بقلم ✍️ د. خلود محمود
(مدرس الإعلام الرقمي بمعهد الدراسات الأدبية بكينج مريوط )
يتردد كثيراً علي مسامعنا في الفترات الأخيرة في الاعلام ومواقع التواصل وغيرها مصطلح الاقتصاد الأخضر ولا يدرك بعضنا ماهو الاقتصاد الأخضر وما علاقته بالتنمية المستدامة وكيف يؤثر ذلك علي نهضة مصر الصناعية والبيئية وفي مجال الطاقة وغيره .
بداية أن الأقتصاد الأخضر نوع من الطرق المنظمة لإنشاء مجتمع وبيئة نظيفة ترفع من المستوى الاقتصادي وتدفع المجتمع نحو حياة أفضل، وتحافظ على موازنة البيئة من جميع أشكال التنوع البيئي وتهدف لعدم اهدار الطاقة وتحد من استخدام الوقود الاحفوري وتعتمد بشكل أساسي علي الطاقة النظيفة المستمدة من الشمس والمياه والهواء وهو ناتج تحسن الوضع الاقتصادي مع الحد من المخاطر البيئية وندرة الحياة البيئية، والذي يؤدي إلى تحسين المساواة بين الإنسان ورفاهيته الاجتماعية .
ويعرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة تعريفاً عملياً، للاقتصاد الأخضر بأنه اقتصاد يؤدِّي إلى تحسين حالة الرفاهيه البشرية والإنصاف الاجتماعي، مع العناية في الوقت نفسه بالحدّ على نحو ملحوظ من المخاطر البيئية.
ظهر الاقتصاد الأخضر كاستجابة للعديد من الأزمات العالمية المتعددة، ويهدف بشكل عام إلى تحقيق تنمية اقتصادية ومتسدامة عن طريق تنفيذ العديد من المشاريع الصديقة للبيئة، وباستخدام تكنولوجيات جديدة في مجالات الطاقات المتجددة والنظيفة، ويدعو إلى تحويل القطاعات القائمة بالفعل إلى نمط الاقتصاد الأخضر، وتغيير أنماط الاستهلاك غير المستدامة، مما يعمل على خلق فرص عمل جديدة بهدف الحد من الفقر، إلى جانب خفض كثافة استخدام الطاقة واستهلاك الموارد وإنتاجها.
يُعتَبر الاقتصاد الأخضر الشامل اقتصاداً منخفض الكربون أي أنه ذات كفاءة وهو نظيف من حيث الإنتاج لكنه أيضاً شامل الاستهلاك والنتائج، والمشاركة والتداولية والتعاون والتضامن والصمود والترابط.
وهو ينصبّ على توسيع الخيارات والاختيارات فيما يتعلّق بالاقتصادات الوطنية، باستخدام سياسات حمائية مالية واجتماعية هادفة ومناسبة، وتدعمه مؤسسات قوية موجَّهة بشكل محدّد نحو الحفاظ على’’ الحدود الدنيا الاجتماعية والإيكولوجية.
ويدعم الاقتصاد الأخضر الشامل المساواة في الحقوق بالنسبة للرجال والنساء، وخصوصاً الفئات الفقيرة الضعيفة وموجَّهة للموارد الاقتصادية، والخدمات الأساسية الاقتصاد الأخضر وييسر عملية تحقيق التكامل بين الأبعاد الأربعة للتنمية المستدامة وهي الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية أو الإدارية.
وبذلك ينهض المجال الصناعي من خلال عمل المصانع بالطاقة النظيفة وانشاء المترو والقطار الكهربائي فيما تتيح للقطاع الخاص الاستثمار في مجالات عدة مثل مشاريع تحويل المخلفات إلى طاقة والاستثمار في المخلفات الزراعية والاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحميات الطبيعية، كما أن دور المؤسسات الداعمة والتمويلية هو دور رئيسي ويساهم في تسريع عجلة التقدم في كافة مجالات الاقتصاد الأخضر.
