صوت القلم
حنان عبد القادر تكتب
منذ 36 عامًا بالتمام والكمال كنت علي موعد معها تحديدًا في عام 1986 حيث كنت طالبة بالفرقة الثانية بكلية الإعلام جامعة القاهرة جئت إليها في مبناها القديم بشارع زكريا أحمد.. ضمن مجموعة من طلاب الكلية ضمن برنامج للتدريب الصحفي العملي علي فنون العمل الصحفي.. نلمس الخبرة بحماس لا يوصف –وقتها كان الكاتب الصحفي الكبير سمير رجب رئيساً لتحريرها بحضوره وهيبته وذكائه المعهود- شدني المكان وفلسفة العمل فتمسكت به الا وهو محبوبتي جريدة “المساء” التي أتمت أول أمس الخميس عامها الستين. ستون عامًا أمضيت نصفها أعمل بين جدرانها اللهم إلا شهورا معدودة- فترة إنجابي أولادي مريم وأحمد حفظهم الله.. قضيتها أتعلم بين أقسامها وعلي يد رؤسائي وزملائي من هم أكبر سنًا.. تعلمت منهم قيمة العمل الجاد المثمر وكيف يكون الانضباط والالتزام والمسئولية والانتماء.. أدركت بشكل عملي كيف أن الكلمة أمانة أمام الله وأيضًا مسئولية أمام الناس.. أيقنت أن كل صحفي يسطر بيديه تاريخه وسيرته وأيضًا سمعته كيفما يشاء مثلما يريد فعمله شاهد له وعليه.
عدت بالذاكرة وأنا احتفل مع زملائي واستدعيت مبني الجريدة القديم وصالة “المساء” التي شهدت أجمل الذكريات مع أروع الزملاء منهم من توفاه الله ومنهم من لايزال حيا متعهم الله جميعًا بالصحة والعافية.. أتذكر المرحومة الأستاذة عايدة صالح بضحكتها الشهيرة.. كنا نلتف حولها نحن سيدات وفتيات الجريدة نستمع إليها ونسعد بأرائها وتوجيهاتها وروحها الحنونة التي تؤثرك.. تذكرت “ديسك المساء” بكامل عدده يلتف حوله كبار الصحفيين بالجريدة سالم أباظة وحمدي مراد ومصطفي حرب ومحمد عبدالدايم وقد جاءوا في السابعة صباحا التزاما وتقديرا لتعليمات الأستاذ سمير رجب رئيس التحرير الذي سرعان ما يلحق بهم ويتوسطهم ليبدأ اجتماعا يشارك فيه الجميع.. يناقش خطة العمل اليومية ويرصد تقييمًا لما نشر بشكل معلن أمام الجميع مطبقا مبدأ الثواب والعقاب يكافئ من أحسن ويعاقب المقصر في أحلي صور ضبط الأداء.. ضمن منظومة تشعرك بالعدالة حتي لو وقع عليك عقابا تتعلم خلالها أحلي معاني الالتزام والانضباط والمسئولية.. أعترف أني انصهرت في المكان الذي تعلمت فيه الكثير وأصبح بمثابة بيتي الثاني يحظي بكل اهتمامي أقضي فيه معظم ساعات اليوم والتي قد تمتد إلي منتصف الليل إلي مرحلة وصلت إلي عشق العمل وإدمانه.. أعترف أني سعدت كثيرا مع كل نجاح حققته ضحكت وبكيت.. تعبت وارتحت عانقني الفرح كثيرا وأصابني الحزن واليأس أحيانا.. تألمت كثيرا بسبب معارك العمل خاصة عندما تعلو أصوات أعداء النجاح.. رغم ذلك نسيت انها ظروف العمل بكل تفاصيله لكن تبقي ثقتي بنفسي بأنني حققت نجاحات بفضل الله.. أفخر بها ما حييت. رحلة عمر جادة اتباهى انى صنعتها بكفاحي- تنطق بها يداي ويتحدث عنها جهدي بأعلي الصوت.. وتستمر رحلة العمل ويستمر الأداء بنفس الحماس الذي تملكني عام 1986 إلي آخر نفس وحتي ينتهي الأجل.
كلمات لها معني:
*الكلام الجميل مثل المفاتيح تغلق به أفواها وتفتح به القلوب.
*مازال أمامك دروس كثيرة في الحياة تتعلمها أولها أن تضع كل إنسان في حجمه الطبيعي.
*المواقف كفيلة بأن تسقط الأشخاص من أعيننا كأوراق الخريف.