بقلم ✍️ شحاتة زكريا (كاتب وباحث متخصص في الشؤون الاقتصادية والسياسية)
في ظل التحديات العالمية التي تواجهها الاقتصادات الحديثة ، تتجه الدول إلى استراتيجيات مبتكرة للتغلب على الأزمات الاقتصادية وضمان استقرار التمويل العام من بين هذه الاستراتيجيات ، يبرز الدور المتزايد للصكوك السيادية وسندات الخزانة كأدوات فعالة ومهمة لدعم التمويل الحكومي وتنويع مصادره.
الصكوك السيادية ، باعتبارها واحدة من أحدث الأدوات المالية ، تأتي كخطوة جريئة لتجاوز الوسائل التقليدية في تمويل المشاريع الحكومية فهي لا تقتصر على توفير تمويل بل تسهم في دعم السياسات الاقتصادية القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعزز من مشاركة المجتمع في تنمية الدولة. إذ تمنح الصكوك مرونة كبيرة من حيث الهيكلة والتنفيذ ، مما يسمح للدولة بتوجيه الاستثمارات نحو المشاريع التنموية التي تعود بالفائدة على الجميع.
وفي الوقت نفسه تظل سندات الخزانة أداة محورية لضمان استدامة السيولة المالية للدولة فهي تعد بمثابة ركيزة لتمويل العجز المالي قصير الأجل وتوفير موارد ثابتة ومستقرة.
هذه الأدوات تلعب دورا حيويا في تأمين استقرار الاقتصاد ومواجهة التقلبات المالية العالمية.
لماذا تعتبر الصكوك السيادية أداة مبتكرة؟
الصكوك السيادية ليست مجرد وسيلة تمويل بل هي جسد مالي يعكس الرؤية المستقبلية للدولة، فهي تجذب المستثمرين الذين يبحثون عن تمويل يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية ويعزز من الاستثمارات المستدامة.
وفي الوقت ذاته ، فإن الدولة تستفيد من هذا النوع من التمويل لتحقيق أهدافها التنموية ، مع الحفاظ على مرونة في السداد تتيح لها مواجهة التحديات الاقتصادية غير المتوقعة.
أثر الصكوك وسندات الخزانة على الاقتصاد المصري
في مصر تتطلع الحكومة إلى استخدام الصكوك السيادية كجزء من خطتها الطموحة لزيادة الاستثمارات في البنية التحتية والطاقة المتجددة ، فقد أظهرت الأزمات الاقتصادية العالمية الأخيرة أهمية تنويع مصادر التمويل كوسيلة للحفاظ على الاستقرار المالي في ظل تقلبات الأسواق.
تعد هذه الأدوات جزءا أساسيا من الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز مكانة مصر كقوة اقتصادية قادرة على جذب الاستثمارات المحلية والدولية.
عبر هذه الأدوات تضع الدولة الأسس لتحقيق التنمية المستدامة التي تعتمد على سياسات اقتصادية حكيمة وشفافة، فالتنويع في التمويل لا يوفر فقط مرونة أكبر للدولة، بل يدعم أيضا الثقة في الاقتصاد المصري ، سواء لدى المستثمرين المحليين أو الدوليين.
وفي النهاية يمكن القول إن الصكوك السيادية وسندات الخزانة ليست فقط أدوات لتمويل العجز أو توفير السيولة بل هي أدوات استراتيجية تعكس طموحات الدول في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. مصر وغيرها من الدول النامية تحتاج إلى هذه الأدوات لتأمين مستقبلها الاقتصادي، وضمان تحقيق النمو والازدهار في عالم مليء بالتحديات الاقتصادية والمالية.