة “مانسا موسى” أشهر رحلات الحج في فترة العصور الوسطى وكانت تشبه أساطير ألف ليلة وليلة من حيث ضخامة الرحلة وحجم الإنفاق وهذه الرحلة أذهلت المؤرخين من حيث الوصف.
ولد “مانسا موسى” أو كانجا موسى في عام 1280م وتوفي في 1337م، وهو المانسا العاشر لمملكة مالي بين أعوام 1312 و1337م.
وعند اعتلائه العرش، كانت مملكة مالي تتكون من الأراضي التي كانت تابعة لإمبراطورية غانا ومالي وما جاورهما.
وقد استطاع أثناء فترة حكمه إيصال مملكة مالي لذروتها، من فوتاجلون إلى أغاديس، كما وضع أسس العلاقات الدبلوماسية مع مملكة البرتغال والدولة المرينية والمملكة الزيانية بتلمسان والدولة الحفصية والدولة المملوكية،وصنفت حقبته بالعصر الذهبي لمملكة مالي ويعتبر من أغنى الأشخاص في التاريخ على الإطلاق.
وصف رحلة الحج
ذاع صيت مانسا موسى وبلغت شهرته كل شمال إفريقيا والشرق الأدنى بفضل رحلة الحج التي أداها. حيث انطلق سنة 1324م نحو مكة مع حاشيته التي ذكرت المصادر أنها تتراوح بين 15ألف – 60 ألف شخص، من بينهم 12 الفا من الخدم والعبيد،ورجال يرتدون الحرير ويحملون عصيا ذهبية يعتنون بالخيول والأكياس.
وكانت كل نفقات هذا الموكب على حساب “مانسا موسى”، من مأكل وملبس للناس والحيوانات.
و حسب عدة مصادر، فإن القافلة كانت تكونت من 80 جملا، يحمل كل واحد منهم بين 50 و300 رطل من الذهب. كان مانسا موسى كريما كثير العطاء، وكان يجزل في كل مدينة يمر بها أثناء الرحلة، وذكر “لعمري “أنه أنفق في حجته أموالا طائلة من الذهب، وأنه أفاض في الإحسان والعطاء من الذهب للأمراء والأعيان والتجار وعامة الناس ممن يقابلونه ما لا يحصى ولا يعد، وكذا الأمر بالنسبة للحجيج وأهل الحرمين.
وذكر السعدي أنه كان يبني مسجدا في كل مدينة أو قرية يصادف مروره بها يوم الجمعة.
لقاؤه بالسلطان المملوكي
نقل العديد من الأشخاص روايات وشهادات عينية عن رحلة مانسا موسى، وكلهم كانوا منبهرين بثروته وأهميته، وهو ما كتب في العديد من المصادر.
كما أن لقاءه بالسلطان المملوكي الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون في يوليو 1324 موثق بشكل جيد.
ولقد ذكر تقي الدين المقريزي في كتابه “السلوك لمعرفة دول الملوك” أن قافلة المانسا موسى حطت الرحال في تمام 15 جمادى الأولى من سنة 724 هجري (الموافق ل10 مايو 1324 ميلادي).
وذكر العمري أنه عندما نزل “مانسا” القاهرة، امتنع أن يقابل السلطان المملوكي الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون متحججاً بأنه جاء للحج فقط، ولكن السبب الرئيس هو عادة تقبيل الأرض واليد في حضرة السلطان المملوكي؛وكان مانسا موسى يرى هذا انتقاصاً منه، وبعد محاولات عدة قبل الدعوة، ولكنه أنكر أمام السلطان عادة تقبيل الأرض واليد بصوت عالٍ، ثم قال أنه يسجد لله فقط، ثم تقدم للسلطان فجلس بجانبه وتحادثا لمدة طويلة.
وبعد هذا الموعد، أعطى السلطان المملوكي للمانسا موسى أحسن ما تجود به خزائنة من ملبس ومأكل وعدة وخيل مسرجة وأموال له ولأعيانه، وكان نفس الشيء أثناء عودته من الحج.
قصته في مكة
وتابع د. سليمان عباس : روى المؤرخ اليافعي في كتابه «مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان» قصة مرور “المانسا” موسى بمكة، وكان شاهد عيان على قدومه، وهو ما يكسي الأمر أهمية حيث كان شاهدا لا ناقلا.
ومما ذكره اليافعي قصة الفتنة التي وقعت في مكة بين حاشية “المانسا” والأتراك، حيث أشهرت السيوف في المسجد الحرام، فغضب موسى غضبا شديدا وصرخ فيهم من شباك إقامته حتى رجعوا عن القتال.
آثار رحلته على سوق الذهب
ووفقا للروايات التي ذكرها د.عباس البياضي ،فقد تسبب سخاء موسى في آثار جانبية مدمرة بالنسبة لاقتصاد المناطق التي مر بها. ففي القاهرة والمدينة المنورة ومكة المكرمة، أدى التدفق المفاجئ للذهب إلى انخفاض قيمة هذا المعدن لمدة عشر سنوات، وشهدت أسعار السلع الاستهلاكية تضخما مرتفعا حيث حاول السوق التكيف مع تدفق الثروة المصاحبة لزيارة الملك المالي من أجل تعديل سعر الذهب، وكانت المرة الوحيدة في التاريخ الذي يتحكم فيه رجل واحد بسوق الذهب في حوض البحر الأبيض المتوسط.