# من أول السطر
حياة بلا “وعي ” ،هي والعدم سواء ، ووسط هذه الظروف الراهنة والمتغيرات الجمة المتلاحقة ،مما لا يقبل الجدل والمراء أن أبناء المحروسة أمسوا في معركة لا تقل ضراوة عن الحروب الحقيقية التي خاضوها ببسالة والتحديات الجمة التي واجهها المصريون مرارا، بجسارة وصمود.
المعركة المعاصرة الآن هي معركة “الوعي”، ومواجهة الحروب النفسية والتي ترتدي ثيابا “رقمية” ،بما تحمله من صور متعددة ورسائل سلبية توجه سهامها ليلا ونهارا ، منصات مشبوهة هدفها إضعاف الروح المعنوية والنيل من استقرار الوطن وغرس روح الإحباط واليأس والرؤية الضبابية للمستقبل المنظور.
ولفهم “الوعي العام” أهمية كبري في حياة الإنسان لضمان التكيف والتعايش والتحصن من عواقب الملمات والنوائب ،ويتكون من ثلاثة عناصر للوعي: الوعي المحيطي، والوعي الحسي، والوعي الذاتي.
ووفقا لرؤي العلماء فالوعي يتألف من ثلاث مستويات “اللاوعي”، و”الوعي”، و”الوعي الفائق” ،ويمثل كل مستوى من مستويات الوعي درجة مختلفة من درجات شدة الوعي.
كما أن الوعي بالذات يشمل الوعي بها في اختلاف الزمان: ماضيا، وحاضرا، ومستقبلا. والوعي بها في اختلاف المكان: وطنا، وإقليما، وأمة.
ومع أهمية الوعي بمتطلبات الحاضر واستشراف مؤشرات المستقبل ،فالوعي بالذات”ماضيا’ ،يستوجب معرفة من نحن، وكيف نشأنا، وما مسيرتنا، وهل لنا تاريخ وتراث وحضارة عريقة نتصل بها ونستفيد منها، أم أننا نبدأ من نقطة الصفر، كما يزعم البعض ويروج في سبيل وأد الطموح والتطلعات، وأن ليس فى الإمكان أبدع مما كان!.
وفي تقديري ووفقا للعقل والمنطق ،فإن المعرفة وإدراك الحقائق دون تزييف أو إجتزاء أو تحريف هو المرتكز الفعلي لتأسيس الوعي السليم المتكامل، وهو الحصن المنيع أمام الرسائل السلبية الموجهة وما يقفز للأذهان بين الفينة والأخري من هواجس وخواطر وتخوفات.
ومع الفهم السليم والقراءة الفاحصة يمكننا تقديم التفاسير المقنعة والإجابة حول علامات الاستفهام والتساؤلات الحائرة ،واتقاء شرور وسهام الغدر ومخططات التقسيم ونشر الفوضي ،وتنفيذ سيناريو جديدة من فصول “الخريف العربي” المؤلم!
ومن هنا تتضاعف المسؤولية الاجتماعية والوطنية علي الإعلام بكافة قنواته بصفة عامة للقيام بهذه المهام ،وعلي الإعلام المكمل أو البديل أيضا والذي يتمثل في صورته العصرية عبر قنوات “إعلام المواطن” وما يقدمه المؤثرون عبر مختلف منصات وسائل الإعلام الاجتماعية.
وما بين الأمس واليوم شتان بين صور وأنماط “صحافة المواطن” ،والتي أصبحت وأمست منافسا وإعلاما بديلا لروافد الإعلام بوجه عام بمؤسساته القومية والحزبية والخاصة.
ومنذ مطلع الألفية الجديدة أخذت “صحافة المواطن” تأخذ مسارا جديدا ،وبدأت في التطور التقني التدريجي تواكب مع تطور الدور الوظيفي للإعلام الرقمي عبر شبكة الإنترنت ،وتطور التطبيقات المساندة التي تعتمد علي الذكاء الاصطناعي وإتاحة كم هائل من البيانات والمعلومات ورصد الإحداث وأحيانا تحليلها، رغم ما تواجهه أحيانا من خوارزميات متحيزة وغير حيادية في الكثير من القضايا الإنسانية والسياسية.
و”صحافة المواطن” كما يراها المتخصصون هي نوع من الصحافة التي ينتجها الأفراد العاديون، وليسوا من الصحفيين المحترفين، باستخدام وسائل الإعلام الجديدة مثل الإنترنت والهواتف الذكية.
ومن أمثلة “إعلام المواطن الرقمية: المدونات ،مواقع ومنصات الأخبار المستقلة ،منصات التواصل الاجتماعي، القنوات الشخصية على اليوتيوب.
وتتميز صحافة المواطن بعدد من الخصائص من بينها:
ـ الاستقلالية: لا تتبع لأية مؤسسة إعلامية تقليدية.
ـ التطوعية: في معظم الأحيان تكون غير مدفوعة الأجر.
ـ التفاعل: تشجع على التفاعل والمشاركة الفعالة من قبل القراء.
ـ التغطية المحلية: تركز على القضايا المحلية والصغيرة التي قد لا يتم معالجتها من قبل وسائل الإعلام التقليدية.
ومن فوائدها: التغطية الأكثر شمولا ،و تغطية قضايا وأخبار قد لا تظهر في وسائل الإعلام التقليدية ، تنوع الأصوات ،حيث تمثل مجموعة واسعة من الآراء والأفكار.
ـ تأثير المجتمع: حيث يشجع على المشاركة المجتمعية الفعالة.
ـ سرعة النشر: حيث يتيح نشر الأخبار والتقارير بسرعة.
كما تقدم صحافة المواطن العديد من الفوائد، لكنها تواجه أيضا جملة من التحديات من بينها :
ـ دقة ونقص المعلومات: ففي أحوال كثيرة تكون هناك مشاكل في دقة المعلومات وعدم كفايتها، وقد يكون هناك أخطاء في المعلومات أو الأخبار المنشورة، نتيجة للقيود المحتملة التي تعوق الوصول إلى المعلومات.
ـ موثوقية المصادر: قد لا تكون المصادر دقيقة أو موثوقة بها.
ـ غياب الحيادية : قد تكون هناك مشاكل في الشفافية والموضوعية،
كما تظهر تحيزات شخصية في التغطية الإخبارية. ـ غياب الجودة وتنظيم المحتوي: في غالبية المضامين التي تقدمها ،هناك نقص متوقع في التنظيم والترتيب والصياغة وضعف اللغة ،وذلك لغياب المهنية والاحترافية.
وهناك أيضا التحديات المتعلقة بالقانون والأخلاقيات من بينها :
ـ انتهاك حقوق النشر: .
ـ التشهير أو الإساءة إلى الأشخاص.
ـ انتهاك القوانين الإعلامية.
كما تواجه “صحافة المواطن” تحديات متعلقة بالتأثير المجتمعي منها :
ـ تأثير سلبي على المجتمع.
ـ تشجيع على التعصب والكراهية أو العنف.
ـ تأثير على الأطفال والشباب.
ومن التحديات المتعلقة بالتكنولوجيا والأمان:
ـ هناك خطر علي أمان المعلومات ،مما قد يسهل التلاعب بها ونشر شائعات ، أو معلومات مغلوطة
ـ التعرض لهجمات إلكترونية ومخاطر “التهكير المعلوماتي.
ـ استخدام التكنولوجيا بشكل غير صحيح،عن توظيف تطبيقات وتقنيات متطور لتشويه وتزييف الصور .
ومن التحديات الأخرى:
ـ نقص التمويل، نقص التأهيلي والتدريب والخبرة ،منافسة وسائل الإعلام التقليدية.
وما بين جملة من التحديات وبعض الفوائد والكثير من السلبيات والعوائق يقف إعلام المواطن الرقمي في مفترق الطرق،إما يكون أداة داعمة لإستقرار وأمن الوطن ،أو معول هدم وتقويض للمنجزات،
ولنا آمال تحيا بها المني أن يظل في الدائرة الأولي ،تعزيزا ودعما وحماية لمقدرات ومكتسبات وطننا الغالي .
ولا ريب أن “صحافة المواطن” تؤثر بدرجة كبيرة في توجيه الرأي العام ، وتسهم
ولذا أ صبح من الضرورة إعادة تقييم هذه اللون من الإعلام العصري ،واستيعابه ووضع اللوائح والقوانين التي تنظم عمله في إطار وطني يحفظ قيم المجتمع وهويته ، والتأسيس لدوره التنويري والثقافي والتوعوي بعيدا عن الأغراض التجارية والنفعية والموجهة!.
وأتصور أن السيطرة على جموح إعلام وصحافة المواطن هو من الضرورات الوطنية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن لمواجهة التحديات والمخاطر المتصاعدة والسيناريوها المحتملة التي تسعي قوي أممية لإقرارها ،إما بالقوة أو بالحروب من الداخل عبر مسارات الضغوط الاقتصادية ومنصات السموم الرقمية.
#