كتاب “شعر بسبوسة” يحتوي على قصتن للأطفال صدرعن المركز القومي لثقافة الطفل،برئاسة الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف، للكاتبة أمل رفعت ورسوم: هشام السعيد، القصة الأولى تحمل عنوان الكتاب (شعر بسبوسة) وتدور أحداث هذه القصة حول الطفلة التي تفهم تصرف الجرو الذي يلعب معها بشكل خاطئ فتحزن منه وتغضب، لكن حين تفهم تصلح الخطأ وتعود المياه والصداقة مرة أخرى بينها وبين الجرو الصغير.
فقد لاحظت”توتة” غياب الجرو الصغير “توتو” فلم يأت ليلعب معها تحت شجرة الموز كما تعودت كل يوم، وبعد أن طال انتظارها خرجت تبحث عنه في الحديقة المجاورة لمنزلها، فوجدته يلعب هو وأمه الكلبة الكبيرة مع أصدقاءجدد، فنادت عليه فتوجه إليها بضع خطوات ثم نظر إليها بحزن، ثم عاد ليلعب مع أصدقائه الجدد.. حزنت “توتة” التى لم تفهم تصرف الجرو الصغير “توتو”، ذهبت لأمها وحكت لها ما حدث، فقالت لها أمها لكل شئ سبب فجميع الحيوانات تحب أصدقاءها.
لما وجدت الأم أن الصغيرة “توتة” لم تفهم تصرف الجرو الصغير “توتو” أرادت أن تهدأ من روعها وعرفتها أن لكل شئ سبب، وأن الحيوانات ترتبط بأصدقائها فهى تشعر وتحس بمن يحبها، وهى دعوة كي تبحث “توتة” عما ارتكبته في حق هذا الجرومن خطأ، ومن ثم جاء اعترافها بأنها عنفته وضربته على رأسه حينما كانت تلعب بعروستها معه، وإذا به يجذب شعر عروستها “بسبوسة” ويقطعه مما أغضب “توتة” كثيرا.. وقامت وأحضرت عروستها لتريها لأمها:
- انظري! انظري يا أمي ماذا فعل توتو بشعر بسبوسة؛ جعلها صلعاء من غير شعر.
- نظرت لها الأم بحنان قائلة: حبيبتي إنه صغير لا يعي، ولا يقصد، أن يضرك أو يؤذي بسبوسة، فقد أراد أن يلعب بطريقته الطفولية، وتعامل معك كما يلعب مع أقرانه الصغار من الجرار أو مع أمه، ألا تلتمسين له العذر، يجب أن تترفقي به فهو حيوان صغير ومازال ضعيفا، كما أنه لا يستطيع الكلام كي يشرح لك؛ بل يحتاج منك الحماية والحنان.
ومن ثم، فإن الدور الذي قامت به الأم دور إيجابي في توضيح سلوك الجرو الصغير “توتو” نحو “توتة” وابتعاده عنها، واعطائها الفرصة للتفكير في حل لمشكلتها، وهي دعوة للاعتماد على النفس في التفكير في حلول لما يقابلنا من مشكلات حياتية، لذا فكرت “توتة” في الحل.
ومن ثم بدأت “توتة” تبحث عن حل لمشكلتها، فسألت أمها قائلة: وكيف أسترد صداقته الآن يا أمي؟
اقترحت الأم عليها أن تتنازل عن قطعة الدجاج الخاصة بها وتذهب وتقدمها للجرو الصغير كنوع من التقرب إليه مرة أخرى.. وبالفعل حينما ذهبت إليه وملست عليه في حنان استجاب لها وجلس معها تحت شجرة الموز يتناول قطعة الدجاج، ويلعب معها في مرح وسعادة.. وصالحت الأم “توتة” في نهاية القصة بأن اشترت لها عروسة جديدة.
أرادت المؤلفة أن تقول: ألا نتسرع في الغضب، وأن نفكر قليلا قبل أن نتصرف ونحن في حالة غضب، ف”توتة” غضبت من تصرف “توتو” وقست عليه واعتدت عليه بالضرب، وهذا سلوك عدواني وعنيف، وكان رد فعل الجرو أن ابتعد عنها وخاف من قسوتها..
ولكن “توتة” اعترفت بالخطأ وسعت لتصحيحه، وهذه رسالة إيجابية ترسخ لمعنى الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، وهذا لا يقلل من قيمة الإنسان بقدر ما يرفع من شأنه.
كما يجب أن يكون لدينا رأفة ورحمة بالحيوان فهو يشعر ويحس ويفرح ويتألم مثل الإنسان، وكما يقول الحديث الشريف: “فقد دخلت إمرأة النار في هرة حبستها لا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض”.. فديننا الحنيف هو دين الرحمة والمودة..
جاءت لغة القصة بسيطة ودالة على الحدث وموظفة بعناية لخدمة المضمون، ومقتصدة ليس بها ترهل يضر بالقصة.
أما القصة الثانية (مدينة الملاهي) وهى قصة قصيرة جدا لا تتعدى صفحة ونصف صفحة من صفحات الكتاب، عبارة عن حلم حلمت به الطفلة ليلى أنها شاهدت افتتاح مدينة الملاهى العملاقة، وتساءلت من سيدخل الملاهى وجميع أهل القرية فقراء، ودخلت إلى الملاهى واستمتعت بالمهرج، وركبت الأرجوحة الدائرية المكونة من عدة عربات، وغيرها من الألعاب، وأثناء ذهابها لتناول الآيس كريم شعرت بيد تحنو عليها وصوت يناديها: ليلى ليلى استيقظى حبيبتي حان موعد المدرسة.
وحكت ليلى الحلم لأمها، وحكت الأم لزوجها والذى بدوره حكى لرجال القرية، ومن ثم فكر الجميع في اسعاد ليلى وأطفال القرية الفقيرة..
ومن ثم تفتقت أذهان أهل القرية عن فكرة التكافل وكيفية اسعاد ليلى وأطفال القرية، وتحقيق الحلم في وجود ملاهي يلعب فيها الأطفال وتكون مصدرا لسعادتهم، فتبرع النجار بالخشب وصنع أرجوحه دائرية مكونة من عدة عربات، وعدة أرجوحات مشدودة بالحبال، ووضعوا ما صنعه أهل القرية في أرض مهجورة بعدما نظفوها وزرعوا بها الحشائش والزهور الجميلة، وصنعت نساء القرية حلوى لذيذة، ودعا شيخ القرية الأطفال جميعا يوم الافتتاح… وتحقق حلم ليلى في أن يكون في قريتهم ملاهي جميلة.
فكرة القصة رائعة لأنها قائمة على فكرة التكافل والتي انتهت من حياتنا، وكان هذا التكافل موجودا في الريف المصري قديما وكان أهالي القرى يتكافلون في أفراحهم وأتراحهم، ولازالت موجودة بنسبة بسيطة في الريف المصري، ولكنها بدأت في الاختفاء خاصة في المدينة..
كما تقول القصة أيضا إن الحلم من الممكن أن يتحقق لو وجد الاهتمام اللائق به، وأن معظم الاختراعات والمشاريع الإنسانية الكبرى كانت محض خيال، ثم أسعدت البشرية بعد ذلك بعدما تحققت في صورة اختراعات حديثة أفادت البشرية ويسرت على الناس.
دخلت المؤلفة إلى القصة من أول سطر فيها دونما مقدمات ولا حشو غير مفيد، وهذه سمة جيدة من سمات كتابة القصة للأطفال، أن تركز على فكرة واحدة يصل بها الكاتب إلى النهاية.