نهضة مصر
أن مصر اتخذت عدة خطوات نحو التوجه للاقتصاد الأخضر من خلال مبادرة حياة كريمة وتنمية الريف المصري وتوفير مياه صالحة للشرب والصرف الصحي بالقرى الأكثر احتياجا، كما عملت على تبنى استراتيجية تتناسب مع رؤية 2030 وتنفيذ استراتيجية متكاملة تتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، وتبطين الترع بهدف تحسين جودة الري والبيئة وجودة المنتج والمحافظة على الصحة العامة وتبنت حملة ١٠٠ مليون صحة بالأضافة إلي حملات التوعية والتثقيف علي أرض الواقع بين القري والمحافظات وأيضا علي الانترنت من خلال وضع برامج التثقيف البيئي للمواطنين والمعاونة في تنفيذها.
وفى إطار الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية من آثار المخالفات البيئية التي تؤدى إلى الإضرار بالموارد الطبيعية تبذل الإدارة العامة لاقتصاديات البيئة ونظم الإدارة البيئية التصدي للمخالفات البيئية، لتحقيق الهدف القومي الذي تسعى مصر لتحقيقه وهو التنمية المستدامة.
وتقوم مصر بعمل الاتفاقيات الدولية والاقليمية المتعلقة بالبيئة من خلال تحرير التجارة العالمية في السلع والخدمات البيئة والسعي وراء دراسة الاخطارات من خلال منصة EPING وهي: (نظام يتيح الوصول الى الاخطارات المتعلقة بالحواجز التقنية TBT امام التجارة، وتدابير الصحة النباتية sps كما يسهل الحوار بين القطاعيين العام والخاص لمعالجة مشاكل التجارة المحتملة) وهي باختصار عملية تتبع وإدارة المعلومات على متطلبات المنتج على الانترنت .
ولن يحقق الاقتصاد الاخضر ثماره الا بوعي بيئي بين أفراد المجتمع وخلق الشعور الذاتي بأهمية الحفاظ على البيئة التي يشتركون في العيش فيها وتؤدي وسائل الإعلام في هذا الصدد دورا حيويا ومؤثرا من خلال تسليط الضوء على قضايا التغير المناخيه التي باتت أكثر قضايا الأجندة الدولية إلحاحاً لإيجاد حلول ناجحة لإنقاذ البشرية خاصة مع التطورات التكنولوجية في مجال الاعلام البيئي وهو اعلام الكتروني متخصص في مجال البيئة والتنمية المستدامة وهو دوراً هاماً لان الوسائل الالكترونية تصل الي مليارات الافراد وتستطيع أن تجمع بين أشكال مختلفة من الاشكال الاعلامية مسموعه ومقروءة ومرئية في أن واحد وبصورة لحظية تؤدي لنشر ثقافة الالتزام الوقائي لتلافي التلوث قبل حدوثه والحث علي الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وتجنب الآثار السلبية للقضايا البيئية قبل حدوثها فالإعلام الرقمي يستطيع أن يتعامل مع قضايا البيئة والاقتصاد الأخضر ويتمكن من توصيل رسالته علي مستوي محلي ودولي أن الطبيعة قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
أن البيئة والانسان والاقتصاد جزء لا يتجزء من الكيان الوجودي للفرد ولذا يمكن للاستثمار في الطبيعة أن يسهم في تعافي الاقتصاد من خلال إيجاد فرص العمل، واستهداف أشد المجتمعات المحلية فقراً، وبناء القدرة على الصمود على المدى الطويل وهو هدف الاقتصاد الاخضر ببساطة عملية النهوض بالمجتمع صناعياً وتجارياً وفي مجال الطاقة مع المحافظة علي البيئة والاستفادة من موارد الطاقة النظيفة ، أن المجتمعات بدون بيئة نظيفة مستدامه لن تحيا